شؤون محلية

استعدادات حوثية على عدة جبهات لاستئناف الحرب في اليمن


التصعيد الحوثي يترافق مع تعثر واضح خلال الفترة الماضية للتحركات الدولية وخصوصا تلك التي يقوم بها المبعوث الأممي والمبعوث الأميركي الخاص لليمن.
تتضاءل فرص السلام في اليمن، الذي يعاني من الحرب منذ سنوات طويلة، وهو ما ينذر بنسف كل الجهود الرامية لإحياء السلام وغرق البلاد في براثن الحرب مرة أخرى، وخاصة تهديدات الحوثيين المستمرة والتي تؤشر ربما للعودة إلى القتال وإفشال جهود التسوية، وهو ما يعزز الشكوك بشأن تغيير سلوكها.

صنعاء-عدن اوبزيرفر: تزايدت في الآونة الأخيرة التهديدات الصادرة من جماعة الحوثي بالعودة إلى الاقتتال، في مؤشر على انهيار المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة وقوى إقليمية تتقدمها الرياض ومسقط لإيجاد تسوية سياسية للحرب في اليمن.

وكشفت جماعة الحوثي الأحد عن اعتزامها تطوير ترسانتها العسكرية خلال الأيام القادمة وتنفيذ تجارب في الجُزر اليمنية.

وقال مهدي المشاط، رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى لجماعة أنصارالله الحوثية إن جماعته ستعمل في الأيام القادمة على تطوير ترسانتها العسكرية، وستجري في المستقبل تجارب في بعض الجزر اليمنية.

وأضاف في كلمة له خلال زيارة أجراها إلى محافظة المحويت (شمالا) “عدوّنا متغطرس متكبّر لا يعرف إلا لغة القوة وسنعمل كل ما نستطيع لردع العدوان”. وتستخدم جماعة الحوثي كلمة العدوان للإشارة إلى الحكومة اليمنية والتحالف بقيادة السعودية.

وأوضح المشاط أن ” اليمن يخوض حرب إرادات مع قوى العدوان الساعية لإفقار اليمنيين وإخضاعهم للجهل والجوع والحرمان لكن إرادة وصلابة وقوة أبناء اليمن هي التي منعت إرادة العدو”.

واتهم المشاط التحالف باللجوء إلى الدعايات والأكاذيب بعد أن فشل في خياراته الأخرى وافتقر إلى أسلحة المواجهة.

وأشار إلى أن حربهم مع من وصفهم بـ”العدو” لا تقتصر على المواجهة العسكرية، قائلا “نحن نخوض حرب إرادات فهو يريد لنا الموت ونحن نطلب الحياة بعزة”

وتسيطر قوات المجلس الانتقالي الجنوبي على عدد من الجزر اليمنية، أبرزها وأكبرها جزيرة سقطرى، بالإضافة إلى جزيرة ميون التي تتخذ منها قاعدة عسكرية لقواتها، وفي العادة يكرر الحوثيون تهديداتهم بالهجمات البحرية، بالتزامن مع حالة الجمود بملف التفاوض مع السعودية.

وتزامنت تصريحات المشاط مع إرسال الحوثيين رسائل تتعلق بالاستعداد لخيار المواجهة العسكرية من خلال الحشد العسكري المكثف باتجاه العديد من الجبهات والتلويح بعودة الهجمات الحوثية التي تستهدف المصالح الاقتصادية في المنطقة، في حين يبدو غير واضح ما إذا كانت تلك التهديدات جدية أم أن الهدف منها ممارسة المزيد من الضغوط لتحقيق مكاسب سياسية.

وقالت مصادر عسكرية يمنية مطلعة إن الحوثيين يواصلون حشد قواتهم العسكرية باتجاه محافظات مأرب وتعز والضالع ولحج وشبوة، في مؤشر يعكس خارطة الهجمات التي تعتزم الجماعة شنها، في الوقت الذي تسعى فيه لتحييد التحالف العربي والحيلولة دون تدخله، من خلال التهديد بمهاجمة المنشآت النفطية والاقتصادية لدول التحالف.

ويترافق التصعيد الحوثي مع تعثر واضح خلال الفترة الماضية للتحركات الدولية وخصوصا تلك التي يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ والمبعوث الأميركي الخاص لليمن تيم ليندركينغ، بالإضافة إلى توقف جهود الوساطة العمانية، في ظل مؤشرات على إمكانية استئناف اللقاءات المباشرة بين مسؤولين سعوديين وقيادات حوثية في مسقط ضمن جهود إحياء المسار السياسي والتوقيع على اتفاق هدنة عسكرية واقتصادية بين الحكومة الشرعية والميليشيات الحوثية.

وسبق أن نفذت جماعة الحوثي هجمات استهدفت موانئ تصدير الخام اليمني في محافظتي حضرموت وشبوة (شرق) في الربع الأخير من العام 2022، واستطاعت منع تصدير النفط، مما كبد الحكومة اليمنية خسارة إيرادات كبيرة مازالت مستمرة إلى الآن.

وقالت مصادر سياسية ودبلوماسية يمنية إن مطالب الحوثيين بالحصول على حصة من عائدات تصدير النفط والغاز، وأن تتسلم رواتب جميع الموظفين مدنيين وعسكريين في مناطق سيطرتها لتتحكم بصرفها وفق ما تريد، حال دون إحراز أيّ تقدم في الجهود التي بُذلت من الوسطاء الإقليميين والدوليين للتسوية في اليمن.

وكذلك، أعاق الانتقال إلى الجوانب الإنسانية، لاسيما تلك المتعلقة بزيادة الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء، وفتح الطرق بين المدن، وتوحيد البنك المركزي اليمني، وإنهاء التقسيم القائم في سعر العملة المحلية، وإبرام اتفاق طويل الأمد لوقف إطلاق النار.

عودة العلاقات السعودية – الإيرانية منحت الأزمة اليمنية دفعة إيجابية بحيث انتعشت التوقعات بأن ينعكس ذلك إيجابا على قرب إنهاء الحرب الدائرة في البلاد

ويرى رئيس مركز أبعاد للدراسات والبحوث عبدالسلام محمد أن مشكلة اليمن أكثر تعقيدا مما يُنظر إليها حاليا، على أن هدنة أو توقف الحرب سيذهب بالبلاد إلى عملية سلام مستدام، ويرجع السبب إلى أن مشكلة اليمن “متداخلة ومعقدة، هي خليط من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وفكرية”. ويؤكد محمد أن هذه المشاكل تحتاج وقتا طويلا جداً لبناء السلام، وأن ذلك لا بد أن يأتي مع استعادة الدولة وبنائها.

ويعتقد أن هذه الفترة هي فترة تهدئة قد تعود بعدها الحرب وقد لا تعود، وإذا عادت لا بد من طرف يحسمها بشكل جزئي بالسيطرة على الثروات ونقاط القوة، مثل محاولة الحوثي للسيطرة على مأرب والمخا وباب المندب، أو سعي الحكومة لاستعادة صنعاء، أو يحسمها بشكل كامل.

لكنه يقول إن هذه تظل احتمالات في فشل الهدنة، باستمرار الحرب وتصاعدها، أما العمل على تحقيق عملية سلام مستدام في ظل هذا الوضع القائم، فهو بنظره “لا يحقق أيّ نتائج سلام، ولا يمكن أن يحدث أكثر من تهدئة”.

ويعاني اليمن حربا بدأت عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014، بإسناد من قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي قتل في 2017 بمواجهات مع مسلحي الجماعة إثر انتهاء التحالف بينهما.

وازداد النزاع منذ مارس 2015 بعد أن تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لإسناد قوات الحكومة الشرعية في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

لكن عودة العلاقات السعودية – الإيرانية التي أعلن عنها في الخامس والعشرين من أبريل الماضي منحت الأزمة اليمنية دفعة إيجابية بحيث انتعشت التوقعات بأن ينعكس ذلك إيجابا على قرب إنهاء الحرب الدائرة في البلاد.العرب

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى