كتاب عدن

الشرعية والجمهورية الرابعة !!

ديسمبر 24, 2018

محمد علي محسن
اليمنيون ليسوا بحاجة لمن يشدهم أو يقودهم من منطلقات ماضوية ، وانما يستلزمهم قادة وافكار غايتها المستقبل المستقر والمزدهر الذي تستحقه الأجيال الحاضرة أو القابلة .

الواقع اننا إزاء مشروعات ماضوية ، فجل هذه الكيانات لا يبدو من فعلها انه بمقدورها أقامة وطن حر ومستقل متحرر من ربقة واغلال العهود الماضية .
وللتذكير هنا ، كان الكاتب الراحل ، محمد حسنين هيكل ، وصف الحالة اليمنية بالعالقة بين ماضٍ لا يذهب ومستقبل لا يأتي .

أتأمل الان ، وبعيد عقدين ونصف ، على توصيفه الدقيق في سياق مقالاته اليابانية عام ٩٤م ؛ فلا أعثر على جديد تحت الشمس ، فمازالت أيدي سبأ ، في خضم معارك ماضوية أكلت الحرث والنسل ، ناسفةلكل فرصها في العبور الى المستقبل .
 
فبدلاً من أن يكون المستقبل هو الغاية السامية الجديرة بكل التضحيات النضالية والكفاحية ، تقوقعت النخب السياسية ، وتخشبت ادواتها في قوالب قديمة عفى عنها الزمن ، وتجاوزتها المرحلة الراهنة المستأثرة بها الحرب وتداعياتها وازماتها وحتى احتمالاتها ..

اصدقكم انني لم اعثر على مشروع سياسي قابل للحياة والتطور غير مشروع الدولة الاتحادية الفيدرالية، فغير تلك المضامين المنقلب عليها من مراكز قوى عسكرية وقبلية وتجارية ومذهبية ، لا أجد في الحالة اليمنية القائمة إلَّا على خيارات وبدائل ناقصة لا ترتقي لمصاف الدولة الاتحادية الحديثة.. 
التفت جنوباً ،فلا اجد غير رغبات وتطلعات هي عبارة عن مصفوفة افكار وشعارات صاغتها سنون من الضيم والحيف والحرب والعنف والتحشيد الجغرافي الجهوي ..
 انظر شمالاً ، فليس هنالك ما يوحي ويشي بان الحرب ستتوقف او تنتهي قريباً، سلماً أو حرباً .

في كلا الحالتين، نحن ازاء معضلة حقيقية، تجسدت بسلطة شرعية موزعة ما بين منفى  قسري وبين حضور داخلي خافت ومحدود ، وحرب لم تهمد أو تتوقف ، وعوضاً عن ذلك ، هذه السلطة لم تحسن اختيار ادواتها أو أنها فرضت عليها ؛ ما جعلها عاجزةعن تجسيد الدولة الاتحادية الجديدة .
فما هو مؤكد أن مضامين مؤتمر الحوار المتوافق عليها من قبل القوى السياسية اليمنية المختلفة ، وتحت اشراف الامم المتحدة، ورعاية دولية واقليمية ؛ يستلزم لها أداة سياسية قوية وظروف افضل من هذه الوضعية المحبطة والمثبطة لحامل تلك المضامين .
وعندما أقول ان السلطة الشرعية هي افضل خيار ، فذاك انها الوحيدة الحاملة لراية الدولة الوطنية المستقبلية المؤسسة على أنقاض صراعات وازمات ومشكلات الحقب التاريخية ، فعدا مشروع السلطة الشرعية لا توجد غير كيانات راديكالية ماضوية .
وهذه المسميات جميعاً وعلى اختلاف مشاربها وتوجهاتها ، تكاد واحدة من جهة انها غير قادرة على مبارحة أفكارها الماضوية ، كما ولديها مناعة عجيبة من التعاطي بمرونة وإيجابية مع فكرة الدولة الجديدة التي ينبغي تصميمها وهندستها بروح عصرية مغايرة تماماً لتلك الدولة الفاشلة الراسبة في أذهان الكثير من المحبطين القانطين .

البعض ربما سيؤخذ علي انني ضاهيت بين الانقلابيين الحوثيين في صنعاء وبين مكونات جنوبية في عدن أو اتباع الرئيس الأسبق ، والواقع لم أقصد التجني على أحد ، بقدر ما نظرت للمسألة برمتها من منظور الأفكار المطروحة الآن ، فجلهم يتشابهون من حيث انسياقهم خلف افكار ماضوية .
وهنا يلتقون جميعاً ، فالحوثية واتباعها ديدنهم إعادة التاريخ أو صناعته ثانية ولكن بشروط وأدوات ماضوية تجاوزها اليمنيين .
والحال ينطبق على اتباع صالح الذين غايتهم استعادة سلطان مفقود ، ما يعني إعادة اليمن واليمنيين الى حضيرة العائلة واتباعها من شلة الجنرالات والتجار الفاسدين والمشائخ الانتهازيين .
وللأسف ، ينطبق الأمر  على مكونات جنوبية فعلى مختلف شعاراتها الثورية الصاخبة إلَّا أنها في المحصلة غرقت مع من غرق ، في ماض لا يستقيم مطلقاً مع تطلعات الجنوبيين ومصالحهم المستقبلية ، ولا مع تضحيات كاثرة نذرت ذاتها قرباناً لدولة عادلة .

نعم ، السلطة الشرعية أخفقت وتعثرت ، وربما أكثر من ذلك ، فلدينا عليها ألف تحفظ وتساؤل وانتقاد ، وبرغم كل هذا السخط والعتب والحيرة ، أعدها الوحيدة المتفردة بحمل راية الدولة المستقبلية ، وان كانت لازالت مجرد مسودة دستور مكتوب ، ومجرد مضامين ناشدة جمهورية رابعة نقيضة لجمهوريات التشطير أو التوحد  ..

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد ايضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى