أزمة الكهرباء في عدن تفاقم الغضب الشعبي على الحكومة
توقف منحة سعودية للمشتقات النفطية يرفع ساعات الانقطاع إلى 18 ساعة يوميا.
الوضع في عدن قريبا
تعترف السلطات في اليمن بعدم قدرتها على توفير الكهرباء خاصة بعد أن قطعت السعودية منحة للمشتقات النفطية وهو ما فاقم الأزمة وعمق معاناة اليمنيين في مدينة عدن خاصة مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.
عدن -عدن اوبزيرفر: لا يكاد يمر عام إلا ويندب اليمني عبدالله عزيز حاله على ما تشهده مدينته عدن في جنوب البلاد من تدهور للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي أنهكت السكان.
فقد تفاقمت أزمة الكهرباء في عدن، التي تتخذها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا مقرا لها وعاصمة مؤقتة للبلاد، جراء نقص الوقود اللازم لتشغيل محطات التوليد، مما جعل السكان يحصلون على الكهرباء لمدة لا تتجاوز ست ساعات تقريبا وبشكل متقطع خلال اليوم.
ورغم أن عدن كانت من بين أولى مدن الخليج التي دخلت إليها الكهرباء نهاية القرن التاسع عشر عندما كانت تحت الحكم البريطاني، يعاني أهلها اليوم وسط درجات حرارة تتجاوز 40 درجة مئوية.
ويقول عزيز (75 عاما)، الذي كان وزيرا في جمهورية اليمن الجنوبي قبل الوحدة اليمنية عام 1990 “عدن تعيش أسوأ أيامها، وسط سلبية من مجلس القيادة الرئاسي والحكومة (…) الوزراء يغطون في نوم عميق في مقار إقامتهم بقصر معاشيق، بينما يموت سكان عدن ببطء من شدة الحر”.
وحذر من أن استمرار الوضع المتردي في عدن دون معالجة على أرض الواقع قد يقود إلى توترات اجتماعية لا يستطيع أحد التنبؤ بعواقبها.
ويحمل سكان في عدن المجلس الرئاسي المدعوم من السعودية والحكومة المعترف بها دوليا وشريكها بالسلطة المجلس الانتقالي الجنوبي، المسيطر أمنيا على عدن وبعض محافظات الجنوب، مسؤولية غياب الخدمات الأساسية.
وتقول مؤسسة الكهرباء إن تزايد الانقطاعات في عدن التي تضم ميناء رئيسيا يعود إلى خفض قدرة التوليد بمحطات الطاقة بسبب قلة الوقود وانتهاء منحة سعودية للمشتقات النفطية بداية الشهر الجاري.
وقال سالم الوليدي مدير مؤسسة كهرباء عدن إن المؤسسة “طالبت الجهات العليا بالدولة منذ اللحظة الأولى لانتهاء منحة الوقود السعودية بضرورة تأمين الوقود الكافي لمحطات الكهرباء لاسيما في ظل ارتفاع درجات الحرارة”.
وأكد الوليدي أن قطاع الكهرباء يواجه تحديات كبيرة ومتراكمة منذ سنوات، مشيرا إلى أن إجمالي الطاقة التي تحتاجها عدن يتجاوز 610 ميغاواط بينما تنتج المحطات أقل من 310 ميغاواط فقط يوميا، تعادل تقريبا نصف الاحتياجات.
واعتبر الوليدي أن الصراع بين الشركاء في السلطة الآن، في إشارة إلى الحكومةوالمجلس الانتقالي الجنوبي، أثر بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية والخدمات في عدن خاصة الكهرباء.
وأعلنت السعودية أواخر سبتمبر عن منحة مشتقات نفطية جديدة قيمتها 200 مليون دولار لدعم قطاع الكهرباء المتعثر في اليمن وتوفير الوقود لتشغيل نحو 70 محطة للطاقة الكهربائية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة في جنوب البلاد وشرقها.
ودعت الحكومة اليمنية في اجتماعها الأخير يوم الأربعاء الماضي القيادة السعودية إلى تعجيل حزمة الدعم التي أعلنت عنها سابقا لتلبية الالتزامات. ومن أجل استمرار المنح النفطية، تشترط السلطات السعودية على الحكومة اليمنية القيام بإصلاحات هيكلية وتمويلية في قطاع الطاقة من بينها تحصيل رسوم الخدمة من المشتركين.
وقال مسؤول كبير في المجلس الانتقالي الجنوبي طالبا عدم ذكر اسمه إن تأخير إمداد محطات التوليد بالوقود هدفه معاقبة المحافظات الجنوبية على المطالبة بتقرير المصير.
وترفرف أعلام دولة اليمن الجنوبي السابقة التي توحدت مع اليمن الشمالي عام 1990 في شوارع عدن، حيث تنتشر أيضا النفايات وتتفاقم أزمة الصرف الصحي.
وفاقمت درجات الحرارة المرتفعة حالة الغضب التي تسود مدينة عدن إزاء استمرار فشل الحكومة في تقديم الخدمات وتوفير الأمن وتحقيق الاستقرار لسكان المدينة الساحلية وعدة مدن مجاورة.
ووصف الكاتب والفنان عصام خليدي ما يتعرض له سكان عدن بأنه “جرعات تعذيبية قاتلة مع سبق الإصرار والترصد”. وتابع خليدي “للأسف يحدث كل هذا أمام مرأى ومسمع رئيس المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة وأعضائها المقيمين في قصرهم الفاخر”.
وقال محذرا “لن يستمر السكوت على هذه العقوبات الجماعية، فقد نفد صبر المواطن ونفدت قدرته على التحمل والصبر”. وعلق مواطن يدعى هاشم محمد ناجي (51 عاما) وهو موظف حكومي “يظهر الموقف الحالي فشل الدولة والحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي (…) الناس يموتون والسبب الكهرباء (…) لقد طفح الكيل”.
فيما عبرت الطالبة رندا ياسين بالصف الثالث الثانوي عن غضبها من الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، قائلة “بدأنا الامتحانات الوزارية منذ أيام (…) ونعتمد على الشموع والمصابيح التي تعمل بالبطاريات”.
وتحت هذا العنوان نشر وزير الكهرباء والطاقة في الحكومة اليمنية مانع يسلم بن يمين منشورا على صفحته بموقع فيسبوك، وكتب “أين هي الكهرباء يا وزير (…) وصلت مؤخرا لدرجة عدم قدرتي على التعريف بنفسي ليس ضعفا أو عدم ثقة بل حياء (…) استلمت وزارة الكهرباء وأكاد أجزم أني أعرف نقاط قوتها ونقاط القصور فيها، واستلمتها وأعرف أني سأكون في الواجهة وبشكل مباشر مع شعب ذاق كل العذاب الخدمي”.
وتابع “يجب أن يعرف كل مواطن في هذا البلد أن موارد الدولة لا تكفي لتشغيل الكهرباء بشكل يومي بوضعها الحالي وبما يغطي الاحتياج الكلي للكهرباء وهذا بسبب كلفة الإنتاج العالية وسببها الجوهري هو العمل العشوائي دون الرجوع إلى أصحاب الاختصاص في حينه”.
وتقول الحكومة اليمنية إنها تنفق ما يعادل 1.2 مليار دولار سنويا بواقع 100 مليون دولار شهريا من أجل توفير الوقود واستئجار محطات توليد الكهرباء لكن الإيرادات لا تصل إلى 50 مليون دولار سنويا. وتسببت الحرب المتشعبة التي دخلت عامها التاسع في أزمة شاملة في اليمن، فيما تقول الأمم المتحدة إنها أكبر أزمة إنسانية في العالم.العرب