كتاب عدن

إلى قادة الرأي في الجنوب.. أحداث العنف الأخيرة لا تعني أمن العاصمة عدن فقط


كتب/ علي عسكر الشعيبي




لربما تابعت وغيري الكثير ما حدث في العاصمة عدن خلال الأسبوع الماضي من جرائم قتل خارج القانون، وهي قضايا جنائية، وعنف مجتمعي، ترتكب مثلها في مختلف مدن ودول العالم.



ولا أنكر أن ما حدث أيضاً أوجعنا وأدمى قلوبنا؛ لأن الضحايا كانوا من الأبرياء ولا أعتقد أن هناك من يبرر لمثل هذه الجرائم أو يتعاطف مع مرتكبيها.


ما يحز في النفس اليوم، هو استخدام مثل هذه القضايا، للإساءة للأجهزة الأمنية بالعاصمة عدن، وبصورة غير منطقية، ومحاولة اقحام السلطات الأمنية، حتى في القضايا الأسرية والعائلية، وهذا ما لا يمكن لعاقل أن يقبله ناهيك عن الاقتناع به.



وبنفس الوقت لا أحد ينكر أيضاً وجود هفوات وقصور أمني، ولكن هذا لا يعني أن ما يجري اليوم يتحمله أمن عدن وحيداً ولكن الجميع مسؤول عن ذلك وليس الأمن فقط.



الحملات الأمنية السابقة لا يمكن القول بأنها فشلت بل حققت نجاحات كبيرة، لأننا رأينا كيف كانت المدينة، خلال سنوات ما بعد الحرب، مليئة بالبلاطجة والمسلحين، من مختلف الأشكال، وكيف نراها اليوم بشكل أفضل، وتحسن أمني ملحوظ، وكبير، ولا يمكن القول بأن السلاح اختفى بشكل تام لأن ذلك مبالغة كما يبالغ من يقول بأن الأمن فشل في هذه المهمة.



كان السلاح منتشر في كل بيت وفي كل حارة، وداخل كل حافلة ركاب، وفي الأسواق والمولات، بل وحتى المدارس والجامعات، واليوم لم يعد بتلك الكثافة التي كنا نشاهدها سابقاً، وهذا ليس بجهود المفسبكين، وإنما بجهود الأبطال المرابطين في الحواجز الأمنية والمعسكرات تحت أشعة الشمس الحارقة والرياح العاتية، وبشبه مرتبات، بينما أكثر من مفسبك خرج يشن حملات إعلامية على هؤلاء الأبطال لأنهم طلبوا منه إنزال زجاج سيارته المعتم.



ذاكرتنا ليست مثقوبة بل أننا نتذكر جيداً، حينما أطلقوا بالأمس القريب حملات شعواء، وشبه منظمة، استهدفت الأجهزة الأمنية بالعاصمة عدن، بانها أوقفت الشيخ فلان ومنعت فلان وأساءت لفلان واهانت الشخصية الرياضية أو السياسي البارز أو ابن الحراك والساحات أو المقاوم الكبير، وما شابه ذلك من تغليفات وتنميقات بهدف تمرير الإساءة للأمن وكسب التعاطف المجتمعي، وذلك بهدف إفشال حملات منع السلاح غير المرخص والتي تم إطلاقها اكثر من مرة خلال الفترة الماضية.



لم نسمع أن أحدا من النشطاء الذين يحمّلون الأمن اليوم مسؤولية ما يحدث، ظهر بتسجيل أو بمنشور، يطالب فيه برفع كفاءة منتسبي الأمن أو يطالب بدعم الأجهزة الأمنية واستنكار ايقاف ميزانية أمن عدن أكثر من مرة من قبل وزارة الداخلية، إطلاقاً، لم نسمع أن أحدا أشاد بجهود الأمن في ضبط مروجي المخدرات، أو ضبط المتهمين بقضايا جنائية او سرقات وتعدي على الآخرين، بل إننا ننتظر الهفوات، لنطلق حملات موحدة ضد الأمن ومنتسبيه.



اليوم ومع الأحداث المؤلمة، الأخيرة، يحاول الكثير سواء بحسن نية أو مع سبق الإصرار الإساءة للأجهزة الأمنية، وإنكار دورها ونجاحاتها في عدن، متناسين أنهم كانوا ينامون من السابعة مساء وربما وهم وأطفالهم يتضورون جوعاً لعدم تمكنهم من شراء الخبز جراء انتشار العناصر الملثمة والإرهابيين في كل أزقة عدن بل وربما لا يمكنه الذهاب للمشفى أو الصيدلية لجلب القليل من الأدوية للسبب ذاته.



لربما تناسى هؤلاء أنهم حرموا من التنزه في عدن لسنوات، وكان الغالبية لا يستطيع الذهاب للسواحل أو الحدائق والمتنفسات العامة والمطاعم، مع أطفاله واسرته كما يفعل اليوم، خوفاً من البلاطجة والملثمين والمتطرفين الذين أرعبونا في سنوات ما بعد الحرب.



واليوم يجلس الكثير أمام شاشات جوالاتهم، وينتقون أقبح الألفاظ والعبارات، للإساءة للجندي المرابط في الحاجز الأمني لأن فلان ضرب ابنه أو طلّق زوجته، أو تشاجر مع جاره، ويرجع ذلك لسبب الانفلات الأمني، وبأن الأمن لم يتدخل لإيقاف تلك الأحداث.



نرى اليوم الكثير يحدون شفرات أقلامهم بلا منطق وكلها تستهدف الأمن والأجهزة الأمنية، متناسين بأن هؤلاء الجنود يواجهون الموت على مدار الساعة وبأنهم مستهدفون من عدة جهات لا تريد لهذه المدينة أن تنعم بالأمن والاستقرار والسلام.



لهؤلاء نقول ليس من المنطق أن يكسر الأعمى عصاه بعد أن يبصر، فما بالكم تحاولون كسر عصنا ونحن لم نبصر بعد، فليس هكذا يرد الجميل، فلا تكونوا أدوات هدم لخدمة أعدائكم، ولربما ترون أنكم اليوم تشنون حملات تتفق جملة وتفصيلاً ما يريده الأعداء بل وما عجزوا عنه خلال السنوات الماضية، وهو اقناع الناس بفشل الأمن في عدن.



المسؤولية المجتمعية غائبة، والوعي المجتمعي غائب، ودور المساجد والجامعات ووسائل الإعلام غائب أيضا في التوعية من خطر حمل السلاح والمخدرات، وليس أمن عدن هو المسؤول وفقط.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى