النظر إلى المسلمين من خلال كتاب “رحلة إلى أوروبا”
نوفمبر 29, 2018
عدد المشاهدات 3729
عدد التعليقات 0
دنيا الزبيدي
وجدت دراسة أجراها “مركز الكفاءة لبحوث التطرف اليميني والديمقراطية” إن ظاهرة كراهية الإسلام في أوروبا آخذة في الازدياد، وأن أكثر من 44 بالمئة من المشاركين في استطلاع الرأي من الألمان قالوا إن المسلمين يجب منعهم من الهجرة، مقارنة بنسبة 36.5 بالمئة في عام 2014.
سافر أكبر أحمد، رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإسلامية بالجامعة الأميركية في واشنطن، عبر أوروبا لمدة أربع سنوات بصحبة باحثين وعقدوا المقابلات مع مسلمين وغير مسلمين. وظهرت نتائج هذه المقابلات في كتابه “جيرني تو يوروب: إسلام، إميجريشن آند آيدينتيتي”.
حيث في الفصل الأول من الكتاب، يقول أحمد إن المشكلة الرئيسية التي تواجه المسلمين في أوروبا هي أنه لا يُنظر إليهم على أنهم يحملون هوية أوروبية، كما يُنظر إليهم أيضاً على أنهم لم يساهموا بأي شيء في الحضارة الغربية. في الأساس، لا يحق للمسلمين أن يكونوا في أوروبا.
ويُجادل أحمد بأن المسلمين حتى وإن لم يتعلموا الدرس من حال اللاجئين المعدمين، فهم يجلبون معهم خصوماتهم الطائفية والعرقية. إنه تحد هائل لفهم المسلمين الأوروبيين وهويتهم وأنماط قيادتهم ورجال الدين والسياسيين ودور الأئمة ومكانة الأمهات والنساء في الأسرة وعلاقاتهن بالحكومة والجمهور العام.
وكتب أحمد حول طبيعة المجتمع القبلي، والتي تنشأ من خلال الدم المشترك وتعرف باسم “عصبية” أو التماسك الاجتماعي، وأكد على أن هذه الطبيعة تضيع بشكل تدريجي بسبب الهجرة إلى الغرب. “تتفكك العائلات بمرور الوقت ولا يُترك للجيل الجديد، على وجه الخصوص، سوى بعض الأنقاض والأجزاء الصغيرة من هويته القبلية. وفقدان هذه الهوية القبلية يعني أن مجموعة الأفراد لم تعد متجذرة في الهوية القبلية الماضية وإذا لم تكن قد اكتسبت هوية أوروبية قوية، فسوف يشعر هذا الجيل بالحيرة والتخبط وسيتساءل أي القواعد والقيم التي يجب اتباعها. ودون توجيه، فإن الفرد سيكون عرضة للهجوم، ويمكن تضليله بسهولة بطريقة تؤدي به إلى ارتكاب أعمال عنف”.
ويوضح الفصل الثاني تناقض موقف الألمان، مثل شخصية هاملت في رواية شكسبير، في نهجهم تجاه المسلمين. فحقيقة أن اللاعبين المسلمين في المنتخب الألماني الفائز بكأس العالم 2014 امتنعوا عن غناء النشيد الوطني الألماني هو مؤشر كبير على أنهم لا يشعرون أنهم ينتمون إلى الهوية الألمانية بسبب هويتهم الدينية وبسبب شعورهم بالانحياز ضدهم.
يقول أحمد “لن يكون من الصعب القول بأن المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أظهرت مشاعر تشبه مشاعر هاملت في التعامل مع تدفق اللاجئين بينما كانت تتردد بين لحظات الشك واللامبالاة الباردة، وهي تقول لفتاة عربية شابة لاجئة إن عليها أن تغادر البلاد، في حين تفتح ذراعيها للترحيب بمليون مهاجر حتى لو تحملت التكلفة السياسية على عاتقها”.
ويركز فصل آخر في الكتاب على مسلمي جنوب قارة آسيا في المملكة المتحدة والمهاجرين المسلمين في فرنسا.
حيث أن مهاجري الجيل الأول إلى المملكة المتحدة كانوا لديهم قليلا من التوقعات، ولا سيما بعد أن فهموا أنهم لم يكونوا مساويين للمواطنين البريطانيين وأن الحياة في المملكة المتحدة لن تكون سهلة. أما مهاجرو الأجيال الثانية والثالثة فلم يقبلوا أن يتم تصنيفهم على أنهم مواطنون درجة ثانية، ولذلك وقعوا في مأزق. فمن ناحية، شعروا بالسعادة لحصولهم على جوازات سفر قانونية، لكنهم كانوا يعرفون جيداً أنهم لن يتم قبولهم أبداً في المجتمع بسبب خلفياتهم الدينية والعرقية.
وفي فرنسا، تظهر تداعيات الاستعمار حتى اليوم. فهناك، وعلى الرغم من وجود أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، أي ضعف حجم المملكة المتحدة، في عام 2016، لم يكن هناك سوى شخص واحد فقط صاحب خلفية إسلامية في الجمعية الوطنية المكونّة من 577 عضواً، وهو مجلس النواب المنتخب بشكل مباشر في البرلمان الفرنسي. وبعد انتخابات عام 2017، ارتفع عدد النواب المسلمين إلى 15.
وفي الكتاب، وصف صلاح باريكي، وهو مسؤول مسلم في حكومة مدينة مرسيليا الفرنسية، المجتمع الفرنسي المسلم بأنه “فوضوي” وناقش مشكلة الأئمة. حيث قال “يمكن لأي شخص أن يعلن نفسه إماماً. معظم الأئمة لا يتحدثون الفرنسية ولا يتحدثون العربية بطلاقة كذلك. حتى أن كثيرا من الناس لا يفهمون حقا ما يقولونه. إلى جانب ذلك، فإن الأئمة غير مثقفين جيداً”. يكتسب كتاب “جيرني تو يوروب” أهميته لأنه يساعد على فهم القضايا التي يواجهها المسلمون في الدول الأوروبية المختلفة ويقدّم نصيحة مهمة حول بناء علاقة أفضل بين اللاجئين والدول المضيفة لهم.العرب