بعد التمرد والخيانة.. هل هناك يد لبوتين بمقتل زعيم فاغنر؟
سلط مقتل قائد جماعة فاغنر، يفغيني بريغوجين، إثر تحطم طائرة خاصة على متنها 10 أشخاص في مقاطعة تفير شمال العاصمة الروسية موسكو، أمس الأربعاء، الضوء على صراعه المتصاعد مع القيادة العسكرية العليا، التي شكلت صدعاً كبيراً لدى الحكومة الروسية، خاصة منذ بداية الحرب الأوكرانية في فبراير(شباط) 2022.
وكثرت التساؤلات حول مصيره الغامض، لدى وسائل الإعلام العالمية، خاصة مع عدم وجود تقارير تؤكد مقتله رسمياً.
علاقة مفككة
بعد أن أثبت نفسه كلاعب رئيسي في النزاع في أوكرانيا، كثرت انتقاداته لكبار المسؤولين العسكريين الروس، خاصة لوزير الدفاع سيرغي شويغو، ورئيس الأركان العامة للجيش فاليري غيراسيموف، إذ حملهما الخسائر الفادحة التي تعرضت لها القوات الروسية.
ففي الوقت الذي كانت قوات فاغنر تمثل الذراع الطولي للكرملين على مدار سنوات، إلا أنها خرجت عن سيطرتها نتيجة انتقاداتها المستمرة للبيروقراطية العسكرية الروسية، ويرى مراقبون أن تفكك العلاقة بين القوى العسكرية الروسية المنخرطة في معارك أوكرانيا، كشفت عن مؤشرات على خلافات داخل الحلقة الضيقة المحيطة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
فقوات فاغنر حظيت منذ تأسيسها وظهور نشاطها في شبه جزيرة القرم عام 2014، بثقة الكرملين وتمتعت بوضع خاص داخل أروقته، وهذا الأمر أثار فيما يبدو خلافات بين زعيمها بريغوجين، والجنرالات الروس.
التمرد على بوتين
وكشفت المجموعة عن فصل جديد بإعلانها التمرد على القيادة الروسية، واستيلائها على مدينة روستوف الجنوبية، في يونيو (حزيران) الماضي.
إلا أن الأزمة لم تدم طويلاً، فسرعان ما أعلن بريغوجين قبوله وساطة من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، بانسحاب قواته والعودة إلى مقراتهم مقابل ضمانات، شملت إسقاط الدعوى الجنائية بحقه، وإرساله إلى بيلاروسيا.
ويقول مسؤولون غربيون إنه “من الصعب قياس مدى قدرة هذا الخلاف على زعزعة استقرار روسيا”. وأوضحت التقارير أن القرارات التي ستلي أزمة تمرد فاغنر، سيكون لها تأثير هائل على السياسة الخارجية لروسيا، وتدخلاتها العسكرية في السنوات القادمة.
أصحاب القوة
يعتقد باحثون في شؤون دول أوراسيا، وجود خلافات داخل الطبقة المسماة “أصحاب القوة” ضمن روسيا، وهم الدائرة الضيقة المحيطة ببوتين، كما يوضحون أن تصعيد قائد فاغنر ضد قادة الجيش الروسي، يعتبر امتداداً للخلافات ضمن طبقة “أصحاب القوة”.
ويقول البعض: “الاستنتاج الرئيسي الذي توصلت إليه النخب الروسية، هو أن بوتين غير قادر على تنظيم هذه العلاقات بين المسؤولين”، وهذا يعني أن بوتين أصبح ضعيفاً لدرجة أن القوة الرأسية تتراجع”.
وأشارت وسائل إعلام غربية إلى أنه “في أوقات الحرب، يعد الحفاظ على جبهة موحدة المهمة الأساسية للدولة. وبوتين غير قادر على تحقيق ذلك”.
ووفقاً للخبراء، فإن العلاقة بين الكرملين وفاغنر لن تعود كما كانت من قبل، فتحركات بريغوجين وضعته أمام مواجهة مباشرة ربما لم يحسب حسابها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأوضحوا آنذاك أن “بوتين غير عازم على تصفية بريغوجين، على الرغم من عدم تساهله مع من يصفهم بالـ (الخونة)”، مشيرين إلى رغبته في تحجيم المجموعة وتقليص نفوذها ووقف الصدع في صفوف قواته المشاركة في أوكرانيا.