صحيفة دولية:الإخوان يرفضون المشاركة في صفقة الاتفاق بين الحوثيين والحكومة اليمنية .
على أمل اتفاق يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار
لم يكن الاتفاق على تبادل دفعة أولى من الأسرى بين الحوثيين والحكومة اليمنية مفاجئا بالنسبة إلى الكثيرين في ظل الزخم الإيجابي الذي يشهده الملف اليمني، وإن كان مراقبون يرون أن هذا الاتفاق لا يعني اقتراب النهاية السعيدة لقضية اليمن، في ظل التعقيدات التي تحيط بها.
برن (سويسرا) –عدن اوبزيرفر-العرب: توصلت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي إلى اتفاق على تبادل أكثر من 800 أسير خلال مفاوضات في برن، على ما أعلن الجانبان الاثنين، في بادرة أمل جديدة مع تسارع الجهود للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار يهيئ المجال للتسوية السياسية، على الرغم من وجود الكثير من التعقيدات.
وبحسب الأمم المتحدة والصليب الأحمر، من المنتظر أن تعقد جولة جديدة من المفاوضات بين الجانبين في مايو المقبل، للاتفاق على دفعات أخرى من الأسرى إلى حين استكمال الإفراج عن كامل المعتقلين على قاعدة “الكل مقابل الكل”.
وجاء الإعلان عن التبادل بعد أيام على إعلان السعودية وإيران اللتين تدعمان أطرافا متعارضة في النزاع، توصلهما إلى اتفاق على استعادة علاقاتهما الدبلوماسية بعد سبع سنوات من القطيعة.
وقالت رئيسة بعثة اللجنة الدولية في اليمن دافني ماريه “هذه خطوة حاسمة ستنهي معاناة العديد من العائلات المشتتة وتساعد على بناء الثقة بين الجانبين، ونأمل أن تؤدي إلى المزيد من عمليات الإفراج”.
وأعلن رئيس وفد الحوثيين عبدالقادر المرتضى في وقت سابق أنه “تمّ الاتفاق على تنفيذ صفقة تبادل تشمل” ما يزيد عن 880 شخصا، حسبما نقلت قناة “المسيرة” الناطقة باسم حركة “أنصار الله”.
واستولى الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء في العام 2014 في نزاع بدأ في السنة نفسها بينهم وبين القوات الحكومية. في العام التالي، قادت السعودية تحالفا عسكريا تدخل في الحرب لدعم الحكومة الشرعية، ما فاقم النزاع الذي خلّف مئات الآلاف من القتلى وتسبّب بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
وأسفر وقف لإطلاق النار تم التوصل إليه في أبريل الماضي إلى تراجع حاد في الأعمال القتالية. وانتهت الهدنة في أكتوبر، لكن القتال بقي إلى حد كبير معلقا، بفضل جهود مستمرة قادتها عدة أطراف وفي مقدمتها سلطنة عمان.
وأحدث الإعلان المفاجئ قبل أيام عن اتفاق جرى برعاية صينية لتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، زخما إيجابيا على مسارات التفاوض لحلحلة الأزمة اليمنية.
ويرى متابعون أن الاتفاق الذي لم يكن مفاجئا بين الحوثيين والحكومة اليمنية ما كان ليحصل لولا إرادة سعودية – إيرانية لإحداث اختراق في الأزمة، لافتين إلى أن من المنتظر أن يجري الإعلان خلال اليومين المقبلين عن تهدئة مطولة في اليمن.
وبموجب الاتفاق، سيفرج الحوثيون عن 181 أسيرا، بينهم سعوديون وسودانيون، مقابل 706 معتقلين لهم لدى القوات الحكومية، بحسب المرتضى.
ونقلت قناة “المسيرة” عن المرتضى، الذي يرأس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى، قوله “سيتم تنفيذ صفقة التبادل بعد ثلاثة أسابيع”. وأشار المرتضى إلى إمكانية عقد جولة جديدة من مباحثات إطلاق الأسرى خلال الأشهر المقبلة.
وأفاد ماجد فاضل، عضو الوفد الحكومي المفاوض، بأن الحوثيين سيطلقون سراح وزير الدفاع الأسبق اللواء محمود الصبيحي وأربعة صحافيين محكوم عليهم بالإعدام، وأبناء عدد من القيادات الحكومية اليمنية، بينهم أبناء العميد طارق صالح.
وقال مسؤول حكومي يمني، فضّل عدم الكشف عن اسمه لأنه غير مخوّل بالحديث للإعلام، إن التبادل يشمل إطلاق الحوثيين سراح 15 سعوديا و3 سودانيين.
وبدأت هذا الشهر مفاوضات في برن بين ممثلين عن الحكومة اليمنية والحوثيين، بإشراف الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بعد ثمانية أعوام من الحرب.
وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن هانس غروندبرغ في بيان حينها “مع اقتراب شهر رمضان، أحضّ الطرفين على احترام الالتزامات التي قطعاها، ليس فقط تجاه بعضهما، بل كذلك تجاه الآلاف من العائلات اليمنية التي تنتظر منذ وقت طويل الاجتماع بأقاربها”.
وحاولت بعض الأطراف عرقلة التوصل إلى اتفاق، في ظل إصرارها على إدراج عدد من قياداتها ضمن الدفعة الأولى التي سيجري إطلاق سراحها.
وذكرت مصادر مطلعة أن حزب الإصلاح الإخواني رفض المشاركة في صفقة تبادل الأسرى التي أبرمت، وبحسب تلك المصادر فإن حزب الإصلاح الذي يمثل الذراع السياسية لجماعة الإخوان، لديه أسرى حوثيون تم اعتقالهم في جبهات مأرب وتعز وبعض الجبهات السابقة في حجة والجوف وصعدة، لكنه رفض تسليمهم أو مبادلتهم في الصفقة الحالية.
وأشارت المصادر إلى أن خلافات كبيرة لا تزال قائمة داخل وفد الحكومة حول أسرى الحوثيين المحتجزين في مأرب وتعز تحت سلطة الإخوان، حيث يصر الإخوان على مبادلتهم بالقيادي الإصلاحي البارز محمد قحطان بعيدا عن باقي الأسرى الآخرين.
ولفتت المصادر إلى أن جماعة الحوثي طالبت من الوفد الحكومي تسليم أعداد مضاعفة من الأسرى لدى ألوية العمالقة والقوات الجنوبية والمقاومة الوطنية في الساحل الغربي، مقابل إطلاق سراح وزير الدفاع السابق محمود الصبيحي وناصر منصور وأولاد طارق صالح، إلى جانب جنود سعوديين وسودانيين، موضحة أن أكثر من 700 مقاتل حوثي تم أسرهم من الجبهات جرى الاتفاق على مبادلتهم بنحو 180 أسيرا ومختطفا من الحكومة الشرعية.
وأشارت المصادر إلى أن الإصلاح يطالب بإطلاق قياداته، على رأسها محمد قحطان، من أجل المشاركة في صفقات التبادل وتسليم قائمة الأسرى للوفد الحكومي المشارك في المفاوضات.
بحسب الأمم المتحدة، فإن هذه سابع جولة مفاوضات تهدف إلى تنفيذ اتفاقية لتبادل الأسرى أبرمت في ستوكهولم قبل خمسة أعوام
وكانت مصادر في ألوية العمالقة الجنوبية أكدت في وقت سابق أنها قدمت المئات من الأسرى الحوثيين مقابل الإفراج عن اللواء الصبيحي، وهو ما تم لاحقا وجرى الإعلان عنه بإتمام الصفقة وبأعداد كبيرة قدمها وفد الشرعية مقابل عدد بسيط من الحوثيين.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن هذه سابع جولة مفاوضات تهدف إلى تنفيذ اتفاقية لتبادل الأسرى أبرمت في ستوكهولم قبل خمسة أعوام.
ونصّ الاتفاق في حينه على “إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمفقودين والمحتجزين اعتباطيا، وضحايا الاختفاء القسري والأشخاص قيد الإقامة الجبرية”، في سياق النزاع المستمر منذ 2014 في اليمن “من دون استثناء وبلا شرط”.
وجرت المحادثات الجديدة بعد حوالي عام على إعلان الحوثيين موافقتهم على تبادل جديد للأسرى، شهد إطلاق سراح 1400 حوثي، مقابل 823 مقاتلا مواليا للحكومة، بينهم 16 سعوديا وثلاثة مواطنين سودانيين.
وفي آخر عملية لتبادل أسرى جرت في أكتوبر 2020، تمّ “إطلاق سراح أكثر من 1050 أسيرا وإعادتهم إلى مناطقهم أو بلدانهم”، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وخلال اجتماع لمجلس الأمن الأسبوع الماضي، قال مسؤولو الأمم المتحدة إن الانفراجة الأخيرة بين السعودية وإيران قد توفّر زخما نحو السلام من جانب الأطراف المتحاربة في اليمن.
ورغم التوقعات الكبيرة، لا يتوقع أن يحلّ التقارب السعودي – الإيراني جميع المشاكل في اليمن، حيث تأثير القوتين الإقليميتين ليس سوى بُعد واحد من أبعاد الصراع متعدد الطبقات وشديد التعقيد، كما حذّر محللون.