هل سيحرر الجنوبيون الشمال من الشماليين؟؟
يناير 14, 2022
همس اليراع
هل سيحرر الجنوبيون الشمال من الشماليين؟؟
د. عيدروس نصر
لماذا أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العربي تركي المالكي عملية “حرية اليمن السعيد” بعد سويعات من إعلان خلو محافظة شبوة من أي وجود حوثي بعد أن تم تحرير آخر مديرية من المديريات التي سلمتها سلكات شبوة المحلية وقواتها المسلحة للحوثيين عربون صداقة قادمة؟
وتتفرع من هذا السؤال سلسلة أسئلة أخرى منها مثلاً:
ما الفرق بين هذه العملية وبين عاصفة الحزم؟
وما الجديد الذي سيأتي به التحالف العربي لإنجاح هذا المسمى؟
وبأي قوة سيتعطى لــ”اليمن السعيد” حريته؟
من الواضح أن الأشقاء في قيادة قوات التحالف العربي ما يزالون يتحركون تبعا لحماس لحظة النشوة، وأن الانتصار السريع الذي حققته قوات العمالقة الجنوبية وقوات النخبة الشبوانية بتحرير ثلاث مديريات في أقل من اسبوعين بعد أن عجز “الجيش الوطني” بفيالقه الجرارة عن تحرير شبر واحد منها على مدار أكثر من ثلاثة أشهر، اقول من الواضح أن الناطق الرسمي للتحالف بنى على هذا الانتصار الحاسم للقوات الجنوبية والهزيمة المدوية للحوثيين خطته لــ”حرية اليمن السعيد”، وكم كنت أتمنى لو أن من صاغوا هذه العملية ورسموا خطتها (إن كان هناك خطة مدؤوسة وجاهزة للتنفيذ) قد حاولوا الإجابة على السؤال التالي:
لماذا يُهزَم الحوثيون في الجنوب وينتصرون في الشمال؟
وحديثنا عن هزائم الحوثيين في الجنوب وانتصاراتهم الشمال لا علاقة له بموقفنا السياسي ولكنهة تعبير عن حقائق تتكرر منذ 8 سنوات وليس آخرها تحرير بيحان من السيطرة الحوثية وقبلها سقوط العبدية والجوبة وجبل مراد بأيدي الحوثيين.
إن الإجابة على هذا السؤال وضمنيا على السؤال عنوان هذا المنشور يستدعي التوقف عند الحقائق التالية:
1. إن عدد سكان الجنوب لا يتجاوز ستة ملايين نسمة بينما عدد سكان الشمال يتجازو الخمسة والعشرين مليون نسمة، أي أن سكان الجنوب هم أقل من 20% من إجمالي السكان، ومثلما في الجنوب رافضون للمشروع الحوثي فإن في الشمال ملاييين الرافضين لهذا المشروع لكنهم بحاجة إلى قيادة صادقة وشريفة وأمينة ومخلصة لمقاومة هذا المشروع وليس قيادات تستثمر في الحرب الخائبة مع الحوثيين.
2. من البديهي أن مهمة تحرير الشمال تقع على المواطنين الشماليين ونخبهم السياسية وقيادتهم العسكرية، ومثل ذلك ينطبق على الجنوب التي لم يحرر أرضها ها غير الجنوبيين، وهذا بطبيعة الحال لا يمنع التعاون والمؤازرة المتبادلة بين كل من يرفض المشروع الحوثي – الإيراني، غير إنه لا يعني أن ينوب الجنوبيون عن الشماليين أو الشماليون عن الجنوبيين في تحرير أرضهم، وهذا ما أكدته عمليات تحرير عدن ولحج والضالع وأبين وأخيرا شبوة.
3. إن أسباب هزيمة الحوثيين في الجنوب متعددة لكن أهمها غياب الحاضنة الشعبية فمهما حاول الحوثيون زرع أية جيوب هنا أو هناك لم ينجحوا ولن ينجحوا في تحقيق ما يسعون إليه من اختراق للمجتمع الجنوبي، بينما يعلم الجميع أن الحوثيين يحضون بحاضنة اجتماعية ترتب عليها تأييد ملايين المواطنين الشماليين الذين يعتبرون الحوثيين قادتهم التاريخيين ويعتبرون الرئيس عبد ربه منصور هادي عنصر أجنبي على أرضهم ويدعون لمحاكمته،
وحتى في المناطق غير الزيدية نجحت الحركة الحوثية في كسر شوكة من حاول التصدي لمشروعها واستقطاب بعض الزعامات القبلية التي تبني مواقفها على قاعدة “من تزوج أُمَّنا هو عَمُّنا” وهو ما لم تنجح فيه الحركة في الجنوب.
4. إن قوات العمالقة والمقاومة الجنوبية قد هزمت القوات الحوثية لأنها كانت تقاتل في أرضها وبين أهلها وبني جلدتها، لكن تورطها في محافظات الشمال سيحولها من قوة تحرير إلى قوات تقاتل في غير أرضها، وسيعتبرها الكثيرون قوات غازية، وسيقف في وجهها الكثير من الأهالي الذين سيعتبرونها تبعا للتعبئة الحوثية قوات عدوان وعناصر داعشية وعملاء لأمريكا وإسرائيل، كما يقدمها الإعلام الحوثي.
5. إن المهوزمين في معركة تحرير بيحان لم يكونوا الحوثيين وحدهم بل لقد هُزِم معهم أصحاب مشروع تسليم شبوة للغزو من خارجها، وبالتالي فأن كل هؤلاء سيتحولون إلى قوة مواجهة ضد أي حضور جنوبي في مناطق المواجهة، فالذي سلم فرضة نهم ومحافظة الجوف وغالبية مأرب وكل البيضاء للحوثيين لا يمكن أن يقبل بأن يأتي غيره ليحررها من أبنا عمومته، وبالتالي فإن القوات الجنوبية ستواجه كل القوات العسكرية الشمالية بمحتلف مسمياتها، حوثية وإخوانية وداعشية وقاعدية وسواها.
6. إن قوات المنطقة العسكرية الأولى في وادي وصحراء حضرموت والمهرة ما تزال تتخذ موقفاً غير واضحٍ من ثنائية (الشرعية-الانقلاب) ومؤخرا ظهر تسجيل فيديو للرئيس السابق صالح يقول فيه إن هذه القوات تستلم مرتبين: واحد “من أنصار الله (كما قال) والثاني من السعودية تحمي به نفسها من ضربات الطيران السعودي” وتلك حقيقة أكدتها عشرات الحوادث أهمها رفض قيادة المنطقة لتوجيه رئيس الجمهورية بالتحرك للدفاع عن مقاومة حجور في محافظة حجة وأخيراً رفضها التوجه للدفاع عن مأرب وفك الحصار الحوثي عنها.
وقد جاء حديث المتحدث الرسمي تركي المالكي صادما بقوله أن هذه القوات تخضع لوزارة الدفاع اليمنية، ما فهم منه أن التحالف لا سلطة له على هذه القوات ولا علاقة له بتحركاتها ومواقف قيادتها من الشرعية والحوثيين ومن احتضانها للجماعات الإرهابية واستخدامها ضد أبناء حضرموت.
ما جعلنا نشير إلى هذه القضية هو أنه لا يمكن للقوات الجنوبية أن تحرر أرض من يحتلون أرضها فالأولى بالقوات الشمالية في المنطقة العسكرية الأولى أن تحرر الأرض التي ينتمي أفرادها وقادتها إليها بدلا من أن تبقى في منطقة كل مهمتها فيها هي حماية آبار النفط التي يمكن أن يقوم بها أبناء حضرموت أنفسهم.
وخلاصة القول أنه لا يمكن لمقاومة قوامها يمثل 20% من السكان أن تحرر أرض يقطنها 80% من مجموع هؤلاء السكان ما لم يقم هؤلاء السكان أنفسهم بتحرير أرضهم بأنفسهم، إلا إذا كان القصد هو التخلص من قوات العمالقة الجنوبية بعد أن بدت تمثل خطرا على الراغبين في استمرار الاستثمار في الحرب وإطالة مداها، دعوكم من برقيات التهاني ومقالات المدح ومنشورات الإعجاب الزائفة التي حظيت بها قوات العمالقة الجنوبية.