صابرحجازي يحاور الشاعر والكاتب المغربي عبد الحق أيت الحاج
نوفمبر 23, 2018
عدد المشاهدات 934
عدد التعليقات 0
في إطار سلسلة اللقاءات التي أقوم بها بقصد اتاحة الفرصة امام المهتمين بالشان الثقافي والابداعي والكتابة الادبية بشكل عام والذين قد يعانون من ضائلة المعلومات الشخصية عن اصحاب الابداعات الثقافيةعبر انحاء الوطن العربي الكبير،لذلك فان اللقاءات بهم والحوار معهم من اجل اتاحة الفرص امامهم للتعبيرعن ذواتهم ومشوارهم الشخصي في مجال الابداع والكتابة ويتيح للجميع التعرف عليهم من قرب والتواصل معهم مستقبلا
ويأتي هذا اللقاء رقم ( 88 ) ضمن نفس المسار
وفي ما يلي نص الحوار
س – سيرة الشاعر والكاتب مهمة في التعريف به لاسيما للمتلقي، فمن أنت الإنسان والشاعر؟
الاسم عبد الحق أيت الحاج
من الجنوب الشرقي بالمغرب.
حاصل على الإجازة في شعبة الدراسات العربية من كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة القاضي عياض بمراكش.
خريج المدرسة العليا وحاصل على الإجازة المهنية بكلية علوم التربية جامعة محمد الخامس بالرباط.
أتابع دراستي الآن بسلك الماجستر كلية الآداب والعلوم الإنسانية بن امسيك جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.
أحاول كتابة الشعر وأكتب بعض النصوص السردية من حين ﻵخر.. أنا كاتب أهوى الكتابة قبل احترافها، أجدني مهتم بالأدب خاصة بقصيدة النثر وبالسرد، لي ديوان شعري يتيم موسوم ب”سكرات البوح” صادر عن جامعة المبدعين المغاربة بالدار البيضاء..
أنشر نصوصي السردية على الجرائد الورقية وبعض الصفحات الإلكترونية.
س – مهما تطول بنا المسافات فلا بد من الرجوع إلى نقطة البداية، فكيف كانت بدايتك؟ ومن يقف وراء ولوجك عالم الكتابة؟
نقطة البداية لا بد من الرجوع إليها مهما طالت التجربة، فالبداية أولا وأخيرا هي عتبة الولوج. لا زلت في بدايتي وهي بداية جد متواضعة..
بالنسبة لجنود الخفاء فهم كثر، ولكل واحد منهم فضل علي لا أنكره بقدر ما أثمنه وأقدره أيما تقدير، إلا أنه في حقيقة الأمر هناك كاتبة شجعت هذا الإنسان ودفعته إلى الأمام.. فلها جزيل الشكر والكثير من الحب على تزكيتها موهبتي المتواضعة جدا.. وأرجو أن أكون عند حسن ظنها بي كما أرجو أن أكون كذلك عند باقي أصدقائي وكل من يقرأ لي!
س- إنتاجك الأدبي؛ نبذة عنه؟
لي ديوان يتيم واحد، وسمته ب “سكرات البوح”. وكأي كاتب في عثراته الأولى لي نصوص كثيرة لا زلت أتردد في نشرها. وكذا إيماني بأن ما ينشر يجب أن يكون أهلا للنشر وإلا فمن الأفضل أن يبقى عندي حتى أرى في أمره.. لهذا لا زلت أحتفظ بالكثير من النصوص التي ولا شك سأفكر في نشر بعضها مستقبلا!
س – أنت كاتب رواية وقصة وشاعر فأي عنوان من هذه العناوين الأقرب إلى روحك؟
سؤال صعب على من يعشق الأدب، الثلاثة أصناف سردية أحبها، الشعر يبقى البوح المكثف الذي أرسل فيه كل مكنون النفس وأعبر به دون قيود! أما القصة القصيرة فهي جنس رائق جدا له شروطه وله رواده في العالم العربي.. أرى نفسي كقارئ أفضل القصة في أحايين كثيرة عند ضيق الوقت وكذا محاولة التنفيس من قراءة الكتب والروايات ذات الحجم الكبير!
أما الرواية فهي صنف جامع مانع، والأجمل فيها أنها تفتح المجال للكاتب ليضمن فيها القصة والشعر والخاطرة.. لهذا السبب أفضل الرواية!
س – كثر الحديث عن قصيدة النثر ولا زال النقاش عنها محتدم بين النقاد والمهتمين إلى اليوم، فماذا تقول عنها أنت؟
هذا سؤال مهم جدا، باعتباري اكتب قصيدة النثر وأفضلها في القراءة أيضا كمتلقي. هذا لا يعني أنني ألغي القصيدة العمودية (النمط الشعري التقليدي)، بل هو مجرد ميول شخصي ككاتب ومتذوق للنثر والشعر معا.
“هل تصمد القصيدة العمودية أمام طوفان قصيدة النثر؟ ”
لطالما وجدت هذا السؤال في الملتقيات الأدبية والندوات والأمسيات الشعرية حاضرا؛ وبصيغ مختلفة!
يمكن القول إن قصيدة النثر فعلا انتصرت على غريمتها التقليدية (قصيدة نظام الشطرين) ولكنها لم تلغيها ولن.. إذ أن الإلغاء لا يكون بالسهولة.. فأن يلغي جنس أدبي جنسا آخر أمر في غاية الصعوبة..
بالفعل لم يحدد النقاد ليومنا هذا معايير محددة ومتفق عليها في كتابة قصيدة النثر التي اكتسحت المشهد الشعري بالعالم العربي منذ أن مهد لها كل من نازك الملائكة وبدر شاكر السياب. من النقاد اليوم من يرى أن قصيدة النثر هي شعر خالص وهذه الفئة ينتصرون لقصيدة النثر ويعتبرونها الجنس الشعري الأقوم للظرفية الزمنية الراهنة؛ وهناك من النقاد من يرى أن أغلب ما يسمى بالشعر النثري ما هو إلا خواطر أدبية ليس إلا.. في حين هنالك من يرى أن قصيدة النثر هي جنس أدبي مستقل وله شروط كتابته!
اعتبر قصيدة النثر جنسا أدبيا نثريا قائم بذاته، فالقارئ العربي اليوم يفضل قصيدة النظر نظرا لكونها تزخر بصور شعرية تجسد الوضع الحالي وكذا قدرتها على تكثيف المعنى في ألفاظ محدودة. قصيدة النثر تؤثر على القارئ ويستجيب لها بسهولة..
ما تحسه وأنت تكتب قصيدة نثرية، هو الحرية المطلقة في الكتابة، فأن تقيدك اللغة وأنت تكتب معناه أنك لن ترسل كل أشجانك في الألفاظ. أما القصيدة العمودية فإنها تتطلب من الشاعر أن يكون منتبها في بناء البيت ووضع القافية والراوي وكذا الحفاظ على البحر الشعري…
الحرية في مراقصة اللغة هي التي جعلتني أفضل قصيدة النثر وهذه وجهة نظري نحوها!
س – باعتبارك شاعر وكاتب مهتم بالشأن الثقافي العربي، كيف وجدت دور وموقف المثقف العربي إزاء الأحداث التي مرت بها الأمة؟
قبل الشروع في الإجابة عن هذا السؤال، لا بد من شكرك عليه أولا، ولا أخفيك سيد صابر أنني كنت أنتظره منك نظرا لكونه سؤالا يجب أن يكون ضمن سلسلة الأسئلة في هذه المحاورة.
تابعت عن كثب ما استطعت آراء بعض الكتاب والشعراء والمهتمين بالشأن الفكري والثقافي بصفة عامة في العالم العربي، كما حاولت أن أستنتج مضمون ما جاءت به الخطابات التي نشرت بمختلف الجرائد الإلكترونية وبالجرائد الورقية الوطنية. بطبيعة الحال هناك تباين بين هذا المثقف وذاك، يختلفون حسب اختلاف المشارب الفكرية والإيديولوجية التي رأوا بها الوضع الذي مرت وتمر منه الأمة العربية.. يتضح على العموم أن أغلب المثقفين استنكروا ما يجري بالوطن العربي الجريح، هذا الوطن الذي وللأسف الشديد أضحى مقبرة عالمية يدفن فيها الإنسان ضحية الحروب والمجازر بغير وجه حق وبدون أدنى سبب لقتله سوى لكونه وجد على جغرافية بلد ما.. وقليلة هي الدول العربية التي نجت من الحالة المبكية التي عرفها العالم العربي..
لا يمكننا نكران دور الكتاب والشعراء في التفاعل مع الأحداث الدموية والسياسية وكذا الاجتماعية.. التي تمر منها الأمة العربية. بالفعل هناك كتابات غزيرة كتبت عن المرحلة منذ بداياتها، واصدارات كما ترى كثيرة كان موضوعها الوضع القائم بالوطن العربي. دواوين شعرية.. روايات، كتب سياسية، مجلات ثقافية.. كلها حوت بوجه أو بآخر ما يجري وعبرت عنه الأقلام التي لا عد لها.
لكن هناك سؤالا لا بد من طرحه، إذا كان المثقف العربي قد أدى دوره، واستنكر الوضع اللا إنساني الذي يتمخض فيه الإنسان العربي، هل قام المتلقي العربي باعتباره المقصود بما ذرفه قلم المثقف الذي يمثله بدوره أيضا؟
إن المثقف وهو يكتب عن هموم بلده وأمته لا يكتب لفئة محددة ومعنية بخطابه، بل إنه يحاول جاهدا أن يعبر عن وضع مجتمعه وأمته ما استطاع بمكتوباته!
س – لمن تقرأ وبمن تأثرت خلال قراءتك؟ وهل هناك مثل أعلى لك في عالم الكتابة!؟
ﻷي إنسان كيفما كان وفي أي مجال إنسان آخر يعتبره قدوته، لكني سأكون غير منصف إذا قلت لك إني معجب بكاتب واحد ووحيد، سأظلم كل الذين قرأت لهم عن شغف صادق. بالفعل هنالك كاتب فيلسوف ورسام وشاعر.. جمعت فيه فسيفساء الجمال كما ترى، تأثرت به منذ صغري ولا زلت أحب نصوصه ومكتوباته سواء الشعرية أم النثرية؛ إنه الوجداني اللبناني جبران خليل جبران، هذا الرجل أقدره أيما تقدير ولطالما وجدت في نصوصه الصدق والعفوية.. من بين كل الذين أقرأ وقرأت لهم أجده عفويا في أسلوبه، كما أنه إنساني صادق في مذهبه، ولا يخفى عليك أن الرجل إلى اليوم لا زال يلهم الكثيرين في مجال الكتابة الوجدانية..
وﻷنني قلت أنني سأكون مجحفا في حق الآخرين إن أنا أعلنت عن اعجابي بكاتب واحد، فإنني سأذكر لك بعض الأعلام التي أثرت في وفي قلمي؛ قرأت لسيد البلاغة والبيان المنفلوطي وميخائيل نعيمة وﻷستاذ العدم وعازف اليأس “إميل سيوران” وللكاتبة البريطانيا التي غادرت الحياة حبا وإرادة في سن صغيرة “سارة كين وللروائي العظيم الروسي “فيدور دوستويفسكي”.. الكاتب السوداني “الطيب صالح” والكاتب العالمي “بويلو كويلو”.. وهلم كتابا من الذين قرأت لهم ولا يسع المجال هنا لذكرهم جميعا!
إلا أنني كما أخبرتك زئبقي القراءة وكذا لا أكتب في ثيمة واحد.. فأنا أجد أنه من باب التقصير على الكاتب المثقف أن يكتب في توجه واحد ما دام متورطا في عشق الكتابة…
س – هل ترى أن حركة النقد في الساحة الأدبية العربية وعلى وجه الخصوص بالمغرب مواكبة للإبداع؟
طبعا لا أرى أن حركة النقد مواكبة لعملية الإبداع لا بالعالم العربي ولا بالمغرب. هذا؛ وخاصة كون عملية النقد بالساحة العربية عموما أصبحت اليوم تعرف بنوع من التنميط واللاشفافية وغلبت المجاملات والمدح الزائد.. أثناء الإقدام على نقد الأعمال الإبداعية!
فالناقد اليوم أصبح ينتقي طبقا لمعايير شخصية أكثر منها موضوعية الأعمال التي سيقوم بنقدها، والقارئ للأعمال النقدية سواء المهتمة بالشعر أو بالنثر، يجد أن النقد أصبح مجرد مدح وتزيين للعمل الإبداعي أكثر منه تناوله بمشرحة نقدية صادقة. اللهم بعض الأعمال الأكاديمية التي قام أصحابها فعلا بعملية نقد موضوعية وهي قليلة جدا..
س – ما هو الحلم الذي لم يأتي والذي لا زلت تعيش ﻷجله؟
المرء بطبعه طموح إلى تحقيق أقصى ما يتمناه، وتحقيق حلم يعني بداية التوق لتحقيق حلم آخر أكبر منه. حلمي الذي أعيش ﻷجله وأتمنى تحقيقه هو كتابة نص نثري يموج شهرة ما بين المشرق والمغرب، تلك غايتي التي أطمح إلى تحقيقها. لطالما كانت الرواية “رواية ناجحة” هاجسي الذي يشغل بالي.. كما تعلم الدواوين الشعرية لا تأخذ صيتا أبعد كما تفعل الرواية، ولنا في روايات نجيب محفوظ مثالا، وكذلك من بين الرواية التي ذاع صيتها “موسم الهجرة إلى الشمال” للكاتب السوداني الطيب صالح، ورواية “عزازيل” للكاتب المصري يوسف زيدان …
هي أعمال خلدت أصحابها، وهذا هو الحلم.. أن أترك مولودة تكبر بعد موتي ولا تشيخ!
س – هل هناك حدود مسموحة وحدود غير مسموحة في مجال الكتابة؟
“ليس للمنهج مكان في الفن؛ الحماقة أفضل” (ألفريد دوبلن)، الكتابة مرض وسكر وهيام وضياع وتشظي وتيه وعربدة وذل وخنوع وترفع وتمرد وثورة وحياة وموت وزخات مطر دافئة وبراكين أحمت مياه الأنهار. الكتابة مزيج من المشاعر وبوح عظيم بالصمت المزعج، الكتابة ترجمة لنا ولما حولنا وللكون والوجود والعدم وللكفر والإيمان وللتقوى والزيغ وللأخلاق واللا أخلاق وللوجع واللذة وللسعاد والفرح والترح..
هي قناة اتصال بالممكن واللا ممكن؛ وإن سألتني لم أكتب؟ كأنك أعجزتني. فعلا أنا أكتب ولكن لا أعرف لم.. أحس بي أعدو مع العدائين واقف مع الواقفين مضجع في القبور مع الموتى وأتمخض مع امرأة تلد!
لا اكتب ﻷحد ما، بقد ما أكتب لكل الناس ولا ﻷحد من الناس، تخيل يا رفيقي أنني أتنفس بالكلمات أحيانا. أجد فيها صدى الحياة.. أسمعه! نبض قلبي لا يستقر إلا وأنا اكتب أو يحدث العكس! تزداد دقات قلبي وأنا اكتب أو تتباطأ جدا حتى أكاد أجزم أني أسلم الروح!
أطرح الأسئلة في الكثير من مكتوباتي ولا أجيب، أو أجيب وأنا على يقين أن إجابتي مجرد نافذة في قصر كبير لا تعد نوافذه ولا تحصى. يحدث أيضا أن أجيب على لا شيء.. نحن البشر لم نعرف بعد كل شيء عن الحياة! كل ما عرفناه لحد الآن ما هو إلا صفحة من صفحات الوجود.. فما بالك بالعدم!؟
أنا نفسي أجهلني بين البشر لا أعرفني ولا أعرف لمن أنتسب ولا كيف تكونت ولم أنا معهم هكذا!؟ أتعرف أن هناك فرق بين الإنسان والبشر.. حدث أن حاولت كثيرا وتهت قبل أن أصنف نفسي في خانة البشر؛ طبعا ليس هناك البشر والإنسان فقط.. بل هناك تصنيفات أخرى ضمننا نحن الجنس العاقل.. لكن تأملي لم يذهب بعيدا!
سأظل اكتب حتى يروى ظمأ غليل العطش المعرفي الذي يقتلني.. سأواصل الكتابة علني أبلغ نتفة يسيرة من الحقيقة والكتابة شقيقة القراءة.. الكتابة فعل ثانوي بعد القراءة الفعل الأولي!
س – أنت عضو في العديد من المنتديات الثقافية والأدبية، ولك موقع خاص باسمك. فهل إستطاعت الشبكة العنكبوتية تقديم الإنتشار والتواصل بين الأديب والمتلقي؟
تم ذلك إلى حد ما، نظرا لشبه غياب المبادرات التعريفية التي تكون جسر ربط بين الكاتب والقراء..
https://www.facebook.com/abdelhak.aitlhaj.96
س – قبل أن نسدل الستار على هذا اللقاء، ماذا تقول في كلمتك الأخيرة؟
كلمتي الأخيرة، هي شكري الجزيل لكم السيد الاديب المصري صابر حجازي على هذا اللقاء الثقافي المائز، الذي هو فرصة أتحتها لي كما أتحتها لثلة من المثقفين المميزين.. وهذه البادرة الثقافية هي فرصة وخيط وصل بين المثقف الكاتب والقارئ فضولي المعرفة. كما أتمنى لنا ولكل الكتاب في العالم العربي كل التوفيق والسداد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الكاتب والشاعر والقاص المصري صابر حجازي
http://ar-ar.facebook.com/SaberHegazi
– ينشر إنتاجه منذ عام 1983 في العديد من الجرائد والمجلاّت والمواقع العربيّة
– اذيعت قصائدة ولقاءتة في شبكة الاذاعة المصرية
– نشرت اعماله في معظم الدوريات الادبية في العالم العربي
– ترجمت بعض قصائده الي الانجليزية والفرنسية
– حصل علي العديد من الجوائز والاوسمه في الشعر والكتابة الادبية
–عمل العديد من اللقاءات وألاحاديث الصحفية ونشرت في الصحف والمواقع والمنتديات المتخصصة