الفعل الإستراتيجي المنظم البعيد عن ردود الأفعال هو المطلوب
صالح شائف
الشعب الذي ينتصر لهدفه ومشروعه الوطني بعظيم التضحيات وبسخاء وطني نادر وبعزة وشموخ رغم كل آلامه وجراحه ومعاناته؛ ويسعى حثيثاً لإستعادة سيادته وكرامته وحريته ودولته الوطنية الجنوبية؛ ويتمتع بإرادة وطنية صلبة ويمتلك كل مقومات الصمود والثبات والمواجهة؛ لا يمكن ومن غير المقبول حبسه في إطار دائرة ردود الأفعال عند كل فعل مضاد لإرادته وحقه المشروع؛ أو لأية ضربة يتلقاها من خصومه وأعدائه وبأي صورة كانت؛ ويعلو حينها الضجيج والتشنج والإنفعالات غير المنضبطة والتي سرعان ما تخبو ويختفي كل ذلك بعد فترة وجيزة وتأتي أحياناً بنتائج سلبية.
ففي حالة البقاء الدائم في إطار رد الفعل إنما يعكس ذلك مع الأسف الموقف المشوش وربما المرتبك ولأسباب داخلية وخارجية كثيرة؛ وما يستتبع ذلك من ضعف وغياب أو تغييب للدور الإستثنائي المطلوب للقيادات والنخب السياسية والوطنية الجنوبية المختلفة؛ ومحاولة شل قدرتها على تسيير دفة الفعل الإستراتيجي المنظم الذي يعكس قناعاتها الوطنية ووضوح الرؤية لديها وثبات السير نحو الهدف دون أن تتوه في دهاليز التحالفات المؤقتة التي فرضتها الظروف القاهرة؛ ناهيك عن المشبوهة وغير الجادة؛ بل وتلك التي تضمر العداء للجنوب وقضيته وتتخفى خلف قناع الشراكة المزعومة وهي الخطر الماثل اليوم وبكل وضوح والشواهد على ذلك كثيرة خلال فترة ما بعد إتفاق الرياض في نوفمبر ٢٠١٩م وحتى تشكيل مجلس القيادة الرئاسي وما حصل خلال ثمانية أشهر من تواجده.
إن الموقف يتطلب التعامل الحاسم والمنظم والمدرك لطبيعة كل خطوة وبحسابات دقيقة لنتائجها وتداعياتها المحتملة؛ والمدرك بوعي لطبيعة الأوضاع القائمة حتى يكون للفعل السياسي حضوراً قوياً ومتماسكاً بين صفوف الناس ولا تدخلهم في متاهات ردود الأفعال الآنية التي تختلط عليهم فيها الأوراق وتربك حركتهم المنظمة نحو هدفهم وبما يجعلهم في حالة يقظة تنتظم فيها صفوفهم وتتضاعف فيها قدراتهم على خوض غمار التحديات وبثقة ونجاح مهما كانت المصاعب والعراقيل التي تنتصب في طريقهم.
ولعله من المهم التذكير هنا بأهمية الدور الذي يلعبه الحوار الوطني الجنوبي وضرورة وصوله إلى محطة التوافق الوطني العام وبأسرع وقت ممكن؛ ففي ذلك يكمن طوق النجاة للجنوب وقضيته؛ فالسقف المفتوح للحوار لا يخدم الهدف الذي يبتغيه الجميع ويأملون به وعبره توحيد وتأمين جبهة الجنوب الداخلية.