ادب وثقافة

حوار بين الأديبين عبد الله المتقي وحسن سالمي

مايو 24, 2022
عدد المشاهدات 117
عدد التعليقات 0
حواربين الأديبين عبد الله المتقي وحسن سالمي                           
            
 
بداية ماذا تقول عن حسنسالمي ساردا تونسيّا؟
    قبل كلّ شيء أقدّم لك جزيل شكري أديبناالسّامق عبد الله المتّقي على هذه المصافحة. وجوابا عن سؤالك أقول حسن سالمي هوأديبٌ تونسيٌّ ولد ببلاد الجريد سنة 1971. تفتّحت قريحته منذ بدايات تسعينات القرنالماضي، واختار ان يراكم تجربته في الظّل إلى حدود ربيع سنة 2014 حيث أصدر مجموعةقصصيّةً بعنوان “التيه” ثمّ انهمر الغيث فأصدر رواية”البدايات”، ثمّ “زغدة”، مجموعة قصصية، ثمّ”الإشارات”، دراسات نقديّة. ثمّ “الدماء لا تنبت القمح”، قصصقصيرة جدّا. ثمّ “مأدبة للغبار” قصص قصيرة جدّا. ثمّ “الطّيف”رواية متحصّلة على جائزة توفيق بكّار للرّواية العربيّة. ثم “غوانتانامو”رواية صدرت خلال شهر فيفري 2022. وله تحت الطّبع: “أنا وظلّي” قصص قصيرةجدّا تحصّلت على جائزة فاطمة بن محمود للقصّة القصيرة جدّا نظّمتها مجلّة أوراقمبعثرة. ورواية “المحاق” في جزئين، فضلا عن مخطوطات أخرى في القصّةالقصيرة جدّا والقصّة القصيرة والرّواية للنّاشئة تنتظر فرصة الخروج إلى النّور.
 من أين تشكّل عالمك القصصيّ والرّوائيّ، وما دور البيئة المحيطة بك في ذلك؟
    ما من تجربة إبداعيّة إلّا وتكون قادحتهاالأولى هي الموهبة. شيء نجده فينا دون أن نختاره، وقد تسبقه ارهاصات متقاربة أومتباعدة في الزّمن تبشّر بحالة إبداعيّة قادمة. وشخصيّا حين أعود بالذّاكرة ألمستلك الارهاصات في الطّفولة الأولى، حيث كان الخيال وثّابا والذّهن الغضُّ الطريّميّال إلى عالم الأحلام والسّحر، تارة أجده (أي الخيال) في ما وقع بين يديّ من حكاياوكتب وأفلام ونحوها، وتارة أجده ينبع من ذاتي فإذا رغباتي الدّفينة تتحوّل الىأحلام في اليقظة أصنع منها ما أشتهي وأشاء. حتّى إذا مرّ الوقت ودون الخضوع إلىمنهج واضح أو عناية خاصّة أفصحت تلك الموهبة عن نفسها واتّخذت شكلها ضمن عالمالسرد ومحيطه الواسع، وطبعا هذا الإفصاح لا يكون إلّا بعد رحلة طويلة مع الكتب ومعكلّ ما يمتّ الى الثّقافة والمعرفة بصلة. وقبل ذلك وبعده التّجربة الشخصيّة معالحياة ثمّ تجارب الأقربين ثُمّ وثُمّ… أمّا بالنّسبة إلى الشّطر الثّاني منسؤالك فلا شكّ في أنّ البيئة المحيطة هي الحاضنة الأولى لتلك الموهبة. فما تشكل فيوجداننا ومشاعرنا وأذهاننا من ذخائر لا سيما في فترة التّلقّي الأولى هي التي تطبعالحالة الإبداعية وتظل النّبع الذي نعود اليه سواء وعينا بذلك أم لم نعِ. وهذهالعمليّة ليس بالضّرورة أن تكون خاضعة للقصديّة والخطط المسبقة، إذ البيئات العربيّةفي عمومها لا تعتني عناية مباشرة بالمواهب وإن ظهرت ارهاصاتها باكرا، ولا تخضعها إلىبرامج علميّة تفجّر فيها أقصى ما يمكن من طاقة. إنّما عمليّة التفاعل تلك تأتي فيسياقات عشوائيّة بغير خيوط ناظمة في الظّاهر، ولكنّها تلتقي على أمر قد قُدِرفيكون الابداع بشطآنه البعيدة وأسراره التي لا تنتهي.
أنت كاتب متعدّد، روائي وقاصوامض وكاتب مقالة، فأين تبني خيمتك وتستريح؟
    أعتبر الرواية والقصّة القصيرة والقصّةالقصيرة جدّا، وأدب الناشئة والمقالة والدّراسات النقديّة غرفا متعدّدة لبيت واحد،تفضي بعضها الى بعض ضمن فضاء واحد هو فضاء السّرد، ويمكن أن تنفتح كلّ غرفة على مايناسبها من العالم الخارجي. لكنّها تظلّ مرتبطة بأخواتها على نحو ما. والذي يحدّداستراحتك فيها هي حاجتك إليها في وقت معيّن. وهذه الحاجة تحدّدها الفكرة والقضيّةوالرّسالة التي تشتغل عليها، فتدرك بحدسك الإبداعي أنّ الإفصاح عنها يكون حصرابواسطة هذا الجنس الأدبي وليس بذاك. والأديب هو أشبه ما يكون بالطّاهي المحترف لايجوز له أن يلقي كلّ ما في مطبخه في قِدر واحدٍ ودفعة واحدة. وإلّا كانت الوجبةالتي سيقدّمها سيّئة للغاية على مستوى الطّعم والذّوق معا… وملخّص القول كلّ جنسمن تلك الاجناس السرديّة التي ذكرت، هي محطّات استراحة بالنسبة لي تحدّدها الحاجةمنها.
تجربتك فيالقصة القصيرة جدا حقّقت فرادتها تونسيا وعربيّا. كيف استطعت تشييد هذا المختبرالقصصي؟
        بادئ ذي بدء دعني أعترف بأنّ القصّة القصيرة جدّاهي أصعب جنس ابداعي كتبت فيه. وتبين لي هذا لمّا نزلت من سماوات التّنظير إلى أرضالتّطبيق. حتّى أنّه أتى عليَّ حين غشِيني منها اليأس فأوشكت أن انفض يدي منكتابتها!  ومردّ ذلك كما أزعم يعود الى وعيي الشقيّ بها!  ذلك أنني كنت وما زلت أعتقد أنّ القصّة القصيرةجدّا هي عالم في نقطة، وبحر في قدح. والمعادلة كيف لي أن اجمع بين هذين النّقيضيندون الخروج عن نظم القصّة ونواميسها؟ وكيف لي أن أخالف السّائد وأصنع بصمة تميّزنيفي هذا البحر المتلاطم من القصص القصيرة جدّا؟
وعليه فلقد حاولت المحافظة على هويّة القصّ دون تماه معأجناس إبداعيّة أخرى. ذلك أنّ القصّة القصيرة جدّا تقع في خطّ التماس مع قصيدةالنّثر والشّعر عموما فضلا عن القصّة القصيرة والطُرفة والنّكتة والخبر واللقطةوما إلى ذلك من طرائق التّعبير…  القصّةالقصيرة جدّا تستوعب ذلك كلَّه وتقترب منه في حذر شديد دون أن تكون أيّ أحدٍ منهافي النّهاية… لم أعدم المحاولة من جهة ثانية من استيعاب الجانب النّظريّ فيكتابة القصّة القصيرة جدّا واختلافي معه أحيانا حتّى أثبت أنّ احتمالات كتابة هذاالجنس الصّعب دائما تظلّ مفتوحة وهو لا يمكن أن يتجمّد داخل أطر معيّنة أو فيقوالب جاهزة مهما كانت النظريّة التي تقف وراءه… من جهة ثالثة داومت الاشتغالعلى إحداث التنوّع في دوائر مختلفة. مثل دائرة القضايا الحارقة التي تهمّ النّاسوتعبّر عن مشاغلهم. وهذه القضايا تتوزّع على الاجتماعي والسياسي والقيمي والنّفسيوالفلسفي. الخ… الخ… كذلك اشتغالي على تنوّع الفضاء في النّصوص كذا الشّخوصوالاقتراب من تناقضات الحياة في مجتمعنا بنسبها المختلفة. فضلا عن ضرورة الاشتغالعلى تنوّع الأساليب ومستويات اللّغة ومحاولة استثمار تقنيات الرّواية والقصّةوالسيناريو والمسرح واستدعائها إلى القصّة القصيرة جدّا.
عناوينك القصصيّة والروائيّة مخاتلةومثيرة للتّأويل والاحتمال، وميّالة للمواجهة والصّدام. ما القصّة؟
 أشكرك على إثارةهذه النّقطة فملاحظتك في محلّها تماما… والسّرّ يعود الى اعتقادي الجازم بأنّالعنوان لا يقلّ أهميّة على تخوم النّص. ليس لأنّه العتبة الأولى التي تعترضالقارئ وعليها المعوّل في جذبه فحسب، ولا لأنّه فقط يمنح هويّة مخصوصة للأعمالفتعرف به وتميّزها من غيرها، بل لأنّه أيضا حمّالُ جمالٍ كان ومازال قبلةً للفنّوهدفا من أهدافه.  ومبعث جمال العنوان يأتيمن تلك المنطقة السّاحرة المثيرة للغموض والسّؤال والمستفزّة لخيال المتلقّيومشاعره، والتي تحيله في نفس الوقت على زبدة النّص دون تهويل أو مبالغة…  والحقّ أنّ العنوان يأخذ منّي وقتا للتّفكيرأكثر الأحيان. وأظلّ حتىّ اللّحظة الأخيرة متهيّبا منه، وأحيانا أجعل له بدائلعديدة لأتخيّر منها ما هو مناسب بعد وقت… يعجبني عنوان ما ثم لا يلبث ان يخبوسحره في نفسي فأبحث عن غيره. وهكذا أظلّ على قلق…
 ما حكاية هذا التحول من النّزعة القصصيّة الموجزة إلىالنّزعة الروائيّة الشّاسعة والمتشعّبة؟
 الصحيح ان نعكس السؤال. ما حكاية التحوّل من النّزعةالروائيّة الشّاسعة الى النّزعة القصصية الموجزة؟ وذلك ببساطة لأنّ النّص الموجزظهر مؤخّرا في حياتي الإبداعية (سنة2017 فقط) وكنت قبل هذا التاريخ أحاول السباحةفي محيطات الرواية وبحور القصة القصيرة. كما أسلفت انطلقت تجربتي مع السّرد منذبدايات تسعينات القرن الماضي، ممّا جعل تحت يدي كمًّا من التّجارب الروائيّةوالقصصيّة نبتت في الظّل بعيدا عن الضّوء والضّجيج. منها ما اكتمل ومنها ما لايزال منقوصا، ومنها ما يصلح للنشر ومنها ما لا يصلح. هذا فضلا عن الاعمال التي سبقأن عرّفت بها في مطلع حوارنا. ما أريد قوله ابتدأت مع النّفَسِ الطّويل في السّردأوّلا، ثمّ وجدتني أجرب كتابة القصّة القصيرة جدّا. مدفوعا إليها من اعتباراتثلاثة، أوّلا لأنّها جنسٌ سرديٌّ وعليَّ كساردٍ أن أخوض غماره وأركب المغامرة فيهبقطع النظر عن النتائج، دون الاكتفاء بالنّظر اليه من بعيد. وقديما قالوا ليسالخبر كالعيان. الاعتبار الثّاني، محاولتي الوصول الى القارئ في العالم الأزرقوافساح مكان لتجربتي في عالم الأنترنيت. خصوصا بعد أن بدأ الكتاب الورقي يمرّبظروف صعبة حالت دون وصوله إلى القارئ من جهة ولانكماش طبقة هذا الأخير من جهة ثانية.وطبعا أنسب جنس للحضور في العالم الجديد هو النّص الوامض، والنّص القصير جدّا… أمّاالاعتبار الثّالث فيعود إلى القصّة القصيرة جدّا في ذاتها. ذلك أنّها رغم صعوبةمراسها وقدرتها على الزجّ بكاتبها في محرقة الأعصاب والصّداع تمنحه خمرةً ما.لذّةً ما. تكشف فيه طاقةً ما مختبئة في أعماق أعماقه…
حصلت على جائزتين عربيتين،في الرّواية والقصّة القصيرة جدّا، فما الذي منحك هذا الاستحقاق؟ وهل التفت إليكالنقد؟
    هذا أصعب أسئلتك على الاطلاق خصوصا جزأهالأول. وأراه مخاتلا نوعا ما. ذلك أنّه يحيلني على تقييم نفسي بنفسي على الملأ،وهذا أصعب ما في الأمر. والاسترسال في الإجابة عنه ربما يزلق بي في دائرة العجبوالغرور وهذا لعمري مرض أخشاه وأتجنّبه ما استطعت الى ذلك سبيلا.  وأدنى ما يمكنني قوله أنّ الصّدق مع النّص أوّلبوّابات النّجاح. والصّدق يقتضي الاعداد الجيّد وبذل الجهد. وتوطيد العزم علىالبحث عن الجمال والمختلف والأرض غير الموطوءة. أمّا القسم الثّاني من سؤالكيمكنني القول بأنّ النقد التفت اليّ ربع التفاتة فحسب! وهذا الرّبع شكّلتها قراءاتعاشقة في الغالب، تلقي الضّوء على مواطن الجمال من وجهة نظر كُتّابها. لكنّها لاتشاكس ابداعاتي ولا تنصب لها المرايا لأرى فيها ظلا غفلتُ عنه أو نورا صنعتُه دون الانتباهإليه. أما النّقد الأكاديمي وعليه المعوّل فلم أنل شرفه بعد؟ ولك أن تسألني لماذا؟
أكبر الأسباب هو تعثّر وصول كتبي الى القارئ والنّاقدلخمولٍ في التّوزيع، ولتخلّي دور النّشر عن واجبها، مكتفيةً أكثر الأحيان بمنحةوزارة الثّقافة ثمّ الغبار والنّسيان بعد ذلك ولا تبالي. سبب آخر يتعلّق بالوضعالذي آل اليه النّقد في مجتمع الثقافة العربي عموما، ليس فقط على مستوى الانكماشوالضّمور والتّكاسل، وإنّما أيضا يتعلّق بالجانب الأخلاقي. لقد أفسدَ النّقدَ فيوطننا الكبير منطقُ الشلاليةِ وكسبُ المصالحِ الآنيةِ الضيّقةِ وتبادلُ المنافع.دون اعتبار للنّصوص الإبداعية في ذاتها. وشخصيّا أبغض هذا الطريق وأكره المشي فيهمكتفيا بصومعتي، معوّلا على الزّمن…
يرى لويس ماتيو دييس أنّ” القصّة القصيرة جدّا هي الانطلاق من نقطة صغيرة إلى أخرى جد كبيرة.”  ما تعليقك؟
هذهالكلمة عميقة جدّا ومخاتلة وحمّالة أوجه. وأوّل ما يتبادر إلى ذهني منها هو التّالي:سرٌّ ما يربط بين دقائق الطّبيعة والكون والحياة وإن بدت لنا متنافرة متناقضة منالوهلة الأولى. وهذا السّر ينتقل بشكل أو آخر الى الانسان ولا ينحصر فقط على بعدهالمادي، بل يتجاوزه الى تلك الشطآن التي تقع وراء ضفافه.  وأحد تلك الشطآن: شاطئ الابداع، ولو دقّقنا النّظرفإنّ هذا السّاحر الكبير واللّغز المحيرّ -وأعني به الابداع-يخضع على نحو ما إلىتلك القوانين.  من ذلك أنّ هذا الكونالشاسع الثّري المدهش وما يحويه من عجائب الأحجام والأشكال والألوان والرّوائحوالطُّعوم وما لا يقع تحت حصر، انطلق من نقطة صغيرة جدّا كما تقول نظريّة الانفجارالعظيم. كل تلك الاسرار والعجائب تكمن في نقطة قد لا تقوى العين على رؤيتها.  أليس هذا مدهشا وعجيبا؟ إنّنا بوعيٍ او من دونوعي نعيد تشكيل كوننا الابداعي على مثال الكون الذي ولدنا فيه. وقد يتوهّم بعضنا أنّهخالف المألوف مطلقا وخلق خلقا على غير مثال سابق، وهو في حقيقته لم يخرج عن دائرةالخلق الأولى، بل أثبت من حيث أراد النّفي أنّه من تجلّيات قوّة أكبر منه سرّبت إليهشيئا من روحها فكان تجلّيا من تجلّياتها. إذن هذا هو الأصل والسّر الأول الذي يجعلخلق النّقطة القابلة للانفجار والذّهاب في كل اتجاه هي أرقي درجةٍ في سلّمالابداع… أليس هذا دليلا آخر على أنّ القصّة القصيرة جدّا من أصعب الفنون علىالاطلاق، باعتبارها النّقطة التي ينبغي أن تحمل في صميمها السّماوات والأرض ومابينهما. ولا يفوتني قبل أن انهي الإجابة عن هذا السّؤال الشيّق أن أنبّه بأنّالحركة التي أشار اليها “ماتيو دييس”. تخصّ قارئ القصّة القصيرة جدّا دونسواه ولا يمكن تعميمها كقاعدة عامّة. ذلك أنّ الحركة التي يقوم بها المبدع الوامضهي حركة عكسيّة تماما… ينطلق من الكبير المتشظّي إلى الصّغير اللّامتناهي. عالمفي نقطة، وبحر في قدح!
هل من نميمة بيضاءوباقتضاب عن نصّك الرّوائي الأخير غوانتانامو؟
    مناخ الرواية عموما يدور بين الاهداءوالتصدير اللّذين جاءا فيهما: “إلى من ناوشتهم سياط العذاب ظلما. إلى كل إنسانحرّ.” أمّا التّصدير فلشيخ المناضلين نيلسون منديلا: “ليس حُرًّا من يُهانأمامه انسان ولا يشعر بالإهانة.” ولقارئ الحوار أن يربط ذلك بالعنوان ويتركخياله يرحل الى هناك.
كلمة أخيرة سي حسن.

أجدّدلك شكري المبدع الكبير عبد الله المتّقي. كان الحوار معك ممتعا للغاية. أفسحت ليالمجال كي أتنفّس برئة جديدة. ما لا يستطيع المبدع قوله في نصوصه باعتباره محكومابقوانينها، يقوله في الحوار بلا مواربة، بعيدا عن مساحيق الفنّ ومراوغاته. أسئلتككانت ذكيّة جدّا ودقيقة. إنّها لم تخرج عن قوانين الأدب الوامض. كلمات موجزة تخفيوراءها كثيرا من المعنى. أحسن الله اليك.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى