كتاب عدن

كهرباء عدن..وموال (الخلل الفني) الخفي..!!



بقلم: فايز الصلاحي
هل سمعتم عن خلل فني يخرج منظومة كهرباء عن مدينة بكاملها عن الخدمة في بلد ما؟! .. أجزم ان ذلك لم يسبق وحصل في اي مدينة بالعالم بإستثناء مدينة عدن، التي وللاسف اصبح موال الخلل الفني هذا بالنسبة لأهلها بمثابة الكابوس الذي يقض مضاجعهم، ويعكر صفو حياتهم .. فالمدينة ومنذ منتصف ليلة امس وحتى لحظة كتابة هذا المقال غارقة في ظلام دامس نتيحة لذلك الخلل الخفي..!!

ماهو متعارف علية في شتى بلدان العالم، ان الخلل الفني ممكن يقطع الكهرباء عن عمارة سكنية ما، او سوق ما، او حي، او شارع ما – أما ان يخرج منظومة الطاقة عن مدينة مترامية الاطراف بكاملها – لاااااا، وذلك ما لم يسبق لنا ان سمعناه او شهدناه في اي بلد، خصوصا اذا ما كانت مصادر توليد الطاقة الكهربائية في المدينة متعددة ومختلفة ومتباعدة وغير مرتبطة ببعضها البعض.

وما لا يعرفه الكثيرون أن مصادر توليد الطاقة في عدن متعددة ومختلفة ومتباينة، وليست مقتصرة على مصدر واحد بعينه، إذ ان في المدينة نحو (11) محطة كهربائئة، صحيح ان بعضها لا تعمل بكامل طاقتها التوليدية، لكنها في الاخير تعمل (في الخدمة) وعذه المحطات هي: (محطة الحسوة 130 ميجاوات والتوليد الحالي 30 ميجاوات – محطة الحسوة الغازية 30 ميجاوات – محطة المنصورة 50 ميجاوات والتوايد الحالي 15 ميجاوات – محطة شهيناز 50 ميجاوات والتوليد الحالي 15 ميجاوات – محطة خورمكسر 5 ميجاوات – محطة الملعب 40 ميجاوات والتوليد الحالي 10 ميجاوات – محطة حجيف 10 ميجاوات – محطة التواهي 7 ميجاوات – محطة أنترسولار الحسوة 18 ميجاوات – ومحطة أنترسولار الملعب 20 ميجاوات – محطة الرئيس (بترومسيلة) 280 ميجاوات والتوليد حالي 80 ميجاوات) .. طبعا هذه المحطات الداخلة في الخدمة الوقت الحالي، اي الشغالة، وهناك عدد آخر من المحطات متوقفة عن العمل تماما، وذلك نتيحة الاهمال والفساد والعبث الذي يشهده قطاع الكهرباء.

وعموما وحتى لا نتوه عن موضوعنا الرئيسي، وكما لاحظتم من خلال قائمة المحطات المذكورة ان لكل محطة قدرة توليدية خاصة بها، تختلف عن بقية المحطات تماما، وأن جميعها متباعدة (جغرافيا) عن بعضها البعض تماما .. ومنطقيا وعلميا هذا التباين والتباعد والاختلاف يقود الى حقيقة واحدة، وهي انه اذا ما حصل خلل فني ما في احدى المحطات، فإن الواجب والمفترض ان يبقى ذلك الخلل مقتصرا عليها وحدها، وانقطاع التيار يبقى محصورا في اطار الاحياء التي تغطيها فقط .. في حين يجب ان تظل بقية المحطات شغالة وفي الخدمة، وهذا ماهو متعارف عليه في شتى بقاع الارض..!!

ولا ننسى هنا التذكير اننا نعيش عصر الطفرة العلمية والتكنولوجية التي بدورها اوجدت حلول لاعقد واصعب المشكلات الفنية والهندسية التي كان ينظر اليها اسلافنا في العقود الماضية باعتبارها مستحيلات، وهذا يعني أنه لو افترضنا ان عملية توزيع الطاقة على المدينة تستدعي ربط جميع المحطات في اطار منظومة واحدة موزعة على كل احياءها، أليس من المفترض ان يتم ذلك وفق عملية فنية وهندسية مدروسة ومنظمة تضمن في حال حصول خلل فني في احد المحطات، فصلها وعزلها عن بقية محطات المنظومة، واستمرار عمل بقية المحطات بشكل طبيعي؟!!.

للاسف يا سادة لا ندري ماسر غياب هذه الرؤية الفنية عن كهرباء عدن بالذات، فعلى الرغم من ان موال الخلل الفني هذا، وخروج منظومة الطاقة عن المدينة بالكامل، يتكرر كل عام عشرات المرات، وذلك منذ العام 2015، وحتى اليوم، ورغم تعاقب العديد من المسئولين على وزارة الكهرباء، الا ان الموال مستمر، والمشكلة لا تزال قائمة، ولم يتم اجراء اية معالجات لها.

وبنظرة فاحصة لواقع قطاع الكهرباء في عدن اليوم وبعد ثمان سنوات من الاهتمام والدعم الحكومي السخي الذي يحضى به دون بقية القطاعات – نجد انه ليس هناك من تفسير او مبرر لهذه المشكلة التي باتت تمثل الكابوس الابرز الذي يؤرق حياة الناس في هذه المدينة المغلوبة على امرها، سوى انها ناتجة عن غباء وجهل مهندسو المؤسسة العامة للكهرباء، وعجزهم عن ايجاد او ابتكار حلول علمية وفنية وهندسية ناجعة ومستديمة، سيما أن اغلبهم من الكوادر القديمة والمعتقة الذين لم يحضوا بأي فرص للتأهيل والتدريب حديثا، ولم تعد عقلياتهم قابلة للتجديد وغير قادرة على الابداع والخلق والابتكار .. هذا الى جانب فساد قيادتي الوزارة والمؤسسة العامة للكهرباء، الذين وللاسف جاء تركيزهم واهتمامهم بالكسب والاثراء الشخصي على حساب تفريطهم بمسئولياتهم ووجباتهم الوطنية والمهنية والاخلاقية.

وعليه بدورنا .. نضع هذه المشكلة على طاولة مجلس القيادة الرئاسي، ومجلس الوزراء – آملين منهم النظر اليها بمسئولية والعمل على تشكيل فريق من الخبراء والكفاءات الهندسية الماهرة لدراسة المشكلة وتشخيصها، والمسارعة بإيجاد حلول جذرية ومستديمة لها .. كما نامل منهم المسارعة بعمل عملية تدوير وظيفي وتغييرات واسعة في قيادة وزارة الكهرباء ومؤسستها العامة، بما في ذلك الكشف عن لوبي الفساد الذي مافتئ ينهش هذا القطاع الهام، واحالة طابور الفاسدين والعابثين الى القضاء، بالاضافة الى احالة طابور المهندسين القدامى المعتقين ممن عفى عليهم الزمن الى التقاعد، واستبدالهم بكوادر شابة كفؤة ومؤهلة نشطة قادرة على الابداع والخلق والابتكار.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى