قراءة نقدية في قصيدة الدكتورة مفيدة الجلاصي جدليًة الموجود والمنشود في قصيدة دون عنوان مناشدة
بقلم : حبيبة محرزي:
إن يغيب العنوان عن القصيدة فلانه مضمر بل هو المشترك بين الشاعرة والمتلقي خاصًة وان الزمن مرتبط وثيق الصلة بالحدث “تحترق سفن الرحيل:
على مشارف شواطئ الهوى
والاحتراق يعني الاختراق والضياع والعدم المبين ليكون للشاطئ بمشارفه وظيفة احتوائية
“بظلال السماء المنسكبة”
.مشهد يلملم أسى اقترن بالعلة وسببها والعبرات والرثاء ومن ارتحلوا”غياب ووجع ووحدة وقتامة تجعل الملاذ في القصيدة في استدراك واستثناء بيًن “وإذا القصيدة” هي البديل لكنها متبعثرة الحروف “تتأوه , تولول” في حركة تدميرية بفعل فاعل متجبًر استعاريً “رياح السّموم” لتحلً أفعال الحركة الشديدة “تهزً” والفاعل “رياح السًموم” المذنبة في حقّ
من كتبوا على جبين الايام قدرهم
ليصبحوا شاهدين على العصر حافظين لحقائق تاريخيّة ثابتة وسط اريج طبيعيً يجمًل ما قبح ويحيي ما فني
“تستنشق عبير الياسمين..
تشدو…الطيور المهاجرة”
هو الامل المنشود الذي يصدم بالحقيقة في انزياح مشهديّ بحثا عن الأمن والامان لكن المكان متغير متحول في معادلة موضوعية بين الحاضر المرتبك وما تأمله الشاعرة وكل كائن حي .”الطيور “برمزيتها العميقة السيميائية الوجودية المحلقة في فضاء الحرية والانطلاق والجمال.
مدن تئن ..
عواء شوارعها …
نهب للعابثين ..
اختطفوا…”
ليكون التقاطع والتقابل بين الموجود على أرض الواقع والمؤمّل من الشاعرة والطيور المهاجرة الباحثة عن
الفرح الموعود…
ليحل الخيال والتمني محلّ الواقع الموبوء .في مشهد فارق بين من ينتظر ويتمنى ومن يحرق ويعدم ويهدم .
الشاعرة وان أقامت قصيدتها على معجمين متقابلين متضادين فإنها تبغي الصدق والسمو والامل في حياة هادئة تتملًص من العابثين الضارين المتوحًشين .
قصيدة بكم من الصور الشعرية التي تغوص في الذات المكلومة جراء خيبة أمل .
امل اندثر بين الجحود والعنف والاجرام في حق من ينشد الحياة الطيبة الآمنة والتي تظل في عداد الرجاء والتمني.
حبيبة محرزي
ذات صباح مختلف.
عندما تحترق سفن الرحيل
على مشارف شواطئ الهوى
تنسكب ظلال السماء
على أديم فؤادك العليل
وقد اختنقت العبرات
في دروب الحنجرة
ترثي من ارتحلواٍ.. وأما
حروف القصيدة فإنها تتأوه
تولول بين جنباتها رياح السموم
تهز عروش من كتبوا
على جبين الأيام قدرهم
موسوما بشهادتهم
تؤرخ لمخاض ملاحم النصر
في جغرافيا عهود البطولة
حيث تحلق الروح
لتستنشق عبير الياسمين
على ربوع وطن يترنم
على إيقاع عزف قيثارة الحب
تشدو على أوتارها الطيور المهاجرة
حلقت على ربى مدن تئن
من خواء شوارعها…وقد
باتت نهبا للعابثين اختطفوا
من العيون بهجة الفرح الموعود
تغازل شعاع الشمس على الشرفات
تناجي طيف امل في الذرى
ظل رابضا في سكون عتمة الليل
منحوتا على مرايا الذكرى
عساها تدرك ما كانت تتمنى
(الدكتورة الشاعرة مفيدة الجلاصي)