ادب وثقافة
لماذا نكتب ..؟!
لماذا نكتب ..؟!
نكتبُ لأنّ صراخَنا الدّاخليَّ فقد صوتَه ..وكي نرسمَ حياةً أخرى في أحلامِنا غيرَ هذه الحياة ..
نكتبُ أملًا منّا في الخلاصِ من هذه المواجعِِ التي ألفناها زمنًا ومن أحزاننِا المدفونةِ في نخاعِنا حدَّ التّخمة …. نكتبُ لأنَّنا تُبكينا الحروفُ كلّما جرحتِ السّطورَ أحزانُنا ..نكتبُ لنحتضنَ القلوبَ بالحبٍِّ قبلَ أنْ ترحلَ إلى العدم ..
نكتبُ لنرمّمَ الشّروخَ والجروحَ في مائِنا الأوّلِ ونعيدَ نسغَه إلى جذورِنا التي تصحّرت طويلُا في سنخِ أوردتِنا الحارِّ ..
نكتب كي نتسوّلَ الهواء ونطعمَه لفراخِ البلابلِ والعنادلِ ونراوغَ الجذورَ لنفهمَ كنهَ الأشياءِ والفصول، وأسرارَ الجهاتِ وفلسفةَ السؤال، عن الإنسان في اللاشيءِ واللازمان واللامكان ، وخارجَ نطاقِ المادّةِ التي تؤطّرُها تلكمُ الأسئلةُ، كيلا نسقطَ من فكرةٍ مسمومةٍ وكيلا نساومَ وجودنا على كياننا ..
نكتب لنستشهد بالكتابة على أنّنا كنّا هنا، ومررنا من بوّابةِ التّاريخ ماجدين، منتصرين، حتىّ على أنفسِنا
ونكتبُ لتفهمَ معلِّمَةُ الرياضيات أنَّ العربيّةَ الفصيحةَ أجملُ وأمثل وأكملُ في شرح ِ قوانين التفاضلِ والتكامل والمعادلات ونظريات فيثاغورس الشهيرة ؛ فلا تقمعُ سليقتنا المنتميةَ إلى فطرتِها ومنبتِها ذات غرفةٍ صفيّة يافعة ،ونكتبُ لتقرأَنا معلمةُ العربيّةِ التي أهملَتْ براءتَنا، وقفزتْ عن جدارِ أحلامِنا الطّويلِ إلى مواضيعِ الإنشاء، حتّى انهارَ الجدارُ وسقطتِ الأحلامُ وسقطتْ معها أرواحُنا وكلُّ الصّور.
فهل يكفي الحبرُ العربيُّ لنهزمَ خيباتِنا ..؟!
وهل تكفي أرواحَنا ألوانُ الحبِّ والورود .. لنكملَ ما تبقّى لنا من مراثي المرايا .. في ليلٍ وئيدٍ .. ؟!
إننا _ معَ كلِّ كتابةٍ _نعيدُ صياغةَ الموتِ في أغنيةٍ فقدتِ اللحنَ والوزن .. ما تزالُ آفاقُها البعيدةُ خائفةًٌ من الطّين ..
وأيُّ صمتٍ يليقُ بهذه الأرضِ كيلا تهربَ من تحتِ أقدامِنا ..؟!
وأيُّ لغةٍ تَلزمُنا لينموَ فيها الربيعُ، كما ورقةٌ في أوّلِ الّلونِ .. وأكثرُ حنانًا على قطرةِ الماء الذي لا ينفد بإذن ربِّي .. !!!
فالكتابة انعتاق واللغة مادّتُها والقلم سلاحها والكلمة رصاصتها .. ونحن حين نيمم أقلامنا شطرَ الحياة فإنها تنزف دما لا حبرا، ويلزمنا وقتئذ زمنٌ آخر ةُ لنبرأ من الحزن ونبتسم كما الزنابق.
خذوا الحبرَ العربيَّ وهاتوا أقلامَكم …. إني أتضوّرُ معرفةً.
آمال القاسم /سكرة القمر