عن شيء ما .. هل حقًا اليد الواحدة لا تصفق؟
هل الإنسانية قادرة على تحويل الحياة على الأرض إلى جنة ؟
حنان بديع
هل نؤثر السلامة ونمشي بجانب الحائط كما تعلمنا وتوارثنا، أم نتدخل بالقول أو الفعل آملين تغيير واقع لا يعجبنا ولا نراه صائبًا أو عادلًا، واقع قد لا أو لن يتغير، ومُحاولة تغييره مُغامرة غير محسوبة النتائج، تُرى ما الذي يدفعنا للمواجهة والمُقاومة؟
ما الذي يدعونا لمُشاكسة الحياة بدل مُسايرتها؟ هذه الأسئلة لا بد أنها راودتنا جميعًا في لحظة ما وفي موقف ما، عندما نشعر أننا لا نستطيع تغيير الواقع وأن اليد الواحدة لا تُصفق، فهل حقًا اليد الواحدة لا تفعل الكثير أو القليل؟
هل الحرص والتردد يحمينا ويحفظ حياتنا في عصر الظلم والقهر؟ ذلك أن قرارًا قد نتخذه في بعض المواقف قد يُكلفنا أكثر مما نتصور، بعض هذه القرارات لا يمكن التراجع عنها والعودة بالزمن إلى الوراء، نعم الحياة لا تسير وفق رغباتنا كالرياح تمامًا لا تسير كما تشتهي السفن.
هذا ما يجول بخاطرنا عندما نتأمل مشاهد الظلم والمُعاناة من حولنا، مشاهد نتردد أمامها، هل نُحاول تغيير واقع راسخ، فمن نحن لنتمكن من التغيير، نحن مجرد أفراد في مُجتمع كبير لا يبالي!
يعتقدُ مُعظمنا أن هذه سُنة الحياة، هذه الحياة، حياة قائمة على الفوضى والتناقضات، فكيف نحلم بالعدالة، قائمة على الألم فكيف نحلم بالسعادة، قائمة على المُعاناة فكيف نحلم بالراحة، قائمة على الطبقية فكيف نحلم بالمساواة، قائمة على القلق من الغد بكل احتمالاته فكيف نحلم بالطمأنينة؟
السؤال الأهم، هل الإنسانية في عصر الحضارة والتقدم التكنولوجي قادرة على تحويل الحياة على الأرض إلى جنة، لا بؤس فيها ولا كوارث ولا أمراض، ولا جوع ولا مُعاناة ولا حروب..؟ هل نستطيع أم أننا لا نريد أو لا نهتم؟
فعلى سبيل المثال، يتحكم الحمض النووي في الوقت الحاضر بالحياة على الأرض، وبعض جينات هذا الحمض تتسبب في أن يستوطنَ الألم والمرض الكائنات الحية في عالمنا، إلا أن علم الأحياء في الألفية الثالثة سيسمح لنا بإعادة كتابة المادة الوراثية، وتصميم النظام البيئي العالمي من جديد، ونقل الجينات المُبرمجة مُسبقًا إيذانًا ببدء الحقبة الجديدة وعالم جديد خالٍ من القسوة، وهو أمر بسيط من الناحية النظرية، ومن المُمكن تقنيًا، بل وعاجل من الناحية الأخلاقية، لكن لماذا يبدو مُستحيلًا أمام واقع آخر للحياة على هذا الكوكب، حياة لا تبدو ممكنة بلا حروب ومُعاناة على اختلاف أشكالها وأسبابها.
يقول توماس أديسون: «إن الفكرة الجيدة لا تضيع ولو مات صاحبها من دون أن ينشرها، فيومًا ما ستولد في عقل شخص آخر».
نعم لهذا أكتب فكرتي ولو لم أستطع تغيير الواقع لكني أتمنى لو أستطيع، أتمنى لو أن اليد الواحدة تُصفق، أتمنى لو أن فكرتي تولد في عقول ملايين الناس حتى تبدو ثورة فكرية على عالم بائس وقاسٍ كان بإمكاننا نقله إلى عالم أجمل وأكثر رحمة وسعادة، عالم يشبه الجنة لا الجحيم.الراية