ما وراء انسحاب الإمارات من قوة بحرية تقودها الولايات المتحدة في البحر الأحمر والخليج؟
أبوظبي -عدن اوبزيرفر: أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن انسحابها من قوّة بحرية مشتركة تقودها الولايات المتحدة في الخليج، مشددة على رفضها لـ”توصيفات خاطئة” عن المباحثات التي تجريها مع واشنطن حول الأمن البحري. وتتألف القوة البحرية الموحدة من 34 دولة ويقع مقرها في القاعدة البحرية الأميركية في البحرين وتعمل على ضمان الأمن ومكافحة الإرهاب والقرصنة في البحر الأحمر والخليج.
وبحسب موقعها الإلكتروني تعمل القوة كذلك على “تشجيع التعاون الإقليمي والمشاركة مع الشركاء الإقليميين وغيرهم لتعزيز القدرات ذات الصلة من أجل تحسين الأمن والاستقرار بشكل عام”. ويرى متابعون أن قرار الإمارات بالانسحاب من تلك القوة يعود إلى عدم رغبتها في أن تكون طرفا في أيّ صدامات تجري بين إيران والولايات المتحدة، التي سبق وأعلنت عن نيتها تعزيز حضورها العسكري في المنطقة.
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان نشرته وكالة أنباء الإمارات الرسمية “وام” الأربعاء إن “دولة الإمارات تلتزم بالحوار السلمي والسبل الدبلوماسية كوسائل لتعزيز الأهداف المشتركة والمتمثلة في الأمن والاستقرار الإقليميين”. وأضافت “نتيجة لتقييمنا المستمر للتعاون الأمني الفعال مع جميع الشركاء، انسحبت دولة الإمارات منذ شهرين من مشاركتها في القوة البحرية الموحدة”.
وأوضحت الخارجية الإماراتية أن “الإمارات مستمرة في التزامها بضمان سلامة الملاحة في بحارها بشكلٍ مسؤول، وفقا للقانون الدولي”. وجاء القرار في خضم حوادث بحرية متزايدة في مياه الخليج، اتّهمت واشنطن وعواصم غربية طهران بالوقوف وراءها إنّما من دون أن تتّخذ خطوات عملية لمعاقبتها.
وفي الثالث من مايو الماضي، احتجز الحرس الثوري ناقلة نفط ترفع علم بنما في مضيق هرمز. ووفق بيان للبحرية الأميركية كانت السفينة التي أبحرت من دبي تعبر الخليج باتجاه ميناء الفجيرة في الإمارات عندما “هاجمتها” زوارق تابعة للحرس الإيراني. وكانت هذه العملية الثانية من نوعها في أقل من أسبوع، إذ أعلنت البحرية التابعة للجيش الإيراني في السابع والعشرين من أبريل احتجاز ناقلة نفط ترفع علم جزر مارشال في مياه الخليج، وذلك في أعقاب “اصطدامها” بسفينة إيرانية.
وذكر تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الثلاثاء نقلا عمّا وصفها بمصادر أميركية وخليجية أن الإمارات مارست ضغوطًا على الولايات المتحدة لحثّها على اتخاذ تحركات أكثر استعراضًا للقوة لردع طهران. وقالت الصحيفة إن المسؤولين الإماراتيين كانوا محبطين من عدم رد الولايات المتحدة على احتجاز ناقلات النفط مؤخرا.
وفيما يبدو أنه رد على هذا التقرير، قالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيانها “إن دولة الإمارات العربية المتحدة ترفض التوصيفات الخاطئة لمحادثاتها مع الولايات المتحدة الأميركية بشأن الأمن البحري والتي وردت مؤخرا في تقارير صحفية”. ويستبعد مراقبون ما جاء في تقرير الصحيفة الأميركية، لاسيما وأن الإمارات بدأت منذ العام الماضي مسارا جديدا في علاقتها مع إيران. وفي أبريل الماضي، عيّنت إيران سفيرا في الإمارات، بعد قرابة ثماني سنوات على مغادرة سلفه، في إطار تحسين علاقاتها الدبلوماسية مع دول الخليج.
ويقول المراقبون إن الإمارات حريصة على الحفاظ على السيولة الإيجابية في المنطقة، وبالتالي لا تريد أن تشارك في أيّ خطوات أو تحركات يمكن أن يفهم منها أنها تستهدف طرفا معينا في المنطقة، وهي تفضل سلك دبلوماسية الحوار لتخفيف أيّ توترات بما يشمل الحفاظ على الأمن البحري في المنطقة.
وتضم المنطقة بعض أهم طرق الشحن في العالم وشهدت منذ العام 2019 سلسلة من الهجمات على سفن تزامنا مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران. وقام الأدميرال براد كوبر قائد الأسطول الأميركي الخامس ومقره البحرين، مؤخرا باستعراض نادر للقوة، بعبور مضيق هرمز على متن مدمّرة أميركية برفقة قادة بحريين فرنسيين وبريطانيين، لإظهار موقف موحّد حيال أمن الملاحة البحرية في المنطقة.
وأعلنت الولايات المتحدة في الثالث عشر من مايو الماضي أنها ستتعزز من وجودها العسكري في الخليج في ظل “تهديدات” إيرانية متزايدة لسفن في مياه المنطقة التي تحظى بأهمية كبرى لإمدادات النفط.
وأوضح الناطق باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي للصحافيين “ستقوم وزارة الدفاع بسلسلة من التحركات لتعزيز وضعية دفاعنا”، مشيرا إلى أن “تفاصيل حول هذه التعزيزات ستصدر في الأيام المقبلة”. في المقابل، أكّد رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري على قدرة بلاده بالتعاون مع جيرانها على ضمان أمن مياه الخليج والملاحة، في أعقاب التوترات المستجدة مع الولايات المتحدة في هذا الممر الحيوي.العرب