كتاب عدن

تحالف المركز المقدس !!

أغسطس 16, 2017
عدد المشاهدات 516
عدد التعليقات 0
محمد علي محسن
الحوثيون ومن خلال ممثليهم في مؤتمر الحوار ” انصار الله ” ، لطالما فاضوا حماسة لفكرة الدولة الفيدرالية الثنائية المكونة من اقليمين جنوبي وشمالي ، وبحدود الدولتين السابقتين ، لكنهم وبمجرد نجاحهم في انقلابهم وسيطرتهم على الدولة ومؤسساتها وسلطاتها المركزية في العاصمة صنعاء ،نكثوا بكل وعودهم وافكارهم وحتى اصدقائهم وحلفائهم  .
فخلال ايام فقط ، بدلت جماعة الحوثي جلدها وتفكيرها وخطابها ، فبعدما كانت متحمسة لفكرة الاقليمين ، باعتبارها فكرة يمكنها حفظ محافظات الشمال ككتلة واحدة يسهل اخضاعها في مرحلة تالية لسطوة المركز وهيمنته ، قل حماسها وفتر ، نظير حكم اليمن كله بمساحته وشعبه ، وبذات العقلية الاستعلائية المتخلفة ، وبمنطق القوة والجبروت والغلبة والاخضاع ، ودونما ادنى احترام للذات او التاريخ السياسي ، او الشعب اليمني الذي تم استغفاله والانقلاب على دولته الحاضرة والمزمعة .
فلا للملايين اليمنية الثائرة لأجل التغيير السياسي اعطي لها اعتبار ،  او ان الجماعة احترمت نفسها كجماعة سياسية لطالما قدمت نفسها وطنيا ودوليا كأقلية سلالية ومذهبية عانت من التهميش والاقصاء والجبروت ، وكان جل مطلبها لا يتعدى ادارة لا مركزية وتوزيع عادل للموارد محافظة صعدة ، موطن انبعاثها وشريان ذخيرتها .
واذا كانت الجماعة قد غازلت الجنوبيين المشاركين في مؤتمر الحوار ، ومن ثم نكثت بهم حين باتت بيدها مقاليد السلطة والقوة والنفوذ ؛ فان الرئيس المخلوع كان مناهضا جدا لفكرة الدولة الفيدرالية ، وبكل اشكالها المتعددة او الثنائية الاقاليم .
واذا هنالك من خلاف مع صالح حول هذه المسالة ؛ فلانه اتبع اسلوبا مخادعا ومراوغا وناكثا، في تعاطيه السياسي مع صيغة الدولة الفيدرالية، فبدلا من يعلن موقفه الرافض لفدرلة البلاد ، تعامل مع مخرجات فريق بناء الدولة في مؤتمر الحوار بنوع من القبول الظاهري الوقتي المخاتل ، بينما الحقيقة التي يدركها المقربين منه هي انه لا يطيق حتى النقاش في مسألة الفيدرالية    .
وليست هذه المرة الاولى التي ينكث فيها صالح ورموزه بفكرة الدولة الاتحادية الفيدرالية ، اذ سبق لصالح ورجاله ان نكثوا بوثيقة العهد والاتفاق الموقعة في 20 فبراير 94م في العاصمة الاردنية عمان ، وهو الانقلاب الذي قاد البلاد الى حرب كارثية قضت على ما بقي لليمنيين من امال واحلام بالسلام والوحدة والدولة الديمقراطية العادلة . 
وعندما يناهض المخلوع اليوم لفكرة الدولة الاتحادية التي اقرها مؤتمر الحوار المشارك به المؤتمر الشعبي العام ، التنظيم الهلامي  ، فذاك يعني ان الرجل لا يرى في هذه البلاد غير جغرافية شاسعة وكثافة بشرية ومقدرات يجب ان تكون جميعها خاضعة خانعة لسلطة المركز التقليدي .
واعجب ما في تحالف الحوثيين وصالح هو انهم وعلى اختلاف ماربهم او خلفيات صراعهم ،اتفقوا سياسيا وعسكريا ، ومن اجل حكم اليمن ، وبمنطق الغلبة والاستئثار والجبروت والعنجهية والنهب والسلب وسواها من وسائل البطش والتنكيل والاخضاع الممارسة تاريخيا من جهة ما اطلق عليه اليمنيين الاحرار ب ” المركز المقدس ” . 
وبرغم هذا التفاوت الكبير بين حكم الشمال والاستئثار به من جماعة الحوثيين وبين حكم الشمال والجنوب ككيان واحد خاضع لسلطة المركز في صنعاء وفق تفكير صالح ، يحسب للطرفين انهما تحالفا سياسيا وعسكريا ، ومن اجل غاية واحدة هي إسقاط الدولة الاتحادية الفيدرالية وقبل ولادتها وتشكلها .
 وأكثر من ذلك ، اذ ان كلاهما ومن حيث لا يعلمان ،يشتركان في مزية الهيمنة التاريخية على حكم اليمنيين ، فسواء كانا حكمهما جمهوريا قبليا عائليا او ملكيا إماميا سلاليا ، الا ان الطابع العام للاثنين معا ، يجعلهما يقاتلان الدولة اليمنية المستقبلية ، بكونها خطرا يهدد وجودهما كقوة تقليدية قبلية طائفية استأثرت لنفسها بالسلطة والنفوذ والقوة .
واعتقد ان الفيدرالية ، بما تعني من توزيع عادل للسلطة والقوة والثروة والقرار والارادة ، لا تعني للطرفين غير انها نازعة منهما ما يعتبرانه حقا تاريخيا مكتسبا لهما ودونما سواهما من المناطق اليمنية الاخرى ، وعلى هذه الثنائية غير العادلة يمكن استساغة تحالف الطرفين وكذا تضحياتهما الجسام كيما تسقط الدولة الاتحادية وكيما تبقي الهيمنة والسطوة والقرار بيد المركز وحده ودون سواه .

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى