مقالات

أمنياتنا في العام 2017

يناير 01, 2017
عدد المشاهدات 892
عدد التعليقات 0
د. فاطمة الصايغ

غادرنا عام 2016 حاملاً معه الكثير من الذكريات المحزنة ومناظر الأشلاء ودماء القتلى التي نشرها الإرهابيون في بقاع الأرض المختلفة. ويدخل عام 2017 حاملاً معه الكثير من الآمال والتمنيات بعام جديد ومزدهر، عام يحمل معه الخير والسلام للعالم.

الإرهاب الذي يضرب العالم أسبابه مختلفة ومتعددة، وربما جزء كبير منه يتحمله الغرب الذي رعى لفترة طويلة الظلم الذي لحق بشعوب العالم الثالث فانفجر ذلك الظلم مخلفاً دماراً كبيراً طال الغرب نفسه.

لا يمكن أن ننظر إلى العالم في عام 2017 إلا ونأخذ في الاعتبار تأثير منطقة الشرق الأوسط وما قد يسببه عدم الاستقرار فيها من آثار سلبية على المنطقة وعلى العالم.

كان الغرب في الماضي يرسم السياسات ويخطط مصير شعوب الشرق الأوسط، بل ويمص دماءهم وثرواتهم دون أي اكتراث.

كان لا يتوقع منهم إلا السمع والطاعة، خاصة وأن بعض الأنظمة السياسية في الشرق خذلت في الكثير من الأحيان شعوبها وعملت على حماية مصالحها الخاصة على حساب العامة.

هذا الوضع ساهم في تراكم المشكلات والقضايا السياسية التي بقيت دون حلول عقوداً طويلة في انتظار العصا السحرية التي تحرك بعض الأنظمة السياسية للمطالبة بحقوق الشعوب الوطنية أو تحرك الدول الكبرى للتعامل بعدالة مع حقوق هذه الدول.

قضايا كبرى ظلت دون حلول؛ إما لتعنت الدول القومية الكبرى في المشرق وإما لضعف الدول الصغرى، وفي الوقت نفسه ظلت مواقف الدول العظمى، التي كان عليها واجبات دولية، غير مكترثة لوضع حدود لتلك المشكلات والأزمات التي تسببت في الكثير من الظلم لشعوب العالم الثالث.

قضية فلسطين، وقضية الجزر الإماراتية، وقضية التمدد الأيديولوجي لبعض الدول القومية، والقضايا الاقتصادية وقضايا الفقر والبيئة والتصحر والمياه والطاقة والغذاء… كلها قضايا كانت تحتاج إلى تكاتف الجهود الدولية لإيجاد بدائل وحلول ناجعة.

وقد حذر الخبراء والعارفون بالأمور من تردي الوضع إذا ما بقي على تلك الحال. وبالفعل لم يكن لهذا الوضع أن يستمر طويلاً دون إفرازات سلبية على المنطقة وعلى العالم بأسره؛ فقد أتاح هذا الوضع للتيارات الأيديولوجية استغلال هذه الأوضاع لصالحها.

فالفقر والبطالة وانحسار مستوى التعليم وفّر بيئة خصبة لنمو التيارات التكفيرية التي استغلت الدين، وسرعان ما استغلت الظروف لصالحها، ولم تجد الأنظمة من سلاح لتحاربها إلا القمع الذي أتى بنتائج سلبية. فالقمع خلق أحياناً في الشارع مواقف مؤيدة ومتعاطفة مع تلك التيارات، وعوضاً عن إخماد تلك الفتنة تم تأجيجها لتنتقل من الداخل إلى الخارج وتنشر القتل والدمار في مناطق متعددة من العالم.

ويمكن أن يكون أسوأ ما في تلك المعضلة أنها استطاعت باسم الدين أن تجد التعاطف معها من قبل البعض، وبالتالي تجد الاستمرارية والتمويل الذي لولاه لما استطاعت أن تنقل نشاطها من الداخل إلى الخارج. ومما ساعد على انتشار نار تلك الفتنة واتساع نطاقها هو التمويل الذي كانت تحصل عليه من قبل بعض الدول التي وجدت في انتشاره مصلحة مؤقتة لها.

مثلاً، لا يمكن أن ننسى مواقف الغرب، وبالتحديد الولايات المتحدة، من مجاهدي أفغانستان في حينه، ومواقف الغرب من بعض التيارات التكفيرية في سوريا والعراق وليبيا؛ فبدون التمويل الغربي لهذه التيارات لا يمكن لها أن تتمدد بهذه الطريقة السريعة وتنتشر إلى خارج حدودها السياسية. إذن فجزء مما يعاني منه الغرب اليوم هو إفرازات متوقعة من سياساته السابقة.

إن ما نتمناه في العام 2017 هو أن تتكاتف جهود الدول الكبرى مع دول الشرق الأوسط بصورة مدروسة وعادلة لإيجاد حلول لمشكلاتها الداخلية التي لو بقيت دون حل سوف تنعكس سلباً ليس فقط على المنطقة بل على العالم بأسره.

الاستفادة من دروس عام 2016 أمر مطلوب؛ لأن تجارب هذا العام علمت العالم دروساً سياسية يجب الاستفادة منها وتطبيقها. فالتاريخ يجب ألّا يكرر نفسه إلا مع الجهلاء. إن أمام الدول الكبرى فرصة كبيرة وسانحة لتخطي أخطاء العام 2016 والانتقال بسلاسة إلى عالم أفضل وأكثر سلاماً وأكثر أمناً، عالم يحتضن الجميع ويوفر للناس التعايش بسلام وأمن.

الاهتمام بالتفاصيل السياسية والدبلوماسية ليس بأكثر أهمية من الاهتمام بالتفاصيل الإنسانية التي تكفل للجميع حق العيش المشترك في عالم خالٍ من الحروب والفقر والكوارث.البيان

fatimaalsaayegh@hotmail.com

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى