توتر سعودي – روسي بشأن التزام التخفيض يستبق اجتماع أوبك+
لندن-عدن اوبزيرفر: يتواصل الخلاف بين السعودية وروسيا بشأن سياسة خفض الإنتاج قبل أيام من موعد اجتماع أوبك+ المقرر في 4 يونيو، في مؤشر على أزمة قد تقود إلى ضرب تماسك التحالف النفطي.
ويعود سبب هذا الخلاف إلى أن روسيا قد خرقت اتفاق أوبك+، الذي جلب إلى السعودية مشاكل بينها وبين دول غربية وخاصة الولايات المتحدة؛ إذ لم تخفض إنتاج النفط كما تعهدت، مما يعرقل سعي المملكة لزيادة أسعار النفط إلى 81 دولارا للبرميل.
وبحسب صحيفة العرب استفادت موسكو من صعوبة مراقبة إنتاجها بسبب العقوبات الغربية المفروضة عليها، حيث يتم تهريب النفط الروسي إلى شرق آسيا بشكل تصعب معه معرفة الكميات المعروضة والأسعار التي يتم بيعه بها.
وأعرب المسؤولون السعوديون عن خيبة أملهم وطلبوا من المسؤولين الروس أن تلتزم بلادهم بتعهدها بخفض إنتاج النفط بمقدار 500 ألف برميل يوميا حتى نهاية العام، حسب ما أفادت به مصادر مطلعة لوول ستريت جورنال.
ووضعت السعودية نفسها في مواجهة مع الولايات المتحدة بسبب سياسة خفض الإنتاج. ويقول الأميركيون إن هذا يخدم روسيا وإن المملكة تساعدها بهذا الخفض على زيادة عائداتها من النفط ما يمكنها من تمويل الحرب في أوكرانيا، في الوقت الذي اتهم فيه نواب في الكونغرس الرياض بأنها تساهم في هذا التمويل من خلال تمسكها بالحفاظ على الأسعار مرتفعة.
ويرى مراقبون أن روسيا بالتفافها على اتفاق أوبك+ بشأن خفض الإنتاج تكون قد وجهت ضربة قوية لتحالفها مع السعودية، وأن ذلك قد تكون له تداعيات على علاقات البلدين في مجالات أخرى.
وتصر روسيا على أنها ستخفض الإنتاج كما خُطط له، لكن المحللين يشككون في الأرقام التي تعلنها موسكو.
وتتجه نظرات السوق إلى بيانات تتبع الناقلات بما أن موسكو أوقفت التقارير الرسمية عن مستويات إنتاجها. وتشير البيانات إلى أنه حتى لو واصلت روسيا التزامها بخفض الإنتاج، فإن إمداداتها النفطية إلى الأسواق الدولية تستمر في الارتفاع، وخاصة في الأسواق الآسيوية الرئيسية التي طالما هيمنت عليها المملكة العربية السعودية وغيرها من المنتجين في الشرق الأوسط.
ومع طرح نفط خام أرخص سعرا، عمدت روسيا إلى زيادة حصتها في السوق زيادة هامة لجذب المزيد من المستوردين في آسيا، وهي الآن المصدر الأول لكل من الصين (حيث أطاحت بالمملكة العربية السعودية من المركز الأول خلال السنة الحالية) والهند (حيث تبيع خاما أكثر مما يبيعه العراق والمملكة العربية السعودية مجتمعيْن)، حسب بيانات شركة تحليلات الطاقة “فورتكسا”.
غراف
وترى تسفيتانا باراسكوفا المحررة في موقع أويل برايس الأميركي أن الإحباط السعودي يبدو منطقيا لأن المملكة تخسر حصتها في أسواق آسيا التي تعدّ أهم منطقة مستوردة للنفط، كما أن تخفيضاتها الإنتاجية البالغة 500 ألف برميل يوميا فشلت في زيادة أسعار النفط التي وصلت الآن تقريبا إلى المستوى الذي كانت عليه قبل إعلان تخفيضات أوبك+ المفاجئة في أوائل أبريل الماضي.
ومن المنطقي بالنسبة إلى روسيا توفير كميات متزايدة من الخام لأكبر بلدين مستوردين في آسيا. وتستفيد موسكو أيضا من استقبال ناقلات النفط التابعة لما يُعرف بـ”أسطول الظل” وعدم الالتزام بسقف أسعار مجموعة السبع على النفط الروسي البالغة قيمته 60 دولارا للبرميل.
وقالت وكالة الطاقة الدولية خلال الشهر الحالي إن روسيا لم تلتزم حتى الآن بخفض إنتاجها النفطي بمقدار 500 ألف برميل يوميا، وإنها تتطلع إلى زيادة الإنتاج لتعويض الإيرادات المفقودة.
كما تلمّح روسيا إلى أنها تفضل أن يترك شركاؤها في مجموعة أوبك+ إنتاج النفط دون تغيير، لأن أسعار النفط وحصص الإنتاج الحالية تناسبها.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال الأسبوع الماضي، إن أسعار الطاقة تقترب من مستويات “مُبررة اقتصاديا” وإن روسيا تواصل الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بإمدادات الطاقة.
لكن السعودية لا ترى أن للنفط الذي يقل عن 80 دولارا “ما يبرره اقتصاديا”، مما يزيد من إحباط الرياض من موسكو مع انتظار خطوة أوبك+ القادمة.
وقدّر صندوق النقد الدولي في أحدث توقعاته الاقتصادية أن السعودية بحاجة إلى أسعار نفط عند 80.90 دولار للبرميل لإحداث نوع من التوازن في موازنتها هذا العام.
والاثنين تم تداول خام برنت عند حوالي 77 دولارا للبرميل. وأعلم مستشارون اقتصاديون السعودية خلال الأشهر الأخيرة أنها ستحتاج إلى زيادة أسعار النفط على مدى السنوات الخمس المقبلة إذا ظهرت مشاريعها التنموية الطموحة، بما في ذلك مشروع نيوم المستقبلي البالغة قيمته 500 مليار دولار.
وقبل تلميح روسيا بأنها تفضل أن تترك أوبك+ مستويات الإنتاج كما هي، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان خلال الأسبوع الماضي إنه سيبقي البائعين على المكشوف، ممن يراهنون على أن الأسعار ستنخفض، “متألمين” ودعاهم إلى الحذر.
وحذّر المحللون من تجاهل تعليقات أهم المسؤولين عن النفط في أكبر مصدر للنفط الخام في العالم؛ لأن منظمة أوبك+ أحبطت المراهنين بإعلانها عن خفض غير متوقع في إنتاج النفط خلال شهر أبريل.
وقال كريغ إيرلام، كبير محللي السوق في شركة أواندا، خلال الأسبوع الماضي “ربما تريد السعودية إبقاء المتداولين في حالة تأهب، لكن الإدلاء بهذه التعليقات دون متابعة قد يبدو ضعفا ويسبب تراجع الأسعار مرة أخرى. قد لا يكون للإجراء الأحادي نفس تأثير القرار الجماعي. لكن لا ينبغي الاستهانة بأي شيء”.