مقالات

البيكني وبرج الأسد

أغسطس 03, 2018
عدد المشاهدات 5605
عدد التعليقات 0
سماح بن عبادة
كثرة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي جعلها تشبه الباروميتر الذي تقاس به الكثير من الأشياء التي تكمم والتي لا تحسب عدديا. التواصل عبر هذه الشبكات يكاد يطغى على التواصل الاجتماعي والأسري المباشر. يمكن أن نقول أن لشبكات التواصل الاجتماعي سيطرة وسطوة على مستعمليها تكاد تفوق سيطرة التفاعل والاحتكاك المباشر مع المحيطين بهم.

وفي كل تصفح لهذه الشبكات نصدم بالكثير من النشريات ما يجعل دعوة الآباء والأمهات لمراقبة استعمال أبنائهم لها تتكرر دوما وتتجدد دون الوقوع في التكرار المجاني لأن هذه الدعوة- النصيحة تجد دوما مبرراتها ودوافعها الملحة.

المراهقون والأطفال اليوم يدخل إلى بيوتهم وغرفهم كل ما تحمله الإنترنت وشبكات التواصل تؤثر فيهم وفي علاقاتهم، مراهقو ومراهقات اليوم لا يحتاجون إلى المراوغة والكذب لكي يسمح لهم آباؤهم بالخروج للالتقاء بشخص ما أو إجراء اتصال مع شخص ما، يأتيهم كل شيء إلى أيديهم لا يضطرون للاجتهاد أصلا لكي يفعلوا ما يريدون.

هم في غرفهم يدردشون مع من يريدون ويعاكسون ويتبادلون الآراء والأفكار ويتبادلون الصور والفيديوهات وكل شيء بسهولة تامة. وهذا ما يجعل حضور الرقابة والتوجيه ضروري لحمايتهم مما يأتيهم من العالم الافتراضي الذي سرعان ما تتحول علاقاته وتأثيراته إلى ممارسات واقعية لنستنتج أن هذه الشبكات تنجز فعلا عمليات تشبيك معقدة.

أحيانا وأنت تشاهد بعض صور وفيديوهات فتيات وفتيان في أعمار صغيرة تتساءل أولا عن والديهم أين هم ما هذا الذي ينشره أبناؤهم أو بناتهم؟ هل شاهدوه وإن كان ذلك ما هي مواقفهم منه؟

ويسيء كثيرون في عالمنا العربي استخدام هذه المواقع التواصلية فتضاف إلى مشكلاتهم وتؤثر حتى في مجرى حياتهم. ومن بين هؤلاء مراهقة انضمت إلى مجموعة فيسبوكية تهتم بالأبراج حيث ينشر الأعضاء صورهم ويعرفون بأنفسهم ويفصحون عن تاريخ مولدهم وأبراجهم في انتظار التعليقات والتعرف على أشخاص من نفس البرج. الفتاة نشرت صورتها في لباس سباحة (بيكني) لتقول إنها من مواليد برج الأسد وتتساءل عن رأي أعضاء المجموعة في برجها وفيها.

وبعد ظهور الصورة بلحظات معدودة انهمر عليها فيض لا متناه من التعليقات بين معجبين وأغلبهم “ذكور” يبدو من تعليقاتهم أن نواياهم خبيثة فمنهم من مدح لون بشرتها ومنهم من دخل في تفاصيل جسدها وشعرها وتعبيرات وجهها وشفتيها ومنهم من راح يطلب الاتصال بها في قالب من التهكم… وبين منتقدين ومنتقدات بشدة لعريها ممن اتهمها في أخلاقها وشرفها ومن كفرها ومن لعنها ومن تفنن في سبها وشتمها وإهانتها.صورة الفتاة المراهقة بعيدا عن الأحكام الدينية والأخلاقية والاجتماعية والثقافية وغيرها من المعايير مستفزة لمجرد عدم انسجامها مع المجموعة الفيسبوكية ومع اهتماماتها يعني تثير ضجة في العقل من كثرة التساؤلات التي تسببها.

هل تساءلت الفتاة عن الفائدة من نشر صورتها شبه عارية لتقول إنها من برج الأسد؟ يعني ما هو الرابط بين برج الأسد والتعرّي في فيسبوك؟ ماذا انتظرت كردود فعل من متابعي الصفحة ومشاهدي صورتها؟ ما هي العلاقة بين نشر صورة مثيرة ومثيرة للجدل وبين التعرف على أناس من نفس البرج مثلا؟

أحيانا لا تجد تفسيرا لمثل هذه النشريات سوى التعجب حيث ليس هناك منطق تخضعه لها. الكثير من الأشخاص ينشرون أي شيء وكل شيء دون تفسير منطقي ولا حتى نفسيا لما عرضوه من خصوصياتهم على الملأ، بل لعلهم يلقون بأنفسهم في جحيم من التعاليق والشتائم هم في غنى عنه. ويصبحون محل انتقاد هكذا مجانا ودون سبب.العرب

صحافية من تونس

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى