مقالات

تسجيل أول خلاف بين الديمقراطيين وبايدن حول أوكرانيا


الانقسام بخصوص تسليم كييف ذخيرة عنقودية يصطدم بخط أحمر أيديولوجي

إيريك غارسيا

اعتادت النائبة بربرا لي على الوقوف وحيدة عندما يتعلق الأمر بتوجيه الانتقادات إلى السياسة الأميركية الخارجية (غيتي)

لقد اعتادت النائبة الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا بربرا لي على الوقوف وحيدة عندما يتعلق الأمر بتوجيه الانتقادات إلى السياسة الأميركية الخارجية. فقد كانت السيدة لي العضوة الوحيدة في الكونغرس التي عارضت الحرب في أفغانستان بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية، فيما قام 420 عضواً آخر من أعضاء الكونغرس بالمصادقة على تلك الحرب، وهو ما دفع البعض إلى اعتبارها خائنة.

لكن ديمقراطيين آخرين كانوا قد انضموا إليها أيضاً في معارضتها إعلان البيت الأبيض أن إدارة الرئيس بايدن ستقوم بتزويد أوكرانيا بطلقات مدفعية من النوع العنقودي في مسعى لتمكينها من مواجهة الهجمات الروسية على الأراضي الأوكرانية.

السيدة لي، وهي حاليا مرشحة للمنافسة على مقعد ولاية كاليفورنيا من المتوقع شغوره في مجلس الشيوخ قريباً، كانت قد انتقدت القرار، وقالت في برنامج جايك تابر على قناة “سي أن أن” CNN، إن من شان ذلك أن يشكل سابقة سيئة في البلاد.

وأفادت السيدة لي: “الأمر بمثابة خرق لخط أحمر، وعندما ترون ما يحدث ميدانياً، ونحن نعلم ما يجري بعد استخدام القنابل العنقودية لأنها تشكل خطراً كبيراً على المدنيين. فهذه قنابل لا تنفجر دائماً بعد إطلاقها. والأطفال يمكنهم أن يدوسوا عليها. وهذا خط أحمر لا يجب أن نتخطاه”.

وكان الرئيس بايدن قد حظي بكثير من الإطراء على النهج الذي اتبعه في عملية توفير الدعم لأوكرانيا، بعد بداية الهجوم الروسي عليها، على رغم أن ذلك لم ينفعه كثيراً في توسيع رقعة شعبيته. أغلب الديمقراطيين كانوا قد صوتوا مع مشاريع قوانين في العام الماضي مخصصة لتوفير الدعم لأوكرانيا وفي الوقت نفسه، التأكد من عدم وصول روسيا إلى الأسواق العالمية، وفرض ضغوط على الأوليغارشية الروسية، الذين يرتبطون بعلاقات مع الرئيس فلاديمير بوتين.

إن النهج الاجماعي تقريباً في صفوف الديمقراطيين [في الكونغرس]، يقف على النقيض من مواقف الجمهوريين الذين، وكما كنت قد كتبت في وقت سابق من هذا العام، كانوا أكثر انقساماً بين من يمثلون تيار الصقور التقليديين في الحزب القديم العظيم (الحزب الجمهوري)، وفصائل تيار “لنجعل أميركا عظيمة من جديد” MAGA، والتي ترى في عملية دعم أوكرانيا من قبل واشنطن انتهاكاً لمبدأ “أميركا أولاً” الذي كان الرئيس السابق دونالد ترمب قد انتهجه خلال فترته الرئاسية.

وكان مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جايك سوليفان قد سعى للتمييز بين الموقفين من خلال قوله إن أوكرانيا تسعى للدفاع عن نفسها مقارنةً بروسيا التي تسعى بشكل نشط للهجوم على أوكرانيا، وهذا كان ما نقله زميلي آندرو فاينبيرغ في وقت سابق عن سوليفان.

“عندما ننظر إلى ما تفعله أوكرانيا بالأسلحة التي تتلقاها [من الولايات المتحدة]، مقارنة بما تفعله روسيا بالأسلحة التي بحوزتها، فنحن نلاحظ فارقاً كبيراً بين الإثنين،” بحسب ما قاله السيد سوليفان للصحافيين. إن الولايات المتحدة الأميركية، وروسيا، وأوكرانيا هي من الدول غير الموقعة على اتفاقية أوسلو للذخائر العنقودية، وهي معاهدة تعود لعام 2008، كانت قد وقعت عليها أكثر من مئة دولة تحظر استخدام الذخائر العنقودية.

لكن عضو مجلس الشيوخ كريس مورفي، الديمقراطي والتقدمي الذي يمثل ولاية كونيكتيكت، الذي لطالما تمنى أن يعيد مقاربة السياسة الأميركية الخارجية، إلى جانب تركيزه على قضايا العنف المرتبطة باقتناء الأسلحة النارية في أميركا، أعرب يوم الإثنين الماضي عن أنه غير مقتنع بتغريدات المتعاقبة التي نشرت على تطبيق “تويتر”.

“على أوكرانيا أن تواصل التقدم عملياً وأخلاقياً في هذه الحرب. إن قدرتنا على مواصلة حشد الدعم الدولي في مواجهة روسيا من شأنه أن يصبح صعباً، إذا بدأت جهودنا في هذه الحرب في تخطي الحدود الأخلاقية”. السيد مورفي كان قد اعترف بأن إدارة الرئيس بايدن تواجه عملية اتخاذ قرار مستحيل.

ليست المرة الأولى التي ينشق فيها بعض التقدميين عن الخط المتفق عليه في سياسة الإدارة الخارجية عندما يتعلق الأمر بقضية أوكرانيا. ففي العام الماضي، قامت النائبة براميلا جايابال، (وهي ديمقراطية تمثل ولاية واشنطن) وتشغل منصب الأمينة العامة لتجمع التقدميين في الكونغرس الأميركي، بقيادة مجموعة من النواب اليساريين من مجموعتها بدعوة الرئيس بايدن إلى التفاوض على تسوية سلمية بين روسيا وأوكرانيا. لكن جهودها أدت مفعولاً عكسياً بشكل كبير، واضطرت السيدة جايابال بعدها إلى التراجع وسحب رسالتها التي كانت قد أرسلتها إلى البيت الأبيض.

لكن غياب الإجماع في قضية الذخائر العنقودية هو أمر مختلف. إن مطالبة التقدميين بحل تفاوضي تعكس بشكل أكبر اختلافهم في النظرة إلى ما ستنتهي إليه الحرب. وهذا كله يتعلق ببساطة بالتكتيك المتبع، والديمقراطيون الذين يقومون بتوجيه الانتقاد لقرارت الرئيس بايدن يسعون من خلال ذلك إلى التأكيد على ضرورة أن تتمسك أميركا بالمعايير الأخلاقية في عملية دعمها إلى أوكرانيا.

إن هذا الانقسام أيضاً لا يعكس خلافات على الخط الأيديولوجي. وفيما السيد مورفي، والسيدة لي، يمثلان من دون شك جناح أكثر تقدمية في الحزب الديمقراطي، فإن المعتدلين حتى ينتقدون قرار الإدارة الأميركية [بخصوص الذخائر العنقودية]. السيناتور تيم كاين، وهو ديمقراطي يمثل ولاية فيرجينيا، ويمثل أيضاً ولاية تضم شريحة كبيرة من المواطنين العاملين في القوات المسلحة الأميركية، قال بأن لديه تحفظاً على تزويد أوكرانيا بذخائر عنقودية.

“عندما يتعلق الأمر بحظر دولي، ثم بعد ذلك تقول الولايات المتحدة الأميركية “لكن هنا، يوجد سبب مقنع للقيام بشيء مختلف، فذلك من شأنه إعطاء الضوء الأخضر لدول أخرى كي تقوم بأعمال مختلفة أيضاً”. وقال لشانون بريم، إن القيام بذلك من شأنه أن يشكل سابقة سيئة.

على رغم كل ذلك، إن الإنقسام هذا من شأنه في الغالب أن يتسبب في انفجار الخلافات أو الانقسامات ضمن الحزب. وإذا ما أخذنا في الاعتبار سيطرة الحزب الجمهوري على مجلس النواب، فإن الديمقراطيين الذين يعارضون قرارات إدارة الرئيس بايدن، سيمكنهم أن يتحدوا مع نواب من الحزب الجمهوري، كي يحاولوا عرقلة وصول المساعدات [إلى أوكرانيا]. وليس من شأن ذلك أيضاً أن يؤثر في مشاركة الناخبين الديمقراطيين في انتخابات العام المقبل، لأن الناخبين الديمقراطيين يميلون أكثر إلى دعم جهود مساعدة أوكرانيا بشكل عام.

لكن ذلك الانقسام لا يبدو أنه يظهر كيف نجح الرئيس بايدن في تعامله مع التحالف الحساس والذي على عكس الحزب الجمهوري، يختلف أقطابه بشكل حاد حول السياسات.

© The Independent

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد ايضا
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى