الكشف عن التوافقات الاولية التي حققها الوفد العماني اثناء زيارته صنعاء
عدن اوبزيرفر -العرب: كشفت مصادر سياسية يمنية مطلعة عن نجاح وفد الوساطة العمانية الذي غادر صنعاء الأحد في إحداث اختراق مهم في مسار المفاوضات الرامية إلى استئناف الهدنة الأممية في اليمن والشروع في مشاورات سياسية بين الحكومة اليمنية والحوثيين.
وقالت المصادر في تصريحات لـ”العرب” إن الوفد العماني عاد إلى مسقط لنقل نتائج المفاوضات التي أجراها مع قادة جماعة الحوثي والتي أفضت إلى تفاهمات أولية حول تنفيذ بنود وقف إطلاق النار والترتيبات الإنسانية المتعلقة به، والتي تتضمن صرف رواتب موظفي الدولة في مناطق سيطرة الحوثيين وفتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء وتبادل الأسرى.
وأشارت المصادر إلى وجود نقاط خلاف رئيسية متصلة بالملف العسكري والضمانات ما تزال موضع خلاف سيتم طرحها لنقاش إضافي. ولفتت إلى إرجاء المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ زيارته إلى صنعاء حتى اكتمال التوافق على بقية النقاط الخلافية ومن ثم إعلان التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة خلال زيارته المرتقبة.
وحذرت ذات المصادر من إمكانية تعثر التفاهمات التي تم التوصل إليها في اللحظات الأخيرة، كما حدث في مشاورات الكويت ومحطات سابقة من بينها مساعي الأمم المتحدة لتمديد الهدنة الأممية، مشيرة إلى أن ارتباط القرار الحوثي بطهران ما يزال أحد أبرز التحديات التي تهدد بإجهاض أي اتفاق محتمل بين الحكومة اليمنية والحوثيين.
وأعلنت جماعة الحوثي الأحد أنها أجرت مع وفد عماني “نقاشات جادة وإيجابية” تمهد للسلام في اليمن.
وقال رئيس فريق المفاوضات المتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام في تصريحات أوردتها قناة “المسيرة” الفضائية التابعة للجماعة الموالية لإيران “استمرارا للجهود التي يبذلها الأشقاء في سلطنة عمان، غادر الوفد الوطني (يقصد فريق الحوثيين المفاوض) إلى مسقط (برفقة الوفد العماني) بعد إجراء نقاشات جادة وإيجابية (بين الجانبين في صنعاء)”.
وأوضح عبدالسلام أن “النقاشات (مع الوفد العماني) جرت حول الترتيبات الإنسانية التي تحقق للشعب اليمني الاستقرار وتمهد للسلام الشامل والعادل وإنهاء العدوان والحصار”، دون تفاصيل أخرى.
واختتم الوفد العماني الأحد زيارة إلى صنعاء بدأها الثلاثاء وأجرى خلالها مباحثات مع قيادة جماعة الحوثي بشأن جهود إنهاء الأزمة في اليمن.
وغرّد مستشار وزير الإعلام اليمني مختار الرحبي عبر حسابه في تويتر بقوله “عودة الوفد العماني من صنعاء مع أخبار جيدة عن المشاورات بين السعودية والحوثيين بوساطة عمانية”.
ورغم ما يشاع من أجواء إيجابية، لكن الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر استبعد إمكانية التوصل إلى اتفاق حول استئناف الهدنة الأممية في اليمن، معتبرا أن مصدر الحديث عن إحراز الوساطة العمانية تقدمًا حتى الآن هو الجانب الحوثي والإخواني، في سياق “الحرب النفسية التي يخوضها الحلف (الإخواني – الحوثي) بهدف إفشال مجلس القيادة الرئاسي، على اعتبار أن التحالف العربي انصاع للشروط الحوثية، وتجاهل الحكومة اليمنية وتحاور مع الحوثيين مباشرة”.
ولفت الطاهر في تصريح لـ”العرب” إلى أن المعلومات الواردة تتحدث عن انتزاع الوساطة العمانية موافقة حوثية لكنها غير أكيدة بوقف العمليات التي تنفذها الجماعة على الموانئ النفطية اليمنية، بما يسهل للحكومة اليمنية توريد عائدات النفط الخام الذي سيتم تصديره إلى الأسواق العالمية.
وأضاف “هذه الموافقة مقابل الدخول في مفاوضات مع الحكومة اليمنية بشأن الرواتب التي تكون من عائدات الموانئ اليمنية بما فيها موانئ الحديدة التي يرفض الحوثيون حتى اللحظة الموافقة عليها”.
وأكد الطاهر أن “الحديث عن إحراز تقدم نحو عملية السلام لا يزال سابقا لأوانه، لأن الحوثيين لا يريدون إلا تنفيذ شروطهم أولا، والمتمثلة في فرض مطالبهم المجحفة على الحكومة الشرعية دون تقديم أي تنازل حقيقي، ما يعني انتصار الحوثيين في هذه الحرب، وهذا غير مقبول”.
ويرى مراقبون أن التفاؤل المفرط حيال أي ردود فعل إيجابية قد يكون طرحها الحوثيون خلال استقبال الوفد العماني في صنعاء أمر لا يمكن الركون إليه استنادا إلى تعدد القيادات داخل الجماعة وارتهان قرارها النهائي بالموقف الإيراني الذي ليس من مصلحته التوصل إلى اتفاق لا تكون مصالحه الإستراتيجية حاضرة فيه.
ورجحت المصادر أن يوافق الحوثيون على تنفيذ الشق الإنساني من اتفاق تمديد الهدنة الذي يعزز مكاسبهم الاقتصادية ويلزم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين، وهو ما يعني تخفيف حدة الضغط الشعبي الذي تتعرض له الجماعة نتيجة توقف الرواتب منذ الانقلاب.
ويؤكد خبراء أن العامل الاقتصادي سيكون حاسما في أي اتفاق نظرا إلى متطلبات الحكومة الشرعية أو الحوثيين في هذا الجانب الذي ولد حالة احتقان شعبي في الجانبين.
وقال الباحث الاقتصادي اليمني عبدالحميد المساجدي إنه مع نهاية الهدنة الأخيرة في أكتوبر الماضي وعدم نجاح جهود توسيعها أو تجديدها صعّدت جماعة الحوثي من الحرب في الناحية الاقتصادية باستهداف موانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة وما سببه ذلك من توقف لتصدير النفط وحرمان الحكومة من عوائد جيدة تسهم في موازنة الدولة.
وأشار المساجدي في تصريح لـ”العرب” إلى أن القصف الحوثي تزامن مع مفاوضات حول بنود الملف الاقتصادي مثل الرواتب وفتح موانئ الحديدة وتدفق سفن الوقود، بحيث رفع الحوثيون سقف شروطهم بضرورة تسليمهم جميع رواتب موظفي الدولة في مناطق سيطرتهم، قبل أن يرفعوا هذا السقف إلى ضرورة تقاسم إيرادات النفط باعتماد قاعدة صرف رواتب الموظفين وفق ميزانية النفط والغاز لعام 2014.
وحول الملفات الاقتصادية التي يمكن أن تدخل في إطار المباحثات على تمديد الهدنة، أضاف المساجدي “طالما نجحت إستراتيجية الحوثيين في وقف صادرات النفط فهم بكل تأكيد لن يتنازلوا عن شروطهم التعجيزية، بل سيضغطون على الحكومة في ملفات كالبنك المركزي والسياسة النقدية والعملة بشكليها القديم والجديد، والجبايات الجمركية، وغيرها من الرسوم السيادية كملف الاتصالات وعبور الأجواء”.
وتابع “من المعروف أن الحرب على الجبهات توقفت رغم عدم تجديد الهدنة، بما يعني أن الخلاف حاليا حول بنود الملف الاقتصادي، بحيث يرغب الحوثيون بعودة البنك المركزي إلى صنعاء وتوريد جميع عائدات الدولة من كل المحافظات إليه قبل الاتفاق على أي آلية لتسليم الرواتب، وهذا بمثابة شرط تعجيزي، إذ لا يعقل أن تسلم الشرعية جميع الإيرادات إلى الحوثيين وتنتظر منهم أن يصرفوا لها نفقاتها التشغيلية”.