مقالات

حظ القارة السمراء كما يبدو أمامنا


سليمان جودة
ليس خافياً على متابع أن منطقة الساحل والصحراء التي تمتد من شرق القارة السمراء إلى غربها، تستحوذ على الكثير من الأضواء والاهتمام عالمياً، بعد أن كانت حرب أوكرانيا هي محل الاهتمام وهي موضع الأضواء.

ولأن هذه المنطقة تضم خمس دول بدءاً من تشاد في الشرق، ومروراً بالنيجر، ومالي، وبوركينا فاسو، ثم انتهاءً بموريتانيا في الغرب، فإن الاهتمام بدأ على استحياء عندما شهدت مالي وبوركينا فاسو تغييراً للحكومة فيهما بالقوة قبل فترة، ولكنه وصل ذروته عندما وقع انقلاب عسكري في النيجر في 26 يوليو من هذه السنة.

وقبل انتهاء أغسطس بيوم واحد، كانت الغابون شهدت انقلاباً عسكرياً هي الأخرى، وهذا ما دفع القوى الكبرى في العالم إلى أن تنتبه أكثر، وأن تتساءل عن مستقبل الحرب على الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء بشكل خاص، ثم عن مستقبل العلاقة مع القارة السمراء في العموم؟



صحيح أن الغابون ليست من دول الساحل والصحراء، ولكنها من دول أفريقيا في النهاية، وصحيح أن الانقلاب فيها لم يستفز الغرب كما حدث في حالة النيجر، ولكن القارة الأفريقية بدت في حالة مالي، وبوركينا فاسو، والنيجر، والغابون، وقبلها غينيا، وكأنها تتعرض لعدوى من الانقلابات تعبر الحدود ولا تقف أمامها سدود.

هذه العدوى أدت إلى ما يشبه الصحوة أو اليقظة السياسية في القارة الإفريقية، فقرأنا عن أن الكاميرون تتجه إلى إصلاحات فيها، وأن الرئيس السنغالي ماكي صال قرر عدم الترشح لولاية ثالثة عندما تنتهي فترته الثانية الحالية مطلع السنة المقبلة.

وحين تستعرض أسماء الدول التي شهدت تغييراً بالقوة في أفريقيا، تكتشف أن بعضها خضع لحكم شخص واحد لعشرات السنين. حدث هذا في دول أفريقية كثيرة ولا يزال يحدث، رغم أنها جمهوريات كما تقول نصوص دساتيرها.

وربما لهذا السبب عاشت الغالبية من دول القارة في مستوى اقتصادي تعيس، رغم أنها دول غنية بالموارد الطبيعية، والبشرية، وبكل ما يجعل أبناءها يعيشون فيها فلا يفكرون في الهرب والهجرة كما نتابع في كل يوم.

هذه القارة السمراء ساءت حظوظها في الحياه بما يكفي، وخرج بعض دولها من الاستعمار إلى ما هو أسوأ أحياناً، وبلغ سوء الحال في بعضها إلى حد أن أدباء من بين أبنائها لم يجدوا أي حرج في أن يدعوا إلى عودة المستعمر من جديد!

ولن يبتسم الحظ لها، إلا إذا عرفت الحكم الديمقراطي الحقيقي، الذي يقوم على الشفافية في الممارسة السياسية، ويقرن بين السلطة والمسؤولية، ويضع حداً بالتالي لاستنزاف المقدرات والثروات.



* كاتب صحافي مصري

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد ايضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى