لبنان بلا السفير !!
يناير 08, 2017
عدد المشاهدات 511
عدد التعليقات 0
محمد علي محسن
قبل بضعة أيام توقفت صحيفة ” السفير ” اللبنانية وبعيد مسيرة صحافية دامت 43 عاما ، ودعت الصحيفة قراءها ومتابعيها بعنوان حزين تصدر الصفحة الأولى :” لبنان بلا صحيفة السفير ” .
شيء محزن ومروع هذا المآل الذي اجبر فيه أهم واعرق مدرسة صحافية إلى إعلان وفاتها بهذه الطريقة التي لم تكن قط بحسبان أكثر المتشائمين .
طبعا توقف الصحيفة الورقية لم يأت من فراغ ، وإنما خلف القرار واقع جديد فرض نفسه على كبريات المؤسسات الصحافية العالمية ، بينها صحف أمريكية وبريطانية ، نذكر منها صحيفة ” الاندبندنت ” البريطانية وكذا مجلة ” نيوز ويك ” وصحيفة ” نيويورك تايمز ” التي تحولت مجتمعه إلى صحف الكترونية .
وقبلها طبعا كانت صحيفة ” كريستيان ساينس مونيتور ” العريقة أوقفت طبعتها الورقية مكتفية بنسختها الالكترونية وبعيد قرن كامل من الصدور ورقيا ، وعلى ذات المنوال سارت صحيفة ” ذا روكي ماونتن نيوز ” الأمريكية التي تعد أول صحيفة ورقية تقرر الإغلاق .
ولم يقتصر الأمر على هذه المطبوعات ، إذ أعلنت مؤسسات إعلامية دولية عن تحولها من الورق إلى النسخة الالكترونية عبر شبكات الانترنت .ففي فرنسا توقفت صحيفة ” فرانس سوار ” مكتفية بنسختها الالكترونية ، وكذلك صحيفة ” معاريف ” الإسرائيلية الشهيرة التي توقفت أيضا بدءا من يوليو المنصرم .
وإذا كانت صحيفة السفير اللبنانية سباقة في هذا المضمار ؛ فإن صحفا لبنانية ومصرية وأردنية وخليجية في طريقها إما للتحول الكترونيا أو التوقف نهائيا ، بسبب الإقبال الكثيف على الشبكة العنكبوتية خاصة بين جيل الشباب ، فهناك صحف عربية شهيرة مثل ” النهار ” اللبنانية وصحيفة ” الرأي ” الأردنية والقائمة لا تنتهي من المطبوعات الورقية المنحدرة يوما عن يوم في توزيعها وانتشارها وقراءها .
نعم ، الهوة تزيد بين قراء الصحف الالكترونية وبين قراء الصحف الورقية ، وكلما زادت تطبيقات الشبكة العنكبوتية كلما كان ذلك على حساب المطبوعات وعلى حساب وسائل الإعلام المسموعة أيضا . فوفقا لتلك الإحصائيات الرقمية هناك 1,7 مليار قارئ للصحف الورقية يقابله نحو 2,5 مليار متصفح لشبكة الانترنت ولصحفها وتطبيقاتها .
ما من شك فيه أن مئات الملايين ينضمون إلى مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال هواتفهم الذكية ، ما يحتم على الصحافة الورقية مجاراة التطور الحاصل في عملية النشر للإخبار والتقارير والأحداث ، فالسرعة الفائقة التي وفرتها شبكة الانترنت بكل تأكيد صعبت من مهمة المنافسة .
فضلا عن أنها سهلت من عملية التواصل بين جمهور الانترنت والعالم قاطبة ، بحيث يمكن للقارئ البسيط وهو في غرفة نومه التواصل مع أي وسيلة إخبارية والتعليق على منشوراتها بيسر وسلاسة دونما تعقيد أو تأخير وفوق ذلك بالمجان .
ولا يقتصر الأمر على سهولة ومجانية الحصول على الصحف الالكترونية ، وإنما يتعدى ذلك إلى سرعة النشر ومساحته وحفظه وإتاحته أيضا للنسخ والنقل إلى مواقع التواصل الاجتماعي ” الفيس بوك ” توتير ” تيليجرام ” ” انستجرام ” وغيرها .
هذا إذا ما استثنينا حقيقة أن الصحافة الالكترونية لا يستلزمها الإمكانيات المادية المنهكة للصحافة الورقية ، من طباعة وتوزيع وعماله ، بل وأكثر من ذلك إذ يمكن للصحف الالكترونية الانتقال إلى إذاعات وقنوات فضائية مرئية ، فضلا عن قدرتها الفائقة في عمل استبيانات تتعلق بمعرفة الرأي العام أو شكاويه ومن خلال رسائل نصية أو مصورة .
ختاما .. هذا ما أردت قوله عن أزمة الصحافة الورقية ، وعلى أولئك المتحمسون جدا لإنشاء صحيفة أو ورقية أو إذاعة صوتية إن يفكروا جليا بان المواطن العادي أو قولوا الفتى الصغير في المدرسة الأساسية بات اليوم متصفحا نشطا للشبكة العنكبوتية ، وهو ما يستدعي مجاراة سوق رائج ومفتوح على العالم وان لا ينتظر لحين تأتي اللحظة التي ستجبر القائمين على الصحف لإعلان وفاتها .
فمن خلال حاسوبه أو هاتفه الذكي يمكنه قراءة ومتابعة أهم الأحداث اليومية ، بل وأكثر بحيث نجده مراسلا ومصورا ومعلقا ومناقشا ومشاركا في صناعة الكثير من الأخبار والتقارير المنتشرة في مواقع الشبكة العالمية ” الانترنت ” كثورة تواصل خارقة لكل ما هو كلاسيكي من أنظمة وسيادة وحدود ووسائل اتصال .