عربية ودولية

الهجرة إلى كندا.. وسطاء يغتالون أحلام البسطاء

تراود فكرة الهجرة إلى كندا ملايين الأشخاص حول العالم، بما في ذلك أشخاص في دول عربية يبحثون عن حياة أفضل. لكن مخاطر عديدة تتربص خلف هذه الأحلام الوردية، إذ تستغل مكاتب وشركات خاصة آمال وطموحات هؤلاء الحالمين وتروج لخدمات “مضمونة النجاح” مقابل مبالغ مالية كبيرة.

وتتصدر نتائج البحث عبر الإنترنت عن “الهجرة إلى كندا” إعلانات مكاتب خاصة تعد بمساعدة الراغبين في إنهاء الإجراءات ومتطلبات الهجرة، وتعرف نفسها على أنها “مستشار هجرة موثوق”.

لكن واقعة حدثت مؤخرا في إمارة دبي بدولة الإمارات، تثير المزيد من التساؤلات والشكوك حول ادعاءات هذه المكاتب وكيفية تعاملها مع الراغبين بالهجرة، وفق ما يقول قانونيون وحقوقيون لموقع “الحرة”، رغم التحذيرات المتكررة التي تنشرها السلطات الكندية عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة بشأن “الغش والاحتيال في إعلانات الهجرة”.

خلال وقت سابق من هذا الشهر، رفض زوجان أجنبيان الخروج من داخل مكتب شركة خاصة بمعاملات الهجرة بإمارة دبي لمدة 4 أيام، بحجة أن القائمين على تلك المنشأة فشلوا في تأمين إقامتهما الدائمة بكندا، رغم دفعهما آلاف الدولارات، حسبما ذكرت صحيفة “خليج تايمز” الإماراتية الناطقة باللغة الإنكليزية.

وذكرت الصحيفة أنه بسبب الإحباط الذي تعرضا له على مدى 3 سنوات، بقي الزوجان اللذان يقيمان بإمارة الشارقة، داخل مكتب الشركة الموجود بمنطقة ديرة بدبي خلال تلك الأيام الأربعة رافضين المغادرة.

وقال الزوجان إنهما اضطرا إلى ذلك الخيار بعد أن دفعا 40 ألف دولار كندي (أكثر من 29 ألف دولار أميركي) على مدى 3 سنوات دون أن يحصلا على أي وثائق أو يستردا المبالغ المدفوعة.

وتشير صحيفة “خليج تايمز” الإماراتية إلى أن السنوات الأخيرة شهدت مئات الحالات المماثلة، لافتة إلى أن الكثير من الشركات المختصة بخدمات الهجرة أخلفت بوعودها، أو أنها أغلقت أبوابها عقب أخذها أموال الحالمين بالهجرة للدول الغربية.

الأمل في حياة أفضل”

تعتبر كندا من بين أكثر الدول حول العالم التي توفر برامج هجرة ولجوء ودراسة وعمل للأجانب، إذ تشير بيانات إدارة الهجرة واللاجئين والمواطنة، إلى أنها عالجت ما يقرب من 5.2 مليون طلب للحصول على الإقامة الدائمة والمؤقتة والمواطنة في عام 2022، من بينهم أكثر من 437 ألف مقيم دائم جديد، و604 آلاف عامل مؤقت.

لهذا السبب تنتشر “الشركات والمكاتب التي تدعي أنها تقدم خدمات تسهيل إجراءات الهجرة لكندا في إمارة دبي ودول عربية أخرى”، حسبما يذكر قانونيون وحقوقيون لموقع “الحرة”.

وتقول المحامية الأردنية والناشطة في حقوق الإنسان، سمر محارب، لإن “العديد من الأشخاص يجذبهم الأمل في حياة أفضل وفرص جديدة بالخارج، لكنهم يجدون أنفسهم محاصرين في كابوس عندما يلجؤون إلى الوسطاء أو الوكالات أو حتى المهربين لتجاوز العملية القانونية للهجرة التي تكون مكلفة وغالبا ما تكون غير متاحة بسهولة”.

وعندما تواصل موقع “الحرة” مع هاتف مسجل في الإمارات منشور على موقع إلكتروني لإحدى الشركات التي تروج لمثل هذه الخدمات، يُسمع رسالة صوتية مسجلة من الشركة المزودة لخدمة الاتصالات، تشير إلى أن “الرقم مقطوع مؤقتا من الخدمة”، فيما لا يزال بالإمكان إرسال رسائل إلى ذات الرقم عبر تطبيق “واتساب”.

وبعد تواصل موقع “الحرة” معه عبر تطبيق “واتساب”، رفض مكتب آخر يدعي تقديم خدمات هجرة، التعليق حول المزاعم بشأن التجاوزات أو تحذيرات الحكومة الكندية من التعامل معهم.

من جانبه، قال أحد الموظفين بمكتب ثالث يتخذ من العاصمة المصرية القاهرة مقر له، إن أحد المسؤولين سيعاود الاتصال بنا للرد على الاستفسارات الصحفية، وهو ما لم يحدث.

وبالتواصل مرة أخرى مع مكتب رابع في دبي، باعتبارنا عملاء نرغب في الهجرة إلى كندا، مررنا بعملية استغرقت دقائق معدودة طلبت خلالها موظفة الاستقبال الاسم والبريد الإلكتروني، قبل إحالة المكالمة إلى مختصة في شؤون الهجرة كما تقول، وهي بدورها طلبت إعادة الاتصال بنا على ذات الرقم، وهو ما حدث بالفعل بعد أقل من دقيقة.

واستغرقت المكالمة الثانية أكثر من 15 دقيقة تضمنت في البداية أسئلة عن الاسم والسن والجنسية والمؤهل الدراسي والخبرة المهنية.

بعد ذلك، قدمت الموظفة شرحا مفصلا عن ميزات الهجرة والعيش في كندا ومتطلبات التأشيرة من اللغة الإنكليزية ومعادلة شهادة المؤهل الدراسي، وعدد نقاط التقييم التي يجب الحصول عليها من أجل أن “تكون مؤهلا لتأشيرة سفر صالحة لمدة 5 سنوات”، حتى الوصول إلى الرسوم المبدئية التي يجب دفعها للمكتب البالغة 150 درهما إماراتيا (40.84 دولار أميركي)، وهي “رسوم أهلية” للتأكد من إمكانية الحصول على التأشيرة بعد إيداع الأوراق المطلوبة لدى المكتب.

وتقول الموظفة إن “رسوم الأهلية هي نظير استشارة محامٍ في كندا حول قدرتك في الحصول على التأشيرة”.

أما الرسوم التي سيتحصل عليها المكتب نظير خدماته التي تستمر لمدة تتراوح بين شهرين إلى 6 أشهر تقريبا في الإعداد والتجهيز لمتطلبات التأشيرة، وفق الموظفة، فهي تبلغ نحو 8 آلاف درهم (2180 دولار أميركي). فيما ستكون تكلفة المراحل المختلفة من اختبارات لغة إنكليزية وصولا إلى رسوم التأشيرة نحو 4500 درهم (1125 دولار أميركي)، سيتحصل عليها المكتب أيضا، على أن يقوم بدفعها نيابة عن العميل، وفق الموظفة.

وطالبت “المختصة في شؤون الهجرة” في نهاية المكالمة الحضور بشكل شخصي إلى المكتب للحصول على المزيد من التفاصيل والسير في إجراءات التأشيرة.

وعادت الموظفة ذاتها للتواصل بعد دقائق عبر تطبيق “واتساب” لطلب السيرة الذاتية وإرسال عنوان مقر شركتهم للحضور.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى