شؤون محلية

الولايات المتحدة تعزز نفوذها في اليمن.. حسابات سياسية وعسكرية



عدن اوبزيرفر:تحضر الولايات المتحدة الأميركية كلاعب فاعل في الأزمة اليمنية من خلال تواجدها سياسياً وعسكرياً، إذ تزايد التواجد الأميركي غير المعلن في اليمن عقب انطلاق العمليات العسكرية التي شنّها التحالف العربي في مارس/آذار 2015، لتكون الولايات المتحدة من أبرز اللاعبين الدوليين في الأزمة إلى جانب بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين.



3 قرارات أميركية في اليمن

وتزايد النشاط الدبلوماسي الأميركي في الأزمة اليمنية مع صعود جو بايدن إلى سدة الحكم مطلع 2021، إذ تبنّى نهجاً مخالفاً لسلفه دونالد ترامب من الأزمة اليمنية، ليتخذ بذلك ثلاثة قرارات حاسمة، تمثّل القرار الأول بإسقاط الحوثيين من قائمة الإرهاب الأميركية. وبررت إدارة بايدن يومها قرارها بأنه “ناجم فقط عن العواقب الإنسانية لهذا التصنيف الذي قامت به الإدارة السابقة في الدقائق الأخيرة” من عهدها، فيما فسر يومها القرار من قبل البعض بأنه كي تتمكن الولايات المتحدة من الدخول كوسيط في الأزمة اليمنية.



والقرار الثاني لإدارة بايدن كان اتخاذ قرار وقف بيع الأسلحة وتقديم الدعم العسكري للتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، تنفيذاً للتعهد الذي قطعه بايدن خلال حملته الانتخابية بإنهاء الدعم الأميركي للتدخل العسكري السعودي في اليمن.



أما القرار الثالث فيتمثل بتسمية الدبلوماسي تيم ليندركينغ في فبراير/شباط 2021 مبعوثاً خاصاً لحل الأزمة اليمنية. وأراد بايدن من خلال هذه القرارات أن تكون السياسات الأميركية في الأزمة اليمنية تتم بشكل مباشر، لخدمة التوجه الأميركي المعلن الهادف لإيقاف الحرب في اليمن.



أزال بايدن الحوثيين من قائمة الإرهاب وقرر وقف بيع الأسلحة للتحالف بقيادة السعودية



لكن هذه التغييرات لم تسفر عن حلحلة في الملف اليمني، إذ ترافقت مع تصعيد حوثي ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً ودول التحالف عبر شن هجمات في محافظة مأرب الغنية بالنفط والغاز بهدف السيطرة عليها. كما نفذ الحوثيون هجمات على مواقع حساسة في السعودية والإمارات، من ضمنها هجمات على مواقع في الإمارات في يناير/كانون الثاني 2022، وقصف مواقع تابعة لشركة “أرامكو” السعودية في مارس/آذار 2022.



وقال الناشط السياسي محمد العبيدي، لـ”العربي الجديد”، إن سياسة بايدن نحو الحوثيين جاءت مخالفة لسياسة ترامب. وأضاف: “لاحظنا أن من أول القرارات التي اتخذها بايدن هو إسقاط جماعة الحوثي من قائمة الإرهاب، لأن الديمقراطيين يأملون أن يكون هناك حوار ينهي الحرب في اليمن، وجماعة الحوثي شريك فاعل في الأزمة، ولا يمكن أن تشارك أميركا في الحوار مع جماعة تصنفها أنها إرهابية”.



ولفت العبيدي إلى أن بايدن أوقف كذلك بيع الأسلحة للسعودية، وهذا مؤشر على توجّه الإدارة الأميركية لإيقاف الحرب في اليمن، على أن يكون لها نفوذ في اليمن خلال المرحلة التي تلي انتهاء الحرب، معتبراً بالتالي أن “الأميركيين حريصون على علاقات جيدة مع جميع الأطراف اليمنية، والتواجد في الملف العسكري والأمني لليمن، بما يضمن لهم بقاء تواجدهم في البحر الأحمر، وخليج عدن، وفي الأجواء اليمنية، والتواجد البري إن دعت الحاجة”.



حماية الملاحة الدولية

ويتواجد الأميركيون في البحر الأحمر وخليج عدن بهدف حماية طريق الملاحة الدولية، وتزايد هذا التواجد مع التهديدات الحوثية باستهداف الممر المائي في باب المندب والذي يعد من أهم الممرات المائية بالعالم.



وكان الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية، قد أعلن الشهر الماضي، في بيان له، وصول أكثر من ثلاثة آلاف بحار وجندي أميركي إلى الشرق الأوسط، ودخول السفينة الهجومية البرمائية “يو إس إس باتان” وسفينة الإنزال “يو إس إس كارتر هول”، البحر الأحمر عبر قناة السويس. وأشار الأسطول الخامس إلى أن منطقة عمليات الأسطول تشمل الخليج وخليج عمان والبحر الأحمر، وأجزاء من المحيط الهندي و3 نقاط حرجة في مضيق هرمز وقناة السويس ومضيق باب المندب.



وأكد بايدن في رسالة إلى الكونغرس في يونيو/حزيران 2022، أنه “يتم نشر عدد صغير من الأفراد العسكريين الأميركيين في اليمن للقيام بعمليات ضد تنظيمي القاعدة وداعش”. وأضاف أن “الجيش الأميركي يواصل العمل بشكل وثيق مع الحكومة اليمنية والقوات الإقليمية الشريكة للحد من التهديد الإرهابي الذي تشكله تلك الجماعات”. كما أكد أن القوات الأميركية تواصل القيام “بدور غير قتالي، عبر تقديم المشورة العسكرية والمعلومات المحدودة للتحالف الذي تقوده السعودية لأغراض دفاعية وتدريبية فقط، ولا يشمل هذا الدعم مشاركة القوات الأميركية في الأعمال العدائية مع الحوثيين”.



وجود منذ عهد علي عبد الله صالح

وبدأ التواجد الأميركي في اليمن في عهد الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، إذ بدأت القوات الأميركية بنشر عدد من جنودها في اليمن عقب استهداف تنظيم “القاعدة” للمدمرة الأميركية “يو إس إس كول” في ميناء عدن في أكتوبر/تشرين الأول 2000. وعقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، بدأ الطيران الأميركي المسيّر باستهداف عناصر “القاعدة” في اليمن، وصرحت الولايات المتحدة بأنها استخدمت القتل المستهدف بالطيران المسيّر في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2002 بتعاون وموافقة الحكومة اليمنية، لتتوالى بعد ذلك هذه العمليات التي شهدت تزايداً ملحوظاً في عهد الرئيس السابق عبدربه منصور هادي.



ومع تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في إبريل/نيسان 2022 برئاسة رشاد العليمي، استمر التعاون مع الجانب الأميركي الذي واصل هجماته بالطيران المسيّر لاستهداف عناصر “القاعدة”، وآخرها الهجوم الذي استهدف القيادي البارز في تنظيم “القاعدة في جزيرة العرب”، رئيس مجلس شورى التنظيم، حمد بن حمود التميمي، والمعروف باسم عبدالعزيز العدناني في وادي عبيدة بمحافظة مأرب نهاية فبراير/شباط الماضي.



الدبيش: القوات الأميركية موجودة منذ سنوات، إلا أنها عززت صفوفها أخيراً، وأعادت الانتشار وقامت بتوسيعه



المحلل السياسي والخبير في شؤون الجماعات الدينية، أمجد خشافة، قال في حديث لـ”العربي الجديد” إن التواجد العسكري الأميركي في اليمن ليس حديثاً، بل يعود إلى السنوات التي تلت أحداث 11 سبتمبر 2001، وبعد تفجير المدمرة الأميركية “كول” على سواحل عدن، حيث كان اليمن حينها يشكل منطقة جغرافية نشطة لـ”القاعدة”. وأشار إلى أنه جرى اتفاق بين السلطات اليمنية وتلك الأميركية لمكافحة الإرهاب، “وتتركز الاتفاقية على تدريب القوات اليمنية وتقديم الدعم الاستخباري والمالي لها، ولهذا السبب فإن الانتشار العسكري الأميركي في المناطق الشرقية، وتحديداً محافظة المهرة، يعد امتداداً لهذه الاتفاقية”.



ولفت خشافة إلى أنه “على الرغم من تراجع نشاط تنظيم القاعدة في المناطق الجنوبية والشرقية، إلا أن القوات الأميركية ما تزال متواجدة في المهرة إلى جانب قوات بريطانية وسعودية، لتأدية مهمة مكافحة الإرهاب وفقاً للاتفاقية القديمة”، لكنه أشار إلى أن “مفهوم الإرهاب لدى أميركا غير محدد وواضح، لذلك من المتوقع أن مهام قواتها العسكرية تمتد إلى مراقبة الممرات المائية في البحر العربي ومضيق باب المندب وتأمينها”.



من جهته، قال المتحدث باسم القوات المشتركة في الساحل الغربي لليمن، العميد وضاح الدبيش، لـ”العربي الجديد”، إن “القوات الأميركية موجودة من السابق، إنما عززت قواتها أخيراً، وأعادت الانتشار وقامت بتوسيعه، وتتواجد في البحر الأحمر، وخليج عدن، وفي بحر عمان، وتنتشر على طول البحار المحاذية لليمن والجزيرة العربية والقرن الأفريقي”.



وأضاف الدبيش أنه بالنسبة للتنسيق مع الجانب اليمني، “فبالتأكيد هناك تنسيق بين الحكومتين وبين البحرية وخفر السواحل، ولكن كما هو معروف فأميركا هي صاحبة القرار الأول، وهي من تحمي البحر الأحمر وقناة السويس وباب المندب من أي اعتداءات قادمة أو وشيكة ستقوم بها إيران كخطوة تصعيدية، أو كورقة ضغط على الجانب الأميركي، أو دول الخليج، وأميركا تتخذ خطوات استباقية لتفادي أي ضربات”.



حضور على الأرض اليمنية

ولا تكتفي الإدارة الأميركية بالتواجد في أجواء اليمن والبحر الأحمر وخليج عدن، بل تدفع بين الحين والآخر بقوات برية تتواجد في المعسكرات مثل قاعدة العند الجوية، أو في شوارع بعض المدن ومطاراتها مثل حضرموت والمهرة وسقطرى.



وكان جنود من قوات المارينز الأميركية قد وصلوا الأسبوع الماضي إلى منطقة الغرفة بمدينة سيئون محافظة حضرموت شرقي البلاد، مع حراسات من جنود سعوديين ومدرعات أميركية، وقاموا كذلك بزيارة عدد من المدارس في وادي حضرموت. وأفادت مصادر صحافية أن قوة من المارينز تحركت إلى ثانوية الغرفة للبنين أثناء الدوام الدراسي برفقة مترجم، ثم اتجهت إلى ثانوية البنات المجاورة، من دون تنسيق أو معرفة السلطات المحلية.



وترافق هذا التواجد مع إعلان السفارة الأميركية في اليمن عن زيارة السفير ستيفن فاجن إلى مدينة سيئون للمرة الأولى لسفير أميركي منذ أكثر من عشرة أعوام، فيما تعد زيارته هذه الثالثة من نوعها إلى حضرموت.



وزارة التربية والتعليم في حكومة الحوثيين دانت تواجد جنود أميركيين في عدد من مدارس محافظة حضرموت الثلاثاء الماضي، معتبرة تواجد الجنود الأميركيين في تلك المؤسسات التعليمية يعبّر عن “حالة الذل والهوان التي وصلت إليها أدوات العدوان من المرتزقة”، على حد قولها.

كذلك قال نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين حسين العزي، إن تواجد أي قوة أجنبية، سواء أميركية أو من جنسيات أخرى في أي جزء من اليمن، يمثل تهديداً كبيراً لكل اليمن والمنطقة، مضيفاً أن “هذه القوات الهمجية تعطي لشعبنا اليمني كامل الحق في استهدافها، وعليها أن تتوقع ذلك في أي لحظة”.



بدوره، قال نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي في وزارة الدفاع التابعة للحوثيين العميد عبد الله بن عامر، إن “الأميركي طرح خلال المفاوضات مسألة إقامة قواعد عسكرية أجنبية جنوب وشرق اليمن، وفي الجزر اليمنية، غير أن صنعاء رفضت ذلك بشدّة”، مضيفاً “بعد أن رفضت صنعاء طرح الأميركي مسألة إقامة قواعد عسكرية أجنبية في اليمن، اتجهت واشنطن إلى فرض مشروع التقسيم”.



الكاتب الصحافي ماهر أبو المجد قال لـ”العربي الجديد” إن “التواجد الأميركي في اليمن تحت مبرر محاربة الإرهاب، لم يتأثر بالانقلاب الحوثي وسيطرة المليشيات التي ترفع شعارات مناهضة لأميركا، بل هذا التواجد ازداد زخماً، ونفذ العديد من العمليات”. وأضاف: “بعيداً عن الخطابات والشعارات التي يستخدمها الحوثيون في حشد البسطاء، فإن الجماعة لا تنفك في البحث عن مجالات لخدمة الأميركيين، وكسب رضاهم، وبناء مشتركات مع مواقفهم، وأظن أن الموقف الأميركي خدم الحوثيين في كثير من المناسبات خلال سنوات الصراع”.فخر العزب – العربي الجديد:

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى