أخبار عدن

العطاس.. جامعة عدن تستقطب الآلاف وسط عزوف جزئي عن بعض التخصصات بسبب سوق العمل (حوار)

كشف نائب رئيس جامعة عدن لشؤون الطلاب د. محمد عقيل عبد الله العطاس عن إقبال كبير من الطلاب للإلتحاق بكليات الجامعة خلال العام الجاري، مع عزوف جزئي عن بعض التخصصات في عدد من كليات الجامعة.

جاء ذلك خلال حوار مع “المصدر أونلاين”، أكد خلاله تقدم أكثر من ألفي طالب للإلتحاق بمختلف كليات الجامعة خصوصا التطبيقية منها، مع وجود عزوف جزئي عن بعض الأقسام في عدد من الكليات، وذلك بسبب عدم توفر فرص العمل للخريجين من هذه الأقسام.

وفي الحوار تحدث العطاس عن وضع التعليم الجامعي في جامعة عدن، ومساعي الجامعة لتلبية احتياجات سوق العمل من خلال تطوير برامجها الأكاديمية وتوفير تخصصات جديدة تلبي متطلبات سوق العمل.

وتطرق العطاس في الحوار إلى جهود جامعة عدن في دعم الطلاب من الناحية المالية والاجتماعية والعلمية.

 

نص الحوار:

– في البداية، هل يمكن أن تعطينا لمحة عامة عن وضع التعليم الجامعي في جامعة عدن حاليًا؟

جامعة عدن تعد واحدة من الجامعات العريقة في اليمن، إذ أنها من أقدم المؤسسات الأكاديمية التي تأسست في البلد، ومنذ إنشائها، اتبعت الجامعة تقاليد أكاديمية راسخة، وحرصت دائمًا على مراجعة وتقييم الوضع الأكاديمي بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل.

في بداياتها، كانت جامعة عدن تتألف من عدد قليل من الكليات الصغيرة، لكنها توسعت بمرور الوقت لتشمل ما يقارب 15 إلى 16 كلية، وقد نشأت من هذه الجامعة الرئيسية عدة جامعات أخرى مثل جامعات أبين، لحج، حضرموت، والمهرة، التي كانت في الأساس كليات تربية تابعة لجامعة عدن قبل أن تستقل وتصبح جامعات قائمة بذاتها.

وتعد جامعة عدن “الجامعة الأم” ولها سمعة أكاديمية معروفة، خاصة في تطوير مناهجها وأقسامها الأكاديمية لمواكبة التطورات التكنولوجية ومتطلبات سوق العمل. فعلى سبيل المثال، تطورت أقسام كلية الحاسوب، الهندسة، العلوم، والتربية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، حيث تم استحداث أقسام جديدة بناءً على الدراسات السنوية لحاجات سوق العمل.

– لقد لاحظنا تراجعًا في إقبال الشباب على التعليم الجامعي في السنوات الأخيرة. برأيك، ما هي الأسباب الرئيسية وراء هذا العزوف؟

في العام الحالي، شهدت الجامعة إقبالاً كبيرًا من الطلاب المتقدمين مقارنة بالأعوام السابقة، حيث تقدم أكثر من 2500 طالب للالتحاق بالكليات المختلفة.

وهذا الإقبال الكبير يأتي رغم الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، بما في ذلك الحرب والوضع الأمني الذي دفع بعض الشباب للانخراط في العمل العسكري بدلاً من التعليم.

– كيف ترون تأثير الأوضاع السياسية الراهنة والحرب المستمرة على التعليم الجامعي؟ وهل هناك تأثير مباشر على عدد الطلاب المسجلين؟

تُعد جامعة عدن من الجامعات المرموقة التي تحظى شهاداتها بتقدير كبير، سواء في السوق المحلي أو في دول الخليج المجاورة، وخريجو جامعة عدن يتمتعون بمؤهلات مطلوبة باستمرار، مما يسهم في تعزيز فرصهم في سوق العمل المحلي والدولي.

وشهادات جامعة عدن معترف بها في العديد من الدول، بما في ذلك الدول المجاورة، مما يمنح خريجيها ميزة تنافسية قوية، ولهذا السبب، لا يزال الطلاب متمسكون بالجامعة على الرغم من وجود العديد من الجامعات الخاصة التي فتحت أبوابها في عدن.

وما يميز جامعة عدن اليوم هو التزامها بمراعاة الظروف الاقتصادية والمعيشية للطلاب، بالإضافة إلى تلبية احتياجات السوق من خلال تقديم تخصصات متنوعة ومتطورة، مع الحفاظ على جودة الشهادات الأكاديمية المعترف بها.

صحيح هناك عزوف عن بعض الأقسام ففي كل عام، نلاحظ أن الطلاب يميلون أحيانًا إلى التوجه نحو تخصصات معينة في كليات محددة، ولكن بشكل عام تظل الكليات التطبيقية مثل الكليات الطبية والهندسة والعلوم الإدارية تحتفظ بأعداد مستقرة أو حتى متزايدة من الطلاب، حيث تشهد هذه الكليات كل عام توسعًا في أقسامها.

ومع ذلك، هناك أحيانًا عزوف عن بعض التخصصات في كليات مثل كلية التربية، خصوصًا في بعض التخصصات مثل الرياضيات، ولكن تم عقد ورش عمل لدراسة هذه المشكلة، التي تعتبر في الأساس مشكلة على مستوى الدولة، فعلى سبيل المثال، منذ عام 2011، لم يتم تعيين أي خريج من كلية التربية في تخصص الفيزياء، ما أدى إلى نقص في المدرسين في هذا التخصص.

وهنا الحل يكمن في توفير الوظائف فإذا وفرت الدولة فرص عمل، سيتجه الطلاب إلى التسجيل في هذه التخصصات، كون الطلاب يبحثون دائمًا عن التخصصات التي تضمن لهم فرص عمل سريعة، وإذا لم يجدوا فرصًا في الداخل، يذهبون للخارج بحثًا عن العمل، حيث يتمكنون من إيجاد فرص مناسبة ومواصلة حياتهم بنجاح.

– بالنسبة للتكاليف، التعليم الجامعي في الجامعات الحكومية مثل جامعة عدن يُعتبر مجانيًا أو منخفض التكلفة. لماذا لا يزال هناك عزوف على الرغم من هذه التسهيلات؟

نحن نحاول بشتى الطرق حل هذه المشكلات، خاصةً في ظل ظروف الناس المعيشية الصعبة، وعلى الرغم من أن الجامعات الخاصة مكتظة بالطلاب، إلا أن رسومها مرتفعة جدًا، لذا نسعى دائمًا لوضع رسوم معقولة يمكن للطلاب تحملها، خاصة لأولئك الذين لا يستطيعون الالتحاق بالدراسة الصباحية.

ففي العام الماضي، حاولنا توفير حافلات لنقل الطلاب، وقدمت المحافظة دعمًا لفترة معينة، لكنها توقفت بعد ذلك، وهنا نناشد محافظ عدن والدولة لدعم نقل الطلاب إلى الجامعة، خاصة مع ارتفاع تكاليف المواصلات في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.

ومن ناحية أخرى، رسوم القبول في جامعتنا تُعد أقل بكثير من الجامعات الأخرى، حيث تصل إلى نصف الرسوم تقريبًا مقارنة بالجامعات الأخرى.

– هل هناك برامج أو مبادرات من قبل الجامعة لدعم الطلاب من الناحية المالية أو الاجتماعية من أجل تشجيعهم على الاستمرار في دراستهم الجامعية؟

نحن في الجامعة نحرص على وضع رسوم دراسية رمزية جدًا مقارنة بالجامعات الأخرى، وهذه الرسوم تكاد لا تلبي حتى المتطلبات الأساسية، لكننا نراعي ظروف الطلاب ونسعى لتخفيف الأعباء عنهم.

وبالنسبة لوضع الجامعة، نجد أن أكثر من 75% من الموظفين هم متعاقدون، ويتقاضون رواتب متواضعة تتراوح بين عشرة إلى خمسة عشر ألف ريال، لذلك نطلب من الطلاب مبالغ بسيطة لضمان استمرار سير العمل في الجامعة، مقارنة بالجامعات الخاصة والجامعات الأخرى في تعز، حضرموت، وغيرها.

والجامعة دائمًا تسعى لدراسة خيارات لدعم الطلاب، بما في ذلك البحث عن مؤسسات تساعدهم في تحمل الرسوم، فعلى سبيل المثال، في كلية التربية تم تخفيض الرسوم الدراسية بنسبة 50% لبعض الطلاب في العام الماضي، وهو دعم مهم بالنظر إلى التكاليف المتواضعة التي تتراوح بين ثلاثة آلاف وخمسة وعشرين ألف ريال.

– ما هو دور الكليات والتخصصات المختلفة في جامعة عدن في تعزيز جذب الطلاب إليها؟ وهل هناك خطط لتطوير أو تنويع البرامج الأكاديمية لتلبية احتياجات السوق؟

تولي الجامعة اهتمامًا كبيرًا بتطوير الجوانب الأكاديمية والنوعية، سواء للطلاب أو للمناهج الدراسية، فعلى سبيل المثال، تم إنشاء ثلاثة أقسام جديدة في كلية التربية، لتلبية متطلبات سوق العمل.

وفي كلية الحاسوب، أُنشئ قسم للأمن السيبراني، وهو تخصص حيوي يتماشى مع احتياجات السوق المتزايدة في هذا المجال، كذلك تم إدخال تخصصات جديدة في كلية الهندسة، وتم إعادة ترتيب المناهج لتتماشى مع متطلبات المرحلة الراهنة.

وهذا التطوير الشامل ساعد في تأهيل الطلاب بشكل صحيح، مما يعزز جودة التعليم ويجعل مخرجات التعليم قوية ومتميزة.

– هل تعتقد أن هناك مشكلة في وعي الشباب بأهمية التعليم الجامعي؟ وكيف يمكن للجامعة والمجتمع أن يساهموا في تغيير هذه النظرة؟

في ظل الوضع الحالي، نحن ندرك أن الشباب بحاجة إلى توجيه صحيح، وهنا يأتي دور الإعلام في نشر الوعي، وأهمية تنظيم محاضرات توجيهية في المدارس الثانوية.

ومن الضروري أيضًا تقليل حالات الغش في الثانوية العامة، حيث نواجه مشكلة متزايدة تتمثل في قدوم طلاب يحملون شهادات الثانوية العامة، لكنهم يفشلون في اختبارات القبول الجامعي بشكل لافت.

وهذا الأمر يعكس خللاً كبيرًا، إذ أصبح الغش أمرًا شائعًا ومقبولًا للأسف، ولن تنهض أي دولة إلا من خلال التعليم الجاد والصحيح، الذي يُعد الأساس لبناء مستقبل مشرق.

– باعتبارك نائب رئيس الجامعة، ما هي النصيحة التي توجهها للشباب الذين يترددون في اتخاذ قرار استكمال تعليمهم الجامعي؟

أنا أناشد طلاب الثانوية بأن يبذلوا جهدهم ويعتمدوا على أنفسهم بدلاً من اللجوء إلى الغش، لأن الاعتماد على الغش لن يساعدهم في بناء مستقبلهم.

والتعليم الأكاديمي الجاد هو السبيل الوحيد لتحقيق النجاح، وهناك طلاب يخرجون من الثانوية ويدخلون الجامعات، وبفضل علمهم، يجدون فرص عمل بسرعة.

لكن هناك أيضًا طلاب يعتادون على الكسل في الثانوية، وعندما يتخرجون، يواجهون صعوبة في التوفيق في دراستهم، وقد يجدون أنفسهم في الشارع، سواء في أعمال عسكرية أو مهن أخرى غير مستقرة.

لذلك، أوجه نصيحتي للجميع بأن يتحلوا بالعزيمة والإرادة، وأن يستثمروا في العلم والمعرفة من خلال الدراسة والقراءة.

أيضا في مسألة اختيار التخصص المناسب للطالب في المرحلة الثانوية يعتبر خطوة مهمة، حيث يواجه الكثيرون صعوبة في تحديد اتجاههم، ونحن نقدم للطلاب دائمًا دليلًا شاملًا عن جميع الكليات والتخصصات، ونعد دليل قبول يوضح كيفية اختيار التخصص المناسب.

لكن أحيانًا تواجه الطالب تحديات من قبل الأسرة، حيث قد ترغب الأسرة في أن يصبح ابنهم طبيبًا، بينما هو يرغب في أن يكون مهندسًا، أو العكس، هذا الضغط قد يؤدي إلى نتائج سلبية، حيث يدخل الطالب في تخصص لا يرغب به.

لذا، أوجه نداءً إلى الأسر بأن تساعد أبنائها في توجيههم بشكل صحيح، وأن تأخذ في الاعتبار اهتماماتهم ورغباتهم، ويجب على الأسر أن تفهم أن الطالب، بعد الثانوية، أصبح شابًا ناضجًا، ومن المهم أن يعتمد على قراراته الخاصة ويختار التخصص الذي يتناسب مع شغفه وطموحاته.

– هل هناك تنسيق بين جامعة عدن والحكومة أو المنظمات الدولية لدعم العملية التعليمية ومساعدة الطلاب المتضررين من الوضع الراهن؟

من المؤكد أن الوضع في البلد يشكل تحديًا كبيرًا، لكننا قبل الأسبوع الماضي عقدنا اجتماعًا مع منظمات دولية، ورؤساء الجامعات، ووزارة التعليم العالي، لبحث سبل تأهيل المدرسين والبحث عن حلول لمشاكلهم في الجامعة.

ورغم جميع الظروف الصعبة التي نمر بها، فإننا نود أن نشكر المدرسين في جامعة عدن على جهودهم الكبيرة، كونهم يبذلون جهدًا عاليًا في تسيير الجامعة بشكل صحيح، ويعملون بجد لتقديم أفضل مستوى من التعليم في هذه الأوقات العصيبة.

– كيف تقيّمون مستقبل التعليم الجامعي في اليمن بشكل عام، وجامعة عدن بشكل خاص، في ظل الظروف الراهنة؟

رغم كل الظروف التي نمر بها، إلا أن مستقبل التعليم الجامعي لا يزال يسير بشكل جيد، وقد زرتُ عدة جامعات، ورأيت أن الأمور تسير بشكل جيد، والحمد لله في ظل هذه الظروف والإمكانيات المتاحة.

نحن نأمل أن تتطور البلاد والتعليم الجامعي، وأن تُركز الدولة على التعليم الأساسي والثانوي، ويجب أن يكون هناك مدرسون مؤهلون، مع ضرورة الاهتمام بالمدرسين، والتركيز على التعليم في المرحلة الثانوية، والقضاء على حالات الغش.

إضافة إلى ذألك ينبغي أن يعتمد الطالب منذ مرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية على نفسه، فإذا اعتمد الطالب على نفسه، فسوف نُخرج جيلًا متعلمًا، وعندها ستتطور البلاد، فلا خوف على البلاد إذا كان لديها جيل متعلم.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى