من يجرؤ على الكلام ؟!
يناير 01, 2017
عدد المشاهدات 427
عدد التعليقات 0
محمد علي محسن
ما من خيار أفضل ومتاح لليمنيين غير سبيل الدولة الفيدرالية الاتحادية ؛ فمن يعتقد أن هناك طريقا يؤدي إلى استقرار هذه البلاد وشعبها فرجاء يتفضل وليدلنا عليه وسنكون سعداء بكل تأكيد .
وعندما نقول انه ما من بديل آخر يمكن التعويل عليه ، فهذا يعني أن معظم الأطروحات ألموضوعه الآن لا تؤسس لدولة وطنية مستقرة سياسيا ومجتمعيا ، فلا فك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية إلى ما قبل التوحد يوم 22 مايو 90م سيكون حلا ناجعا وعادلا وممكنا – أيضا -بعيد التطورات العسكرية والسياسية والدراماتيكية ، أو أن الدولة الواحدة بشكلها المشوه والمختل يمكنها البقاء والاستمرار بعيد كل ما حدث من حروب وضيم وتمزق وطني ومجتمعي .
سيقول البعض : لكننا ناضلنا وقاتلنا وقدمنا القرابين والدم في سبيل الاستقلال والتحرر ! آخرون سيرون في دعوة من هذا القبيل بأنها أشبه بذاك الذي يبذر في المحيط ، خاصة مع تعذر التحرير لمحافظات شمالية ، ومع كل ما قيل وسيقال الدولة اليمنية الاتحادية ستنتصر عاجلا أم آجلا ، فسواء تحررت صنعاء أم بقيت تحت سيطرة القوى الانقلابية ، ففي المحصلة فدرلة اليمن تمثل طريقة للخلاص من واقع مرير رزحت له البلاد قرونا من الزمن .
من يعتقد أن الدولة الفيدرالية وانتصارها وبسط نفوذها من صميم وظيفة ومهمة السلطة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي ورئيس حكومته بن دغر ، أظنه إما انه يحمل فكرة خاطئة أو انه غير مدرك أن الفيدرالية حلا عادلا لتوزيع السلطة بكونها سببا في ويلات وصراعات اليمن واليمنيين جنوبا وشمالا على السواء .
الفيدرالية يا هؤلاء لا تعني توزيع الجغرافيا على كم إقليم وولاية وإنما هي في الأساس تعني توزيعا للسلطة والثروة والقوة وبشكل عادل ومنصف لكل اليمنيين الذين عانوا قرونا من هيمنة المركز ومن عبثه وظلمه وبطشه .
فصراعات الماضي والحاضر كان سببها المباشر السلطة المركزية المستأثرة بكل شيء ، فلم تكن يوما بسبب الفروقات المجتمعية الطبقية أو المذهبية أو الثقافية ، بمعنى آخر أن كل ويلات هذه البلاد سببها الهيمنة على السلطة ، فسواء نظرنا في تجربة الدولة الوطنية في الجنوب أو الشمال ، قبل أو بعد الوحدة ، الأمس أو اليوم ، فجميعها خاضت صراعا دمويا منهكا على السلطة وليس من اجل عيون الشعب أو لقمته وسعادته .
استعادة الجنوب إلى وضعه الدولي والوطني السابق لن يكون حلا لمشكلات الجنوبيين وأزماتهم الماضية والحاضرة والقابلة ، والحال ذاته ينطبق على الشمال إذا ما ظل أسيرا لذاك التفكير السلبي الذي أراد الرئيس المخلوع فرضه بالقوة والجبروت والاستئثار .
خلاصة الكلام ، لا التجزئة ستلغي الشمال من الخريطة الجيوسياسية ، أو الوحدة بشكلها الفئوي الجهوي الطاغي خلال العقدين المنصرمين يمكن استمرارها . دعكم من التعامل مع النتائج الطافحة الآن بكثافة نظرا لغياب الدولة وسلطاتها الضابطة لإيقاع المجتمع ، الملهمة له ولتطلعاته وأحلامه .
السؤال المطروح الآن : من بمقدوره كسر حالة الرتابة القائمة ؟ فكلما بقت القوى القديمة الجديدة لا تريد الاستسلام لحقيقة المتغيرات الحاصلة وطنيا ومجتمعيا ودوليا ،زادت الحاجة للفكرة الجريئة الخلاقة .
نعم ، نحن بمسيس الحاجة لفكرة غير تقليدية كتلك التي حملها الراحل الشهيد جار الله عمر حين تبنى خيار التعددية الحزبية قبيل الإعلان عن قيام دولة الوحدة يوم ٢٢ مايو ٩٠م ، وحين طرح فكرة اللقاء المشترك ، متقبلا كل تلك الأفكار العتيقة الثائرة عليه وعلى فكرتيه الصادمتين للكثير ممن لم يحتملوا سماع غير ولا الضالين آمين .
العبرة إذن في النتائج وليس بالمزايدات والشطحات والخطب العصماء ، ففشلنا سببه أننا تبعنا الشعارات والعواطف وأهملنا العقل والمصلحة ، وبدلا من شغل أنفسنا في النتائج علينا التفكير بالمقدمات باعتبارها جذور المشكلات الحاصلة في مرحلة تالية .
وإذا ما كان العقل والمصلحة والحكمة والاقتصاد والسوق والتنمية والتطور والاستقرار تقول أن اليمن الفيدرالي أفضل مليون مرة من إتباع أهواء ورغبات وأفكار قديمة – كثير منها شخصية وأنانية للأسف – لا ترتقي لمصاف المصلحة الجمعية ؛ فان الواجب يحتم علينا ألا نكرر تلك المقدمات الخاطئة التي قادتنا في المحصلة إلى وضعية مأساوية وكارثية لم تكن بحسبان احد .
للتذكير .. قبيل تدخل القوات السورية ودخولها العاصمة اللبنانية بيروت عام ٧٥م كان أن اجتمع البرلمان اللبناني لإقرار مشروعية ذاك التدخل العسكري . جلسة عاصفة انتهت بمنح القوات السورية مشروعية ما ، فباستثناء على ما أظن عضوين اثنين عارضا القرار كانت الأغلبية وافقت على تدخل الجيش السوري .
في المحصلة القوات السورية جثمت على قلوب اللبنانيين زهاء ثلاثة عقود إلى أن خرجت عقب مقتل رئيس الحكومة اللبنانية عمر الحريري فبراير 2004م . كما والمقدمة الخاطئة ظفرت بغالبية أصوات أعضاء البرلمان .