ميناء عدن
كمال باوزير
نلاحظ الاهتمام المتزايد من دول اقليمية وعالمية بميناء عدن العالمي سابقا والراكد لاحقا .. وشبه المتحرك حاليا ….
فمن المعروف ان الموانيء البحرية بشكل عام تمثل الرافد التجاري والاقتصادي والسياحي لاي بلد يمتلك ميناء .. فمابلكم بميناء (حباه الرحمن) بمقومات استراتيجية لاتمتلكها موانيء كثيرة عالمية او اقليمية من حيث الموقع المطل على البحر الاحمر وبحر العرب.
فميناء عدن كان قبل 67م من الموانيء العالمية .. وهناك من يتهم قيادة مابعد الاستقلال بتدهور الميناء ومنهم من يقول ان السياسة الاشتراكية هي من قضت على هذا الميناء …
لاننكر ان السياسة لعبت دورا في اهمال وتهميش الميناء (ميناء عدن) ولكن ليست السياسة الداخلية فحسب وانما تداعيات السياسة العالمية التي جاءت حصيلة الحرب العالمية الثانية وتحرير الشعوب او كما سمي وفق (عصبة الامم المتحدة) تصفية الاستعمار وحق الشعوب في تقرير مصيرها … فجاءت ثورة 23 يوليو المصرية ومارافقتها من نجاحات واخفاقات وتٱمرات داخلية وخارجية وفرض الكيان الاسرائيلي في فلسطين .. أثرت وتأثرت بلدان عربية عدة ومنها الجنوب العربي الذي كان بعرف حينها ب(اليمن الجنوبي او الديمقراطي لاحقا) نتيجة تلك السياسات … فإغلاق قناة السويس في وجه الملاحة البحرية الدولية اثرت على ميناء عدن تأثيرا كبيرا قرابة العقد … ووجدت حينها موانيء بديلة .. وتطورت صناعة السفن الى سفن تجارية كبيرة اضافة الى صهاريج وناقلات نفط كبيرة لتغطية تكلفة الرحلة وطول المسافة التي كانت تبحر عبر رأس الرجاء الصالح بعد اغلاق القناة ابان حرب 67م لتصل الى اوروبا او امريكا او اية وجهة عالمية.
وعند اعادة فتح وتطهير قناة السويس من السفن الغارقة والالغام البحرية بعد انتصار اكتوبر 73م المصرية العربية .. كان قد تم استحداث البنية التحتية في الموانئ المطلة على البحر الاحمر وخليج عدن … الا ان ميناء عدن بقي على حاله رغم محاولة حفر وتعميق الميناء .. الا انه لم بستفاد منه بالشكل الامثل نظرا لما ولدته الاوضاع السياسية العالمية بوجود قطبين عالميين تمثلا بالاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الامريكية وكل قطب تبنى نهجا وفكرا نقيضا للٱخر (رأسمالية واشتراكية) .. فالجنوب لم يكن بمنأى عن ذلك .. فكان مقدرا له ان يكون ضمن القطب الاشتراكي .. مما حدا بالقطب الٱخر والمنضوين في حلفه الى محاولة تفكيك الحلف الاشتراكي من خلال الضغوط الاقتصادية والسياسية والتي بدورها اوصلت ميناء عدن الى نقطة ماقبل الصفر.
فالدول الكبرى تتنافس اقتصاديا فتم ترسيم الخط الاقتصادي القادم والمتمثل ب(طريق الحرير) اضافة الى المنطقة الاقتصادية الكبرى (نيوم) لتعود الانظار الى ميناء عدن .. ولكن للاسف الميناء متخم بمعضلات عدة وضعت بقصد او بغير قصد .. نتيجة اطماع خاصة وقرارات ارتجالية لم تراع فيها ادنى مستوى من المسؤولية وذلك ببيع او تأجير جزء مهم ومساحة كبيرة من الميناء لصالح بعض البيوتات التجارية لتشىء عليها منشٱت لشركات خاصة … دون وعي او ادراك بإن الميناء والبلد ككل ملكا للشعب وليس للحاكم حق حيث اي كان .. فالحكام زائلون والشعوب هي الابقى.
فتلك احدى المعضلات التي ستقف عائقا امام تطوير او استغلال موقع الميناء الاستراتيجي ككل بما فيه المنطقة الحرة ولن يكون قادرا على استيعاب التجارة العالمية لخط الحرير …
فهل هناك أمل في استعادة ميناء عدن كسابق عهده … ام سيظل الميناء كما هو بحيرة راكدة وتٱكل لارصفته ومخازنه وٱلياته.
كمال باوزير