ادب وثقافة

الصياد والبحر

قبل ان تشرق الشمس يغادر الصياد منزله حامل متطلبات الصيد ، يجر الخطى الى مكانه المألوف والأمل يملأ كل كيانه وجوانحه ،
وهدفه الاسترزاق في البكر، وطلب الرزق من بيده مفاتيح الارزاق ،يحدوه التفاؤل في البركة بالبكور، يرافق وصوله أستضاءة صباح وشعاع شمس منسلا من السماء بلطف وهدوء لتحضن حركات مياه البحر ومنعطفاته فيتدغدغ ويبتسم لمعانا ورونقا وجمالا،
وكأنما التقى حبيبان أظناهما البين ومرارة الفراق، تعانقا بشوق وقشعريرة لذة الحب وطول الغياب ،
وبين خدريهما تلتصق أحلام عشيق يتربص بهما صباحا مساء ، بغية نيل المطالب والحصول على المقاصد المادية والمعنوية المتمثلة بملئ الجيوب بالدنانير والوجدان بالنسيم العليل وأمتاع العين باضواء الشروق ولذة المعرفة للمجهول
بحر زاخر تغرورق عيناه بدمع العطف وشجى المحبين، فيرمي من أحشائه الخير الثمين لحما طريا وبعض من نفائس البحر يلتقطها الصياد بشبكته وعدته وهو في مكانه الذي يرقب به الأشياء من محوى البحر..
ثنائية البحر والصياد وقداسة الارتباط والتعاون أشبه بطفل يحتلب ثدي أمه كلما تقلصت جدران معدته وشعر بالجوع عاود يجر زنمة الحليب الى فمه
أو كعشيق سقى لواعج حبه حتى ارتوى..
سمكة أشبه بعجل سمين أشفقت على الصياد اللي طال أنتظاره لفريسته
فأمسكت بحدبة خيطه ليشد بقوة الى الاعلى لتسقط على اليابسة عطاء ثريا وطعاما شهيا،، كلوا من طيبات مارزقناكم،،
وأخرى في الشاطئ الاخر ( حوت) تنتظر الصياد بنفسه فريسة لها تطبيقا لمبدأ الحياة أخذ وعطاء
تكتنف البحر مخاطر لكنها عند الصياد ضرب محب وصفعات تأنيب ولوم من حبيب أثقله سهاد المقل فأخذ غفوة ليشاهد بعدها خليله في منأئ فركض خلفه وأنهل عليه ضربا،، ضرب المحب كباس،، كما يقولون
تحفتان جماليتان هما البحر والصياد يعلمانا زخم النجاح والاخفاق والحب والارتباط
فاذا غنم المتربص بالرزق ماديا وتعثر معنويا فهذا يعني ان الفكر لم ينل شيئا يغنيه كوقود تعينه لمزيد من الصبر والتحمل فيجرأذيال الخيبة والهزيمة سريعا ،وان ظفر بفريسة تلو اخرى، لاتجدي نفعا عند فكر متصحر لم يستشف من جمائل وخمائل ومحاسن وعراقل ومتاعب البحر الواسع مايمتلئ ويستغني بها فكره وخياله ..
واذا أغترف الفكر من البحر كل شيء معنوي وحسي كالجمال والصفاء والهدير والهدوء والانسياب الرائع والحركة المدية والجزرية
تخلد لهما النجاح وأفل الفشل وان بدت معالمها غير ذلك ،
ديدن حياتهما المستمرة على هذا المنوال تذوب معها كل تعقيدات وعوائق
تتطوع الحياة في أيديهم
فيكون للنجاح النصيب الاوفر،
لنتعلم منهما دروس عدة في :
حسن الانتفاع
والاخذ والعطاء ..
وفي الصبر والتحمل
والجد والاجتهاد
المغامرة وركوب المخاطر
سعة الصدر، والنفس الطويل
السعي لتحقيق الاهداف
الانصياع لكل مجدي ونافع
الاستمرار في تحقيق الغايات

علوي سلمان

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى