ما تخشاه إيران.. كيف سترد إسرائيل على “الهجوم الانتقامي”؟
يترقب العالم هجوما عسكريا قد تشنه إيران على إسرائيل ردا على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران، الشهر الماضي، وهو ما يثير تساؤلات عن رد الفعل الإسرائيلي المحتمل عليه، وحجم هذا الرد.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، قال في تصريحات حديثة: “في الأيام الأخيرة كرسنا وقتنا لتعزيز الدفاع وخلق خيارات هجومية للرد والهدف الرئيسي حماية مواطني دولة إسرائيل”، في إشارة ربما إلى استعدادات إسرائيلية للهجوم الإيراني الذي تعهدت به.
وأفاد موقع أكسيوس بأن وزير الدفاع الإسرائيلي تحدث، الأحد، مع نظيره الأميركي، لويد أوستن، وأبلغه أن الاستعدادات العسكرية الإيرانية تشير إلى أن إيران تستعد لهجوم واسع النطاق.
وفي ملخص للمكالمة، قال البنتاغون، إن أوستن أمر بإرسال الغواصة الصاروخية الباليستية “يو أس أس جورجيا” إلى الشرق الأوسط، وسرعة وصول حاملة الطائرات “ثيودور روزفلت”.
ونقل مراسل موقع أكسيوس في تل أبيب، باراك رافيد، عن مصدرين، الأحد، أن المخابرات الإسرائيلية تعتقد أن إيران قد تهاجم إسرائيل خلال أيام، وبشكل مباشر.
لكن في المقابل، خرجت تقارير، في الأيام الأخيرة، تشير إلى انقسام داخل القيادة الإيرانية بشأن مسألة الرد.
وقالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، وضع إصلاح اقتصاد إيران وعلاقاتها الدولية في صدارة أجندته، وإنه “قلق من هجوم قد يخلف عواقب وخيمة على البلاد”
وكانت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة قالت في بيان صحفي الجمعة: “لدينا الحق المشروع في الدفاع عن النفس، وهي مسألة لا علاقة لها على الإطلاق بوقف إطلاق النار في غزة. ومع ذلك، نأمل أن يكون ردنا محدد التوقيت، وأن يتم تنفيذه على نحو لا يضر بوقف إطلاق النار المحتمل”.
وترى “هآرتس” أن البيان الإيراني كان “غامضا بما يكفي لتمكين الجميع من تفسيره على النحو الذي يرضيهم. ولم يلتزم البيان بطبيعة وتوقيت الرد أو حتى يلمح إليه. ولم يوضح البيان كيف يتوافق الرد، مع الرغبة في وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهو ما تعمل عليه جميع الأطراف الآن قبل جلسة المفاوضات، الخميس”.
وتبذل واشنطن جهودا دبلوماسية حثيثة من أجل إقناع طهران بالنظر إلى وقف إطلاق النار في غزة باعتباره بديلا للرد الانتقامي، أو على الأقل الاكتفاء برد لا يجر المنطقة إلى حرب أوسع نطاقا.
وكان زعماء الولايات المتحدة وقطر ومصر دعوا، الخميس، إسرائيل وحماس إلى استئناف المفاوضات إما في الدوحة أو القاهرة “لسد كل الثغرات المتبقية وبدء تنفيذ الاتفاق، دون أي تأجيل”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر: “نحن في المراحل الأخيرة ونأمل بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وقطعنا شوطا طويلا للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة “.
وتشير الصحيفة إلى أنه “من السابق لأوانه القول ما إذا كانت هذه الجهود قد أثمرت”، مشيرة إلى أنه على مدار اليومين الماضيين، كانت هناك تقارير مختلفة عن انقسامات داخل القيادة بشأن طبيعة وتوقيت الرد.
وذكرت صحيفة التلغراف البريطانية أن الرئيس الإيراني يعارض رغبة الحرس الثوري في مهاجمة المواقع العسكرية في تل أبيب ومدن أخرى، مع التركيز على القواعد العسكرية لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين.
لكن الرئيس الإصلاحي، الذي هزم مرشح الحرس الثوري في الانتخابات، الشهر الماضي، اقترح استهداف قواعد إسرائيلية سرية في الدول المجاورة لإيران.
ومن الصعب معرفة مدى دقة هذه التقارير، لكن مثل هذه الخلافات لن تكون مفاجئة، فقد كانت للحكومات الإيرانية السابقة خلافات مماثلة.
وتشير الصحيفة إلى أن الرغبة في الانتقام الذي يهدف إلى ردع إسرائيل ويفرض عليها ثمنا باهظا لاتزال قائمة، ولكن في الوقت نفسه، حث خبراء المسؤولين على “التصرف بحكمة” و”التخطيط بعناية” و”عدم التسرع”.
المحلل الأمني لشؤون الشرق الأوسط المقيم في واشنطن، رافائيل كوهين، قال لموقع الحرة إنه في حال هاجمت إيران إسرائيل فسوف ترد الأخيرة بشكل أكثر قوة مما فعلت في أبريل الماضي.
ويشير إلى أن الاعتقاد السائد بين المؤسسات الأمنية أن “الضربة الإسرائيلية في أبريل الماضي كانت بمثابة استعراض للقدرات أكثر من أي شيء آخر، ولكن هذه المرة سوف تكون الأمور مختلفة”.
المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان، قال لموقع الحرة إنه إذا أسفر الهجوم الإيراني عن وقوع ضحايا في صفوف المدنيين، “فلن يمر ذلك مرور الكرام على إسرائيل لأنها سوف ترد باستهداف المنشآت الاقتصادية، وربما النفطية داخل إيران”، على حد تصوره.
وقال نيسان إن على إيران أن “تفكر تماما في الثمن الذي قد تدفعه لو تورطت في مواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة”.
ويشير كوهين إلى أن شكل الضربة الإسرائيلية لا يزال غامضا، لكنها على الأرجح ستعتمد على مدى حجم الضربة الإيرانية.
ويقول الخبير الأمني الأميركي إنه في حال شنت إيران هجوما “غير فعال” مرة أخرى مثلما حدث في أبريل، ستكون الأمور مختلفة عما إذا شنت ضربة استهدفت مدنيين.
ويشير كوبي مايكل، الذي شغل سابقا منصب نائب المدير العام ورئيس المكتب الفلسطيني في وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية، في تصريحات لموقع الحرة، إلى أن الإيرانيين “يتذكرون ميناء الحديدة” في إشارة إلى الضربة الإسرائيلية للميناء في 20 من يوليو الماضي، ردا على استهداف الحوثيين تل أبيب بواسطة مسيرة.
وقال كوبي، وهو الآن باحث في معهد دراسات الأمن الوطني في تل أبيب: “هم (الإيرانيون) يعرفون مدى ضعفهم وهشاشتهم عندما يتعلق الأمر بمصدر دخلهم الرئيسي: إنتاج النفط وتصديره، والبنية التحتية الوطنية المتواضعة سواء كانت المياه أو الكهرباء”.
وأضاف أنه “بشكل عام، قدراتهم الهجومية والدفاعية أقل بكثير من قدرات إسرائيل، وليس لديهم تحالف دولي وإقليمي بقيادة الولايات المتحدة يمكنه مساعدتهم”.
وتشير هآرتس إلى أن مرشد البلاد، على خامنئي، يدرك التحديات الاقتصادية وتحديات السياسية الخارجية التي قد تخلقها الضربة “وعندما يشدد المتحدثون باسم النظام على ضرورة الرد على إسرائيل دون تقويض المصالح الوطنية للبلاد، فإنهم يدركون ليس فقط الثمن الاقتصادي الباهظ الذي من المرجح أن تدفعه طهران مقابل انتقامها، بل أيضا الضربة الشديدة التي من المرجح أن تلحق بسمعتها الإقليمية والدولية، بعدما تقدمت أخيرا بإقامة علاقات مستقرة مع دول إقليمية رئيسية مثل الإمارات والسعودية”.
ويوضح كوهين أن الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، من بين دول أخرى، أصدرت بيانات تؤكد أنها سوف تجعل إيران تدفع ثمنا في حالة شن ضربة عسكرية أخرى واسعة النطاق على إسرائيل.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإيرانيين الذين انتخبوا بزيشكيان سوف تكون لديهم مخاوف بعدما عولوا على رئيسهم الجديد لإصلاح الاقتصاد، ورفع العقوبات الدولية.
ومن المستحيل أن نعرف ما الذي سيقرره خامنئي، فمن ناحية “هو الزعيم الذي صاغ مصطلح “اقتصاد المقاومة” في مواجهة العقوبات، ومن ناحية أخرى، تحدث عن “المرونة البطولية” باعتبارها الطريقة الصحيحة لخدمة مصالح البلاد”، وفق هآرتس.
ولكن عندما تتحدث إيران عن رد لن يكون “على حساب وقف إطلاق النار المحتمل”، فربما تكون “قد وضعت بالفعل السُلم الذي يمكنها على الأقل من التراجع بما يكفي، لتقليل حدة ردها بطريقة مرنة”.