الدرس القادم من شبوة
“عيدروس النقيب “
ظلت محافظة شبوة تمثل الخاصرة الرئيسية للجنوب في مجمل التحولات السياسية والامنية والعسكرية على مدى عقود وقرون، ليس فقط منذ حرب الغزو والعدوان عام ١٩٩٤م، بل وطوال فترات محاولات الغزو والاجتياح من قبل حكم الأئمة للجنوب ومناطقه الشرقية والغربية وحتى ما قبل وما بعد الاستقلال الوطني في نهاية العام ١٩٦٧م.
لم تكن شبوة المحافظة بمناطقها الجغرافية ومكوناتها القبلية قط، بمأمن من قبل اعداء الوطن الجنوبي ونظامه الفتي طوال ما بعد الاستقلال ، وما يزال كل من عايش مرحلة البناء الوطني خلال نهاية الستينات وطوال السبعينات يتذكر كل الاعمال التخريبية التي تعرضت لها المحافظة على ايدي المرسلين من قبل حكام صنعاء طوال تلك الفترة والتي تواصلت حتى نهاية العقد الثامن من القرن النصرم،
ولسنا بحاجة إلى استعراض كل ما الحقته حرب الغزو والعدوان والاجتياح والاحتلال عام ١٩٩٤م وما بعدها من اضرار ومشاهد الاذى والتخريب لشبوة وابنائها، ومن تدمير للنسيج الاجتماعي والعلاقات المدنية والروابط الإنسانية،
هناك اطراف ضئيلة العدد وضعيفة الحضور وصاحبة سمعة ليست على ما يرام من المحسوبين على شبوة وعلى الجنوب، تستعين بدعم من مناطق
محيط شبوة للحفاظ على بقاء شبوة رهناً لعدم الاستقرار، والتبعية لخارج شبوة والجنوب من غزاة ١٩٩٤م و٢٠١٥م، ولا فرق بين الغزوتين البغيضتين.
عند ما كان أبناء مناطق وقبائل شبوة وقواها المدنية ومقاومتها البطلة يطالبون بمحاسبة من سلموا بعض مديريات شبوة للحوثيين كان الإعلام المعادي لشبوة والجنوب يعتبر هذه المطالبة تمرداً على الشرعية، وتهديداً لوحدة شبوة، وظلوا يبررون قتل المواطنين والتنكيل بالناشطين المدنيين وسحق المقاومة والنخبة الشبوانية البطلة على ايدي الموالين لغزاة ٩٤ و٢٠١٥م، كانوا يعتبرون هذه المطالبات تمرداً وخروجاً على الشرعية، لكن شبوة ليست استثناء في مسار الثورة والتغيير والتطور على صعيد الوطن الجنوبي.
بيد إن اعداء شبوة والجنوب وإعلامهم لا يعتبرون شرعياً إلا ما يكرس مصالحهم، فعندما كان بن عديو ينكل بالمواطنين ويوجه قواته بقتل المعارضين المدنيبن كانوا يدافعون على جرائمه ويعتبرونها تجسيداً للشرعية
وعندما جاء المحافظ الجديد النائب عوض محمد بن الوزير المنتخب شعبياً باغلبية ابناء دائرته الانتخابية، والمعين من قبل الرئيس الشرعي، كان يرمي إلى خلق حالة من الوئام بين أبناء شبوة وعدم التعرض حتى لمن اساؤوا إلى شبوة وأهلها وتاريخها المجيد، لكن هؤلاء الاخيرين . . . . لم تَرُقْ لهم الإجراءات التي اتخذها ابن الوزير بهدف تطبيع الأوضاع والتهيئة لخلق حالة من الاستقرار في المحافظة ومديرياتها، فتمرد نفرٌ من هؤلاء واعتبر إعلامهم أن المحافظ هو المتمرد في مغالطة غبية ومكشوفة وتزييف مبتذل لمعاني المفردات ومدلول الألفاظ،
هذه المغالطة وهذا التزيف كلفا شبوة والجنوب العشرات من الأرواح وشلالات من الدماء التي كانت شبوة في غنى عن دفعها لولا هوس هذه المجاميع بالتشبث بتطويع الوظيفة العامة واستخدامها لتكريس المصالح الأيديولوجية والحزبية المريضة .
للأسف الشديد أن هؤلاء الحمقى ومن يقف وراءهم ويحرضهم ويرسم لهم خططهم، لم يتعلموا من دروس الماضي القريب ولا البعيد ولم يدركوا أن عجلة التاريخ عند ما تدور لا ترجع إلى الوراء، وأن استعادة الماضي القائم على التزييف والاستقواء هو من المستحيلات.
* من أطرف المضحكات المبكيات في أحداث شبوة الأخيرة أن يهب الآلاف من المقاتلين من مأرب وصرواح ومناطق الشمال القريبة والبعيدة عن شبوة لنجدة الجماعة المتمردة ولم يهبوا لنجدة بيحان وعسيلان وعين، ولا حتى لنجدة الجوف وحريب وجبل مراد وغيرها من المناطق الشمالية عندما سقطت بأيدي القوات الحوثية،
* وجاء تصريح احد المتحدثين الحوثيين الذي استنكر ما اسماه بتدخل الإمارات في مواجهة القوات المتمردة في شبوة، جاء ليكشف مدى الترابط الوثيق بين الانقلابيين والمتمردين في جميع جغرافيات المنطقة، ويبين زيف ما يدعونه من صراع ومواجهات مسرحية استعراضية في ما بينهم،
* فهل سيتعلم هؤلاء ومن يتبعهم من المغرر بهم الدرس الأخير الآتي من شبوة أم إنهم سيذهبون لتكرار تلك المغامرات البائسة اليائسة في محافظة اخرى ومديرية أخرى من محافظات ومديريات الجنوب؟