نقاط على الطريق
كتب/ ماجد الداعري
أن تتمكن من الوصول بخير وسلامة من المكلا إلى عدن، هذه الأيام وتتجاوز عشرات النقاط الأمنية العبثية التسولية المنتشرة على طول الخط الواصل بين حضرموت وعدن لاستجداء المسافرين وتسولهم أي شيء معك وبأساليب صادمة وحجج مختلفة تارة بتوقف الراتب وأحيانا بقولهم قدك عارف ظروفنا، وصولنا إلى هات أي حاجة معك بمناسبة رمضان، وليس نهاية بتسول فلوس أو حبة دخان أو قات أو حتى قنينة ماء تشرب منها.. فذلك يعني أنك بخير!
ولا شك انك وتقديرا لتأمينهم المفترض للطريق وتقدير ظروفهم ستبادر من تلقاء نفسك لاعطائهم ماء أوقات أوحتى فلوس ان سمحت لك ظروفك بذلك.. لكن أن تشعر أنهم قد تحولوا إلى مايشبه قطاع طرق بتلك الأساليب فذلك يبعث فيك روح العناد َردة فعل عكسية تجاه تصرفاتهم وخاصة حينما يصرون أحيانا على أن تحمل معك أشخاص غرباء وأحيانا مسلحين يتواجدون لديهم عند النقاط، وفي منتصف الطريق يبدأ مسلسل بلطجتهم عليك بداية بتسولك قات وماء وبعدها شرح ظروفهم وختامها بلطجة ومحاولة اخافتك بالاختطاف أو إطلاق النار عليك لترضخ وتدفع لهم قبل انتهاء مشوار خدمتك لهم.
وفي حالات أخرى يستقبلك العسكري بالنقطة بهيبة ووقار عسكري يبهرك ويبدأ بالسؤال العبثي المعتاد:
من فين واجين.. والى أين.. ومن ثم طلب بطائقكم.. وبعدها التوقف على جنب لنبش وتفتيش سيارتك وكل حقائبك ومالديك أحيانا بشكل يشعرك وكأنه قرأ في عينيك انك احد اكبر المهربين للممنوعات بالعالم، رغم ندرة تحركك اصلا بذلك الخط.. ولكن ولانك مع إجراءات التفتيش وتعزيز الأمن ومحاربة جرائم التهريب، فانك لا تملك إلا أن ترفع له قبعة التقدير والاحترام على حرصه على التفتيش قبل أن يصدمك بشحتتة المهينة في الختام :خلاص هاتوا اي حاجة.. تحركوا قدكم عارفين ظروفنا بدون مرتبات..
وهنا تنزل عليك كلماته كالصاعقة وتعرف ان كل إجراءاته تلك لم تكن بحثا عن ممنوعات بالفعل وإنما لعلك تتبرم وتتضايق من إجراءاته وتقدم له أي حاجة وتمضي بسلام تماما كما بفعل سائقوا القاطرات ودينات الحمولات الكبيرة التي لا تخضع لأي إجراءات تفتيش إطلاقا في تلك النقاط وتكتفي نقاط المداخل بطلب أوراق ترخيص عبورها وبيانات الحمولة.
وعليه فانك ستجد نفسك مطالب بأن تحمد الله تعالى وتشكره على سلامة وصولك إلى عدن بخير وسلامة أولا وثانيا لأنك ماتزال تحتفظ بكامل ملابسك وأدوات حقيبتك وعطورك وهواتفك أحيانا..
وكل هذا يكون بالتأكيد حسب حظك مع الجنود المناوبين في النقاط، لأنهم ليسوا جميعا بهذا السوء للأمانة والاتصاف وإنما هناك من يقومون بعملهم على أجمل وجه عسكري وامني مشرف بل ويساعدون المسافرين في كثير من الأمور ومنها تغيير الإطارات أو محاولة دهف وإصلاح السيارات وغير ذلك ودون أن يطلبوا اي شيء مقابل ذلك، وحصل معي أن تم تنبيهنا من قبل أفراد نقطة بأن كفر السيارة بالأرض ومن بعدها قاموا بتغيير الإطار في عز الظهر والحر بنهاية احور واستغربت منهم يطلبون منا نهاية الأمر بقولهم: خلاص جاهز.. يالله حنوا.. معكم الله.. غير أن ضمائرنا لم تسمح لنا بكل قناعة أن نمضي دون أن ندفع لهم أجرا مناسبا على جميل صنيعهم. مع شكرنا الجزيل لهم.