كتاب عدن

اذا ذهبت السكرة حضرت الفكرة 220 مليار دولار


بقلم/ حيدره القاضي

مازالت نشوة المونديال متوهجة واجواء احتفالاته مستمرة في مدينتي بوينس أيريس الارجنتينية والرباط المغربية , في وقت خبت سكرته في قطر وباقي العالم
شهر من المتعة والاثارة والحماس قدمت شبه الجزيرة الصغيرة نموذجا استثنائيا لمونديال هذا الموسم , بحلة عربية خالصة, مرصعة بهوية حضارية للإنسانية جمعاء , اعاد الثقة لشباب العرب الغارق في نكسات واقعه المحلي , والمنبهر بالخارج وثقافة افلام هوليود وتطبيقات التيك توك , رفرف اسم قطر في كل ارجاء المعمورة , وغير الصورة النمطية السوداوية في ذهنية الاخر عن العربي المتوحش مهدد الحضارة والسلم والامن العالمي , قدرة هائلة ابدتها دولة قطر في الاعداد والتنظيم والاستقبال والضيافة لجموع القوم الواردين من كل فجاج الارض وصوبها , سعدت الانسانية جمعاء بهذا المونديال وذابت كثير من شوائب الاعلام السياسي والدعائي ,عكست المنطقة صورة حضارية مخالفة للسائد بكل ابعاده , تكللت بنجاح سياسي واعلامي لدولة قطر من خلال افضل نسخة لمونديال كاس العالم….. ولكن بعد سكرة الحماس الرياضي ونشوة الامتاع حد الثمالة أتى يوم الثامن عشر من ديسمبر وأتت معه “الفكرة “والنهاية والمفارقة بل والتأمل ب .. 220مليار , المفارقة التي لفتت اهتمام كثير من المتابعين انه في الوقت الذي يختتم فيه مؤتمر المناخ العالمي كوب 27 بمدينة شرم الشيخ في مصر, وسط الحاح ومطالبات الدول الصناعية تمويل البلدان الفقيرة في منطقتنا العربية والافريقية , لرفع من كفاءة بنيتها التحتية لمواجهة الكوارث الطبيعية ومعاناة ازمة الغذاء , من خلال انشاء صندوق تمويل لهذا الغرض.. في ذات الاسبوع يفتتح مونديال كأس العالم في قلب هذه المنطقة التي تعاني من الفقر وشح الموارد , نجم عنها صراع وحروب وحمام دماء نازف ..المفارقة الاخرى هي تزامن اختتام مونديال كاس العالم في قطر مع اختتام القمة الامريكية الافريقية الذي تمخض عنها تمويلا امريكيا للقارة السمراء, ب55 مليار دولار لحل بعض مشاكلها, التساؤل المطروح هو لو انشاء صندوق دعم عربي في مساحة جغرافية جرزا وتجمع ديمغرافي مدقع الفقر والعوز يحاط ببلد انفقت , 220 مليار دولار لإقامة فعالية ترفيهية اَنية, اجزم ويجزم الكثير من المهتمين لو انفق ربع هذا المبلغ على اليمن التي تعاني اسوأ معاناة انسانية في هذا العصر , ومثله في سوريا التي دمرها الحرب وأكل أخضرها ويابسها , وكذا الحال في ليبيا التي تعيش وضعا اشبه بشقيقاتها , اثق بانه لو حصل ذلك لجعل شعوب تلك البلدان امنة مستقرة متعايشة لعقود من الزمن ,لان سبب ما يجرى في بلدانهم هو الفقر وقلة الحيلة, الظروف المعيشية الصعبة التي تعاني منها هذه البلدان ايضا تدفع الشباب الى الهجرة بشتى الطرق والوسائل, تؤدي بهم في كثير من الاوقات الى الموت غرقا او الهلاك في حدود بلدان عالم المثل والامنيات “الغرب ” , و منهم من يضطر الى تغير ديانته وقيمه كي يحظى بتأشيرة الى ذلك العالم … الحضارة والانسانية والعروبة هي انقاذ ودعم ما يقارب من مائة مليون مسلم في هذه الدول الثلاث اليمن وسوريا وليبيا , وهذا اصدق من بهرجة اعلامية واثارة عاطفية و اعلان الشهادتين لمائتين زائر قادم من مشارق الارض ومغاربها في اجواء احتفالية دعائية , وبيئة رياضية صاخبة ,لا يقبلها عقل او منطق دخول هولاء الاسلام ..

*من حديث العقل والواقع المتجرد من العاطفة وسكرة* الحماس والترفيه الاَني

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى