العفن حين يصير سلوكا !!
مارس 24, 2017
عدد المشاهدات 525
عدد التعليقات 0
محمد علي محسن
” كلما ألقى رجل نظرة متشوقة الى منصب ، يبدأ شيء من العفن بالتسلل الى سلوكه ” قوله أطلقها الرئيس الامريكي ” توماس جيفرسون ” نهاية القرن الثامن عشر ، وأجدها اليوم مجسدة لحال الكثير ممن أغرتهم المناصب وسعوا لها وبكل الطرق الملتوية ، واذا بهم وعند اول ممارسة ينضون ما بقي لهم من احترام وكبرياء وحياء .
لا اقول هنا انهم يماثلون الرئيس المخلوع ، الذي يشبه جنرال وقنصل روماني اسمه ” لوكولس ” وعاش قبل الميلاد وكانت هوايته أنفاق ثروته الطائلة في العربدة والتهتك الجماعي الماجن وسواها من الأفعال المشينة الفاضحة التي اخذ يبدد ماله عليها وببذخ خرافي .
وانما على ﺍﻻﻗﻞ هم يشبهون المخلوع في صعودهم الصاروخي ، فمن قاع سحيق في سلم الوظيفة العامة ، الى القمة ، فلو ان ليلة القدر تجلت بهيبتها وجلالها على هؤلاء لما تمنوا بلوغ الوزارة والسفارة او المناصب الرفيعة الممنوحة لهم وبطرق شيطانية فاسدة .
فالرئيس المخلوع ، سلك ذات المنحى العفن الذي تسلل منه أدعياء الوطنية والنزاهة واحترام النظام .
الفارق بين الاثنين ، هو ان المخلوع وأقاربه واتباعه ، أغتصبوا الدولة وسلطانها ، فاحالوها خلال ثلاثة عقود مجرد إقطاعية مملوكة لهم ودون سواهم من فئات المجتمع المستعبدين .
فيما دعاة العهد الثوري والكفاحي ، أرادوها مسخا او قولوا هجينا غريبا ، بحيث تصير الدولة وسلطانها مطية لكل متسلق وراكب عابر .
طبعا ، لا اقصد ، اولئك المستحقون لما هو اكبر واهم من درجة وزير او سفير او محافظ او وكيل او قائد او رئيس مؤسسة او مصلحة ، فهؤلاء وان وجدوا فهم قلة قليلة ولا يكاد المرء يعثر عليهم في العهد المفترض به التجديد والتغيير الإيجابي الفعلي الملموس في الواقع .
ﺍﻧﻤﺎ اقصد في تناولتي هذه ، قيادات انتهازية معروفة بوصوليتها وتبجحها ونفاقها وحتى غايتها الفاسدة ، بل والأدهى انك ترى اسماء بلا كفاءة او سيرة نزيهة ،او سمعة جيدة ، وقد تبؤت مراكز مرموقة ورفيعة ودونما اعتبار قانوني او نظامي او أخلاقي .
نعم ، شغل الوظائف العليا أعدها حقاً أصيلا ولكل مواطن تتوافر فيه شروط حددها قانون الخدمة او استدعتها الضرورة السياسية ، ومع هذا وذاك ليس كل من حمل سلاح يصلح ان يكون قائدا لمعركة يستلزمها الخبرة والقدرة والشجاعة ! .
والحال ينطبق على كثير من الوظائف المدنية والحساسة – ايضا – والتي باتت للأسف مطية للفاسدين والمجرمين والمتملقين والجهلة والأغبياء والمنافقين والكذابين الذين يتصدرون الان المشهد وبكل وقاحة واستفزاز .
فمؤخراً قدر لي حضور عدد من الفعاليات الرسمية والأهلية ، وفي كل مرة التقي بها بمسؤول يمثل السلطة الشرعية ، اجدني لاعنا شاتما سلطة بهذا القبح والدمامة .
كما ولا أخفيكم بصدمتي ودهشتي معا ، فالعهد اللعين يبدو انه مصمما على اعادة انتاج ذاته وأدواته وبشكل فج وفاضح وعفن .