المؤتمر والحرس صنوان
يناير 10, 2018
عدد المشاهدات 453
عدد التعليقات 0
محمد علي محسن
الجماعة الحوثية اليوم يمكنها صناعة واستنساخ اتباعاً يمثلون ما بقي من المؤتمر الشعبي العام ، لكنها وفي كل الاحوال لن تستطع إيجاد حليفاً سياسياً يشاركها ولو شكلياً مهام المرحلة التالية لمصرع الرئيس الأسبق صالح ، فسواء كانت المهمة عسكرية أو دبلوماسية أو حتى ادارية محضة ، فإن الجماعة الحوثية ستكون هي الواجهة والمسؤولة والنافذة ، وعداها مجرد جوقة كومبارس تؤدي دورها بناء على ما هو مكتوب ومرسوم .
واقع الحال ان المؤتمر الشعبي العام يماثل الحزب الوطني في مصر والحزب الدستوري في تونس ، فيما لجانه وتكويناته العلياء والوسطى والسفلى تشبه لحد ما اللجان الشعبية في ليبيا ابان حقبة الديكتاتور القذافي ، ومع هذان التماثل والتشابه مازال هناك من يحاول رسم صورة مغايرة وايجابية للمؤتمر الشعبي ، باعتباره حزباً ايديولوجياً وشعبياً يصعب تجاوزه أو اغفاله .
شخصياً ، أعد المؤتمر الشعبي العام ، أكبر مغالطة تاريخية ، وأكبر أكذوبة في التاريخ السياسي والحزبي والوطني ، بل واحمل قادته مسؤولية ما حدث في هذه البلاد من حروب وازمات واقتتال ونهب وسلب وتدمير وفساد وإفساد ، فيحسب للمؤتمر انه وبقيادة زعيمه التاريخي أفسد الحياة السياسية ومزق الوحدة المجتمعية واساء للديمقراطية والحزبية والتعددية أيما اساءة وتشويه .
إنَّه يماثل الحرس الجمهوري كيافطة وطنية ، وكقوة مسلحة ومدربة انحدرت من سمو المهمة الوطنية الى قعر العائلة والعشيرة والقبيلة والطائفة ، فكلاهما المؤتمر والحرس بلا عقيدة وطنية جمعية ، وبلا ولاء جمعي حقيقي يقوم على اساس الافكار والقناعات السياسية والوطنية ، وأسوأ من ذلك انهما يشتركان في مزية الولاء لشخص الحاكم الفرد وحماية سلطانه ومغانمه ودونما أي اعتبارات وطنية او تنظيمية او اخلاقية .
فمع احترامي لكل المنضوين في كيان المؤتمر، أقول لهم : ان المسألة تتعلق هنا بكائن هلامي صنعه الزعيم وجعله صنماً يعبد ولا مندوحة لديه اذا ما أكله وهضمه مثلما فعل زعماء الجاهلية مع اصنامهم المصنوعة من حبيبات التمر .
كان صديقي احمد قائد السنمي أول المبشرين بالميثاق الوطني ، لكنه ومع اول تجربة له عقب اعلان التعددية الحزبية بعيد توحد بلاد اليمن في 22 مايو 1990م صُدم بكون القيادات الرفيعة ليست سواء اتباع ، او قولوا شقاة لدى الزعيم القائد الملهم المؤسس .
اكتشف سوءة التنظيم العبثي الشعبوي في أول لقاء جمعه بشخصية مؤتمرية رفيعة بحجم الدكتور عبدالله حسين بركات وزير الداخلية الاسبق ، الذي تم ايفاده من صنعاء ولمهمة اشهار فرع المؤتمر بالضالع ، فلقد كانت وجهة نظر احمد في ذينك الاجتماع الحزبي ، كافية للحكم عليه وعلى وضعه الوظيفي في المؤتمر ، اعتبر بركات محدثه ثائرا اشتراكياً ملتزماً بأدبيات ووثائق لا ينبغي تسربها الى كيان شكلي وبيروقراطي يروم وراثة الحزب الاشتراكي وفي معقله الضالع في ذاك الوقت .
لم يدم طويلاً اعجاب صديقي بالمؤتمر وميثاقه ، فسرعان ما استقال بعد ان وجد ذاته مجرد قياديا شكليا في كيان غريب وعجيب لا يشبه مطلقا أياً من تلك المفاهيم والمبادئ التي قرأها في مضامين الميثاق ، ومثلما يقال باللهجة العامية : كانت اللقية سوداً ” وما ظنه صاحبي تفاحة نيوتن ، طلع مجرد وثيقة محشوة بجمل وعبارات لا مكان لها في واقع التطبيق .
البعض يتساءل الان وبحسرة وسذاجة : اين ذهبت قوات الحرس الجمهوري ؟ واين راحت تلك الالوية القتالية البالغ عددها اكثر من اربعين لواء ؟
وما مصير المؤتمر الشعبي بعيد مصرع زعيمه ؟ وماذا بعد اعلان صنعاء ، أمس الاحد ، بشأن تكليف الشيخ صادق أمين أبو رأس ،لوراثة المؤتمر ؟ .
لكل هؤلاء أقول : المؤتمر مثل الحرس ، فكلاهما أكبر لعنة وخدعة انطلت على اليمنيين ، واذا كان هنالك ثمة أمل في المؤتمر والحرس ، فينبغي ان ينصب التفكير والجهد في مسألتين اساسيتين ، المؤتمر كحزب جديد متخلق من مخاضات المرحلة التاريخية ، والحرس كقوة وطنية عقائدية متشكلة من خضم نضالات وتضحيات اليمنيين وتوقهم للدولة اليمنية الحديثة والعادلة والمستقرة .
فدونما تحرير الأثنين ، المؤتمر والحرس ، من ربقة الأفكار والقيادات والممارسات الماضوية ، ستبقى جل الدعوات والافعال لإعادة تموضعهما في خارطة اليمن الاتحادي ، مجرد محاولة عبثية وميؤوس منها ، فما لم يتم تسمية الامور بمسمياتها الصحيحة ، فلن تفلح أبداً كل اشكال التجميل للواقع القبيح ، ففي المنتهى البيضة الرديئة من الغراب الرديء ، وعلينا تحديد اولوياتنا بناء واستحقاقات الدولة المستقبلية وليس وفقاً والدولة الماضوية الفاشلة التي استوجبت منا كل هذه القرابين والعناء .