شؤون محلية

صحيفة دولية: رهانات جنوبية على الحوار الوطني كمحطة مفصلية لاستعادة الدولة




عدن –عدن اوبزيرفر: يتطلع سكان الجنوب في اليمن بتفاؤل حذر إلى الحوار الوطني الذي سيعقد الخميس المقبل في العاصمة المؤقتة عدن، ويهدف إلى وضع خارطة طريق موحدة بين القوى الجنوبية من أجل “استعادة دولة الجنوب”.

ويأتي انعقاد هذا الحوار الذي أطلق عليه “اللقاء التشاوري” والذي يجري برعاية المجلس الانتقالي الجنوبي، على وقع جهود دولية وإقليمية متسارعة من أجل إنهاء الصراع المستمر منذ نحو تسع سنوات بين الحوثيين والسلطة الشرعية.

ويرى متابعون أن الغاية من اللقاء هو الاتفاق بين المكونات الجنوبية على رؤية مشتركة للدفاع عن قضية الجنوب والتصدي لأي محاولات تستهدف تجاوزها عند الحديث عن الحل النهائي للأزمة.

وسيشارك في هذا اللقاء، الذي يصفه البعض بأنه يؤسس لمنعطف تاريخي، كل من المجلس الانتقالي الجنوبي، والحراك الثوري، والمجلس السياسي، والهبة الحضرمية الثانية، وحزب الرابطة الجنوبي، والملتقى العام سقطرى والمهرة، إلى جانب فصائل ومكونات جنوبية أخرى.

وأكد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي أن اللقاء التشاوري سيمثل مدخلا لشراكة جنوبية حقيقية تضم غالبية المكونات السياسية في الجنوب، مشيرا إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي ينتهج الحوار كقيمة حضارية لتقريب وجهات النظر وتسوية التباينات.

وشدد الزبيدي خلال الاجتماع الدوري لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي على أن باب الحوار كان وسيظل مفتوحا أمام كل الجنوبيين بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم.

ويقول مراقبون إن اللقاء التشاوري لم يكن وليد التحولات الطارئة مؤخرا على المشهد اليمني، بل يعود إلى أغسطس الماضي، حينما تقرر تشكيل فريقين للحوار الوطني الجنوبي: الفريق الأول موجه للداخل برئاسة صالح محسن الحاج، والفريق الثاني موجه للخارج برئاسة أحمد عمر بن فريد، مهمتهما إجراء مشاورات وحوارات مع النخب والشخصيات والمكونات الجنوبية.

وعقد فريقا الحوار الوطني الجنوبي سلسلة من اللقاءات والحوارات مع مختلف المكونات السياسية والمجتمعية الجنوبية لتذليل الخلافات والتباينات بينها حول سبل استعادة دولة الجنوب.

وقال رئيس فريق الحوار الوطني الجنوبي الداخلي إن عقد اللقاء التشاوري يعتبر ثمرة أشهر من اللقاءات والجولات التي أجراها الفريق حتى وصل إلى أطراف الجغرافيا الجنوبية، استجابة للدعوة التي أطلقها الرئيس الزبيدي لتوحيد الصفوف والرؤى الجنوبية لمواكبة تحديات المرحلة واستحقاقاتها السياسية.

وأعرب محسن الحاج عن أمله في أن يكون هذا التنوع هو العنوان الأبرز لهذا الحدث التاريخي، لتأسيس مرحلة جديدة من العمل السياسي الجنوبي، على طريق استعادة الدولة الجنوبية بنظام فيدرالي جديد.

واعتبر إياد قاسم، رئيس مركز سوث 24 للأخبار والدراسات، أن الحوار الوطني في جنوب اليمن هو تتويج لجهود ومساعي الكثير من القوى الجنوبية منذ اللحظات الأولى لميلاد الحركة الوطنية الجنوبية في العام 2006.

وقال قاسم في تصريحات لـ”العرب” إن الخطوة تعد تطورا إيجابيا هاما لتحقيق توافق سياسي داخل الجنوب، سيسهم، في نهاية المطاف بحل الأزمة السياسية المعقدة في اليمن، التي تشكّل قضية شعب الجنوب فيها الاستحقاق الأبرز.

وينتظر خلال اللقاء التشاوري أن تجري إعادة هيكلة للمجلس الانتقالي، وتوسيع نطاق المشاركة فيه.

واعتبر رئيس مركز سوث 24 أن توسيع المشاركة داخل هيئات المجلس الانتقالي الجنوبي نفسه، والاتفاق على “ميثاق وطني جنوبي” يحدد الأهداف المشتركة للقوى السياسية والمجتمعية في الجنوب، يمكن أن يساعدا في تعزيز المزيد من الوحدة والتعاون بين مختلف المجموعات الجنوبية.


ومع ذلك، هناك العديد من التحديات التي قد تواجه هذه الجهود، بالنظر إلى الأزمة اليمنية الأوسع. وأحد أهم التحديات الصراع المستمر بين الحوثيين والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، والخلافات بين أطراف السلطة الشرعية نفسها ورؤيتها تجاه حل قضية الجنوب، والتأثير الإقليمي على بعض الأطراف المحلية.

ولا تزال بعض القوى الوطنية في الشمال لم تتجاوز مرحلة الخطاب السياسي السابق تجاه الواقع المختلف اليوم في اليمن، ولم تعد صياغة رؤيتها للمتغيرات التي حدثت طيلة السنوات الماضية بناء على ذلك، نظرا لغياب مشاريع ورؤية واضحة لها بالنسبة لواقع الشمال نفسه.

وهذا يؤثر بالمحصلة على مواقف بعض عناصرها داخل الجنوب، خصوصا تلك المنضوية في إطار بعض الأحزاب اليمنية. كما أنّ الحوار الذي يقوده المجلس الانتقالي الجنوبي قد يتأثر بالسياق السياسي والأمني الأوسع في البلاد.

ويرى إياد قاسم أن رغم ذلك يمكن التأكيد أنّ انخراط ما يزيد عن 80 في المئة من الأطراف الفاعلة من كل الطيف الجنوبي ومحافظاته الثماني في هذا الحوار، هو تحوّل تاريخي كبير. سيكون له أثر سياسي واجتماعي وأمني إيجابي ليس على الجنوب وحده، ولكن على الشمال والمنطقة ككل.

وأشادت قيادة الهبة الحضرمية الثانية، ولجنة تنفيذ مخرجات لقاء حضرموت العام، حرو، بقرار عقد اللقاء التشاوري الجنوبي، ووصفته بأنه خطوة تاريخية حضارية نحو بناء الدولة الجنوبية الفيدرالية المستقلة.

اللقاء التشاوري لم يكن وليد التحولات الطارئة مؤخرا على المشهد اليمني، بل يعود إلى أغسطس الماضي، حينما تقرر تشكيل فريقين للحوار الوطني الجنوبي

وتشكل مشاركة قوى ممثلة عن محافظة حضرموت انتصارا لوحدة الجنوب في ظل وجود قوى رافضة لانخراط المحافظة الغنية بالنفط في هذا المشروع، وتعمل هذه القوى بدعم من قوى إقليمية على الترويج لخطاب تشكيل دولة مستقلة تجمع حضرموت وجزيرة سقطرى والمهرة.

وأكدت قيادة الهبة ولجنة تنظيم مخرجات لقاء حضرموت في بيان، مساء الاثنين، أن اللقاء التشاوري يضمن مشاركة حقيقية لجميع أبناء الجنوب في بناء وطنهم واتخاذ القرارات المصيرية، كما أعلنتا المشاركة في اللقاء حرصا على مصلحة حضرموت والجنوب.

ولفتتا إلى دور اللقاء في بلورة الأفكار والرؤى والاتفاق على الميثاق الوطني الجنوبي كأساس متين للشراكة الجنوبية المستقبلية وبناء الدولة الجنوبية الفيدرالية القادمة، التي يكون فيها لحضرموت إقليم مستقل ومكانتها ودورها الريادي البارز سياسيا واقتصاديا.

وأوضح البيان أن الحوار الجنوبي يمثل أهمية بالغة لتسوية التباينات وهو فرصة لتقريب وجهات النظر، مؤكدا أن أبناء حضرموت قد حسموا أمرهم بتحرير ما تبقى من أرضهم وإدارة شؤونهم العسكرية والأمنية والإدارية والمشاركة في بناء الدولة الجنوبية القادمة.

ويمثل رفض بعض الأطراف الجنوبية، المشاركة في الاجتماع التشاوري الذي سيعقد في الرابع من مايو علامة سلبية، لكن إياد قاسم يرى في تصريحاته لـ”العرب” أن ذلك تحد يجب أن يدفع القائمين على عملية الحوار إلى بذل المزيد من الجهد لاحتواء كل الأطراف وتكثيف التواصل معها على قاعدة الشراكة والمصالح المتبادلة والمسؤولية الوطنية تجاه مستقبل واستقرار جنوب اليمن.

ويرى رئيس مركز سوث 24 أن هذه المقاطعة، على محدوديتها، تسلّط الضوء على الصعوبات في تحقيق توافق الآراء بين مختلف المجموعات والحاجة إلى مواصلة الجهود لتعزيز المزيد من المشاركة.

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي قد شدد على أنه سيواصل العمل من أجل المزيد من الشمولية والمشاركة في جهود الحوار الوطني الجنوبي، ولقاء الرابع من مايو هو محطة أولى على هذا الطريق وخطوة فارقة نحو صياغة رؤية جنوبية مشتركة تضع الخطوط العريضة للنهج السياسي الجنوبي وترسّخ ثقافة الحوار بدلا من الصراعات العنيفة، وتدفع بلا شك نحو تسهيل عملية الحل السلمي النهائي للأزمة في اليمن.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى