ما هو الأفق السياسي لمواجهة تحالف “حراس الازدهار” مع الحوثي ؟!
حملت الأخبار مؤخراً ما ينبئ بأن الصين قد طلبت من إيران التدخل لإنهاء أزمة تعطيل الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن من قبل المليشيات الحوثية . وأن هذا الطلب تم بناء على مشاورات جرت مع الولايات المتحدة ودول أوربية.
أياً كان هذا النوع من التدخل، فهو في كل الأحوال يعني شيئاً واحداً وهو أن إيران باتت، من وجهة نظر هذه البلدان، تفرض قدراً لا يستهان به من السيطرة على الجناحين البحريين للجزيرة العربية: الخليج العربي والبحر الأحمر، ناهيك عن بحر العرب وخليج عدن، سواءً بصورة مباشرة أو بواسطة أذرعها المليشاوية.
سياسة الاسترضاء التي يتبعها المجتمع الدولي، وخاصة دوله العظمى، مع كل ما يضر بمصالح بلدان هذه المنطقة يقابله سحق فوري حينما يصيب نفس الضرر مناطق أخرى من خارطة هذا العالم.
لا يريد هذا العالم أن يرى إيران في اليمن إلا بعيون ناعسة أو وباردة، ولذلك فإنه يبني سياسته تجاه تدخل إيران في اليمن من منطلقات تتوقف به عند حدود ما يشكله ذلك من ضرر عليه وعلى مصالحه.
لذلك فإن هذا العالم نفسه لم يتحرك بهذا المستوى من رد الفعل إلا حينما أخذت دائرة الضرر من التدخل الايراني تتعدى حدود اليمن إلى الملاحة الدولية.
ومع ذلك لا يبدو أن لديه مانع من السكوت، أو حتى الاعتراف بهذا التعدي الجيوسياسي لإيران في البحر الأحمر وخليج عدن فيما لو أقنعت مليشياتها الحوثية بوقف اطلاق الصواريخ على السفن وعدم تعطيل الملاحة الدولية . هكذا يفهم من هذا التحرك الصيني-الامريكي- الاوربي في الوقت الحاضر، والذي أخذت به إيران علماً، كما تقول، وتحتاج الى وقت للتفاوض بشأنه مع الحوثي “الذي يمتلك قراره” على حد زعمها .
إيران، بموقفها هذا، تضرب عصفورين بحجر، فهي من ناحية ستقبل الوساطة التي تتضمن إعفاءها من أي مسئولية عما يحدث من تصعيد خطير يهدد الأمن، وهي من ناحية أخرى تحاول أن تجعل العالم يعترف بالحوثيين كسلطة أمر واقع ، بعد أن تنظفهم إعلامياً من الارتباط بها كمليشيات تأتمر بأمرها.
إن كل محاولة لفصل هذا التصعيد الذي تشهده المنطقة عما أصاب اليمن خلال السنوات الماضية من كارثة على أيدي الحوثيين ومن ورائهم ايران، هو أمر لا يمكن النظر إليه إلا بأنه تجاهل للخطر الحقيقي الذي أضر بمصالح اليمنيين في السلام والاستقرار طوال عقد من الزمن، ولن ينظر اليمنيون إلى هذا التصعيد إلا بأنه نتيجة طبيعية لهذا التجاهل المحسوب بحسابات أثبتت خطأها فيما وصل إليه الوضع من مخاطر.
واليوم ، لا حاجة بنا إلى القول، بعد كل ما عشناه من أحداث وتجارب وخذلان، إن مواجهة مخاطر التصعيد الايراني الحوثي في البحر الأحمر، بما في ذلك قصف قواعد عسكرية حوثية- ايرانية، لا بد أن يرتبط بأفق سياسي ينهي هذا الخطر ويجتث دوافعه وأدواته، ودعم بسط نفوذ وسيادة الدولة على موانئها، وضمن ذلك تأتي إدانة رفض المليشيات الحوثية تنفيذ اتفاق استوكهولم ٢٠١٨ القاضي بالانسحاب من الحديدة وموانئها.
أما ما ورد على لسان السيد تيم لندركنج المبعوث الامريكي الى اليمن، في تصريح له مؤخراً، من أن النتيجة النهائية لمغامرات الحوثي هي أن تصبح اليمن منبوذة، فهذا يعني معاقبة اليمن بدلاً من معاقبة قوى الارهاب التي تسببت في هذا التصعيد.