صحيفة:قطار التطبيع بين السعودية وإسرائيل يتقدم ببطء
الرياض – عدن اوبزيرفر:كشف البيت الأبيض الأميركي أنّ مسار تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية لم يدخل بعد طور مناقشة البنود الجاهزة للتوقيع، ملمّحا إلى أن المسار تجاوز فعلا مرحلة موافقة المملكة من حيث المبدأ على إقامة علاقات طبيعية بين الرياض وتل أبيب.
ولا يعتبر المتابعون لتطور العلاقات بين إسرائيل وبلدان المنطقة أنّ ما تعلنه الولايات المتّحدة بشأن مسار التطبيع الإسرائيلي – السعودي محبط، إذ يؤكّد ما سرّبته واشنطن إلى حدّ الآن من معلومات قليلة بشأن ذلك المسار أنّ استكماله مسألة وقت، وقد يكون التكتّم على المعلومات هو من قبيل الحرص على العمل بعيدا عن الأضواء حماية لجهود المسؤولين من الأطراف الثلاثة الأميركي والإسرائيلي والسعودي، من أي تشويش.
ويستند هؤلاء إلى اعتبار التطبيع مصلحة مشتركة لإسرائيل التي تريد استكمال فك طوق العزلة الذي كان مضروبا عليها في محيطها، وللسعودية التي لا تريد تفويت فرصة أخرى لتصفير المشاكل من حولها والاستفادة من الفرص الواعدة التي شرعت بلدان عربية أخرى في استغلالها من خلال إقامتها علاقات طبيعية مع إسرائيل.
جيك سوليفان: لم نبدأ بعد مناقشة البنود التفصيلية للتطبيع
جيك سوليفان: لم نبدأ بعد مناقشة البنود التفصيلية للتطبيع
كما أنّ للإدارة الأميركية الحالية بقيادة الديمقراطيين مصلحة في معادلة الإنجاز الذي تمكّنت سابقتها الجمهورية بقيادة دونالد ترامب من تحقيقه، من خلال رعايتها مسار تطبيع علاقات إسرائيل مع كل من دولة الإمارات والمملكة المغربية ومملكة البحرين.
وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان إن القادة الأميركيين والإسرائيليين والسعوديين طرحوا على الطاولة العديد من العناصر لمسار نحو التطبيع، إلا أن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به.
وكان سوليفان يتحدث للصحافيين على متن طائرة الرئاسة التي تقل الرئيس جو بايدن للهند للمشاركة في قمة مجموعة العشرين.
وأشار إلى أن هناك “فهما واسعا للعديد من العناصر الأساسية”، دون الخوض في التفاصيل.
ويرى المسؤولون الأميركيون أنّ الإدارة الديمقراطية الحالية بقيادة جو بايدن يمكن لها أن تبني على رصيد سابقتها الجمهورية في تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.
وقال بايدن في وقت سابق إن إسرائيل والسعودية مازالتا بعيدتين عن التوصل إلى اتفاق للتطبيع، والذي سيشمل معاهدة دفاعية أميركية – سعودية وبرنامجا نوويا مدنيا من الولايات المتحدة للسعوديين.
ويقول مراقبون إن السعودية وهي تدرس خيار التطبيع مع إسرائيل لن تنظر فقط للمغريات الأميركية، لكنّها ستنظر أيضا لعامل الغضب الأميركي الذي قد ينجر عن تقارب الرياض الكبير مع الصين وروسيا، ومؤخرا مع إيران.
ويوضّح هؤلاء أن السعوديين قد ينظرون إلى التطبيع كطريقة للتعبير عن حسن نواياهم تجاه الولايات المتحدة وعدم استعدادهم للتخلي عن الحلف التاريخي معها.
السعوديون قد ينظرون إلى التطبيع كطريقة للتعبير عن حسن نواياهم تجاه الولايات المتحدة وعدم استعدادهم للتخلي عن الحلف التاريخي معها
وتقول مصادر دبلوماسية إن واشنطن تتفهم تريث السعودية بشأن التطبيع مع إسرائيل وحرصها على تدقيق التفاصيل، وقد تصبر على ذلك لأمد منظور، ولكن ليس طويلا لأن بايدن قد يستعجل تحقيق الإنجاز لاستخدامه في الاستحقاقات الانتخابية القادمة للديمقراطيين.
ولا تنظر واشنطن بعين الرضا للتنسيق بين السعودية وروسيا في مجال النفط، كما أنّها لا ترغب في رؤية الصين تتسّرب بقوة إلى السوق الاستثمارية داخل المملكة.
وفي المقابل لا تستطيع السعودية الوصول بعملية تنويعها للشركاء الدوليين إلى نقطة التخلّي عن الحلف الإستراتيجي التاريخي مع الولايات المتّحدة.
ويعتبر المراقبون أن بإمكان واشنطن أن تضع أمام الرياض التطبيع مع إسرائيل ضمن حزمة من الخيارات قد تتضمن تسهيل خروجها الآمن من حرب اليمن التي طال أمدها أكثر من المتوقّع، والسماح لها بالتقارب مع إيران وبالنتيجة مع وكلائها الحوثيين.
وكان البيت الأبيض قد أعلن مؤخرا عن إيفاد وفد أميركي إلى السعودية لبحث مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية، أبرزها تطبيع العلاقات مع إسرائيل والحرب في اليمن.
السعودية لا تستطيع الوصول بعملية تنويعها للشركاء الدوليين إلى نقطة التخلّي عن الحلف الإستراتيجي التاريخي مع الولايات المتّحدة
وقال معلقا على زيارة ذلك الوفد للرياض إن مبعوث الإدارة الأميركية إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك ومساعدة وزير الخارجية باربرا ليف انضما إلى المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ الموجود هناك.
وكان الإعلام الإسرائيلي قد أعلن مطلع هذا الأسبوع عن رفض السعودية منح تأشيرة دخول إلى أراضيها لوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين ووزير التربية والتعليم يوآف كيش للمشاركة في مؤتمر اليونسكو الذي سيُعقد الأسبوع المقبل في الرياض، لكنّ مصادر أكّدت أنّ الجانب الإسرائيلي هو من تراجع تلقائيا عن إيفاد الوزيرين بعد أن استحصل دعوة لهما إلى المؤتمر، وبعد أن أبلغ الأميركيون مسؤولين كبارا في إسرائيل بأنه بسبب التقدّم في الاتصالات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية بشأن التطبيع يُستحسن التخلي عن المطالبة بدخول كوهين وكيش إلى أراضي السعودية بهدف عدم التشويش على تلك الاتّصالات.
ويأتي الجهد الأميركي الهادف إلى التقريب بين السعودية وإسرائيل بعد أن قطعت علاقة الأخيرة بالبلدان العربية التي طبّعت معها خلال السنوات الأخيرة أشواطا متقدمة، وانتقلت إلى مرحلة التعاون الذي بدا واعدا في عدة مجالات.
وعلى سبيل المثال فقد تجاوز التبادل التجاري بين إسرائيل والإمارات 2.5 مليار دولار في عام 2022 وسجل 1.85 مليار دولار في الأشهر السبعة الأولى من عام 2023، بينما بلغ حجم التبادل التجاري مع البحرين 8.5 مليون دولار في الأشهر السبعة نفسها.صحيفة العرب