الحوثيون يصعّدون في تعز بمعزل عن تفاهمات التهدئة
الحوثيون لا يتوقفون عن التصعيد الميداني بالرغم من مسارات التهدئة الجارية، والتي شاركوا فيها من خلال لقاءات في مسقط والرياض. وتقوم الخطة الحوثية على معادلة حاور وناور، أي لا ترفض السلام وفي نفس الوقت استثمر التهدئة لتحقيق المكاسب الميدانية والسياسية والنفسية على حساب الخصوم.
صنعاء -عدن اوبزيرفر: اتهم الجيش اليمني، السبت، جماعة الحوثي بالتصعيد العسكري في مختلف جبهات محافظة تعز جنوب غربي البلاد، رغم اللقاءات التي أجراها الحوثيون في السعودية وتقدم المسار الذي يؤسس لمبادرة سلطنة عمان للتوصل إلى سلام شامل بين مختلف الأطراف المتدخلة في الأزمة اليمنية. وقال محور تعز العسكري بالجيش اليمني في بيان صحفي إن “ميليشيا الحوثي جددت تصعيدها العسكري خلال اليومين الماضيين في مختلف جبهات المحافظة”.
وأضاف البيان أن “مواجهات اندلعت بين الجيش وميليشيا الحوثي، الخميس والجمعة، في جبهتي الأقرض جنوب المحافظة، ومنطقة كمب الروس شمال شرق مدينة تعز، إثر إحباط الجيش محاولتي تسلل للجماعة”. وأشار البيان إلى اندلاع “اشتباكات متقطعة في جبهات غرب تعز بعد تصعيد ميليشيا الحوثي أعمالها العدائية واستهداف مواقع الجيش بالمدفعية الثقيلة والمتوسطة”.
واعتبر الجيش هذا التصعيد “تحدّيا سافرا لجهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة وأطراف دولية وإقليمية للتوصل إلى اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار في اليمن”. ويرى مراقبون أن الحوثيين ضمنوا توقف سلاح الجو السعودي عن قصف مواقعهم ضمن مسار حسن النية الذي تبديه المملكة لإنجاح المفاوضات، ولذلك فهم يهاجمون في راحة بال خاصة أن أطراف “الشرعية المختلفة” مجبرة على التهدئة لعدم إغضاب الرياض.
ويهدف تصعيد الحوثيين على الأرض إلى تسليط الضغوط على السعودية بُغية تحقيق أقصى قدر ممكن من المكاسب خلال مفاوضات السلام التي تقول بعض المصادر إنها دخلت مرحلة متقدّمة وبدأت تتطرّق إلى بعض التفاصيل العملية بشأن وقف الحرب بشكل كامل.
ولا تنطلق جماعة “أنصارالله” الحوثية، التي نجحت في ممارسة سياسة طول النفس على مدار سنوات الحرب، في توجهها من فراغ بقدر ما تستثمر في ما أظهرته السعودية من رغبة في طي الملف اليمني تجلّت في مرونتها غير المعهودة مع الحوثيين الذين كان خطابها يصب في اتّجاه عدم إمكانية التعايش معهم باعتبارهم مجرّد وكلاء لغريمتها اللدود إيران.
ورغم أن السعودية تعرف أن الحوثيين لا يسعون إلى تحقيق سلام حقيقي وأنهم يناورون لربح الوقت وإظهار أنفسهم كطرف مع السلام، إلا أنها تريد أن تسحبهم إلى مربع المفاوضات في ظل حراك دولي لإنهاء الحرب. ولا يعرف إلى أي حد سيلتزم التحالف العربي بقيادة السعودية بضبط النفس خاصة في ظل الإحراج الذي يجده من حلفائه في الشرعية، وأيضا بعد الهجوم الحوثي على قوات التحالف نفسها، وما خلفه من ضحايا بحرينيين.
وأعلنت البحرين مساء الجمعة أن عسكريا رابعا في وحدتها المشاركة في التحالف الذي تقوده الرياض ضد الحوثيين في اليمن توفي متأثرا بجروح أصيب بها خلال هجوم على السعودية هذا الأسبوع. وكانت البحرين قد أعلنت مقتل ثلاثة من جنودها المتمركزين بالقرب من الحدود السعودية مع اليمن، واتهمت المتمرّدين المتحالفين مع إيران بتنفيذ هجمات بطائرات بدون طيار أودت بحياة هؤلاء.
ونعت القيادة العامة لقوة دفاع البحرين “الملازم أول حمد خليفة الكبيسي (..) متأثراً بجروحه الخطيرة نتيجة الهجوم العدائي الحوثي الغادر الذي جرى صباح يوم الاثنين الماضي”. ووقع الهجوم “خلال تأدية الشهيد لواجبه الوطني المقدس ضمن قوات التحالف، تحالف دعم الشرعية في اليمن، المشاركة في عمليات إعادة الأمل والمرابطة على الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية”.
والبحرين، المجاورة للسعودية، عضو في التحالف العسكري الذي تقوده الرياض منذ عام 2015 دعماً للحكومة اليمنية ضدّ المتمرّدين الحوثيين المدعومين من إيران. واستنكرت السعودية والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والأمم المتحدة الهجوم الذي نسبته واشنطن ولندن والمنامة فقط إلى الحوثيين. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم كما لم يصدر عن الحوثيين أي تعليق.
وأدانت الرياض بشدّة “الهجوم الغادر الذي تعرضت له قوة دفاع مملكة البحرين المرابطة على الحدود الجنوبية للمملكة، والذي أسفر عنه استشهاد عدد من جنودها البواسل وإصابة آخرين”. ودعت في بيان صدر عن وزارة الخارجية إلى “وقف استمرار تدفق الأسلحة إلى ميليشيا الحوثي الإرهابية ومنع تصديرها للداخل اليمني، وضمان عدم انتهاكها لقرارات الأمم المتحدة”. ومن جهته أدان التحالف الذي تقوده السعودية الهجوم الحوثي وكشف أنّه جاء في أعقاب هجمات أخرى للجماعة على محطة توزيع للطاقة الكهربائية ومركز للشرطة قرب الحدود.
وقال العميد الركن تركي المالكي المتحدث باسم قوات التحالف إنّ “مثل هذه الأعمال العدائية والاستفزازية المتكررة لا تنسجم مع الجهود الإيجابية التي يتم بذلها سعيا لإنهاء الأزمة والوصول إلى حل سياسي شامل، وتؤكد قيادة القوات المشتركة للتحالف رفضها للاستفزازات المتكررة واحتفاظها بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين”. وكسر الهجوم المذكور وتيرة التهدئة التي سادت اليمن طيلة سنة بعد اتفاق بين السعودية والحوثيين لم يتم تجديده، ومع ذلك صمدت التهدئة في ظل اكتساب المفاوضات بين الطرفين زخما جديدا.
وأتى هذا التصعيد في وقت تتكثّف بين الرياض والحوثيين محادثات السلام التي وصفها الطرفان بأنها “جدية وإيجابية”، عقب زيارة علنية قام بها وفد حوثي إلى السعودية هذا الشهر واستمرّت خمسة أيام. وفي أبريل، أنعشت زيارة وفد سعودي إلى صنعاء، إلى جانب التقارب الأخير بين الرياض وطهران، الآمال بالتوصل إلى حلّ سياسي للنزاع الدامي في أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية.العرب