أخبار عدن

كيف أثر فشل الدولة على عمل البنوك في اليمن؟




د. محمد حسين حلبوب

لقد تسبب ( فشل الدولة ) في اليمن، بالكثير من المعاناه للبنوك اليمنية. فمنذ ( 13 ) عام, والبنوك اليمنية تمارس نشاطها الاداري والمصرفي, في ظروف ( القوة القاهره ), من ارهاب، وحرب، و إقتتال اهلي، وانفلات امني، وفوضى ادارية, و بلطحة، ووضع اقتصادي كارثي، وانهيار مالي كبير، وانقسام نقدي شديد التعقيد، وعزله مصرفيه دوليه خانقة.
لقد تاثرت البنوك اليمنية، بالازمه الماليه العالمية في 2008م. وتعطلت بيئة عملها باعلان الحرب على القاعده في 14 يناير 2010م، وازدادت الامور سوءا بسبب الازمه السياسية الداخليه، التي تفاقمت وتحولت الى ثورة شعبية عارمة, انتهت بانقلاب ( حوثي ) مدعوم من ( ايران ). الامر الذي استدعى ضرورة التدخل العسكري العربي المدعوم بقرارات صادرة عن مجلس الامن الدولي، تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة.
لقد واجهت البنوك اليمنية، مخاطر عاليه, وتعرضت لأضرار جسيمة. يمكن تلخيص اهمها بالتالي:–
اولا : المخاطر والاضرار الناتجه عن سيطرت ( تنظيم القاعده ) على بعض مناطق ومحافظات اليمن.
فعلى فترات متقطعة, سيطر ( تنظيم القاعده ) على بعض مناطق اليمن و محافظاته. خلالها اعلن التنظيم تطبيق ( الشريعه الاسلامية ), وأصدر الفتاوى بمنع التعامل مع البنوك. باعتبارها تمارس ( الربا ) المحرم.
وتحت التهديد والارهاب من قبل عناصر ( تنظيم القاعده ), تم اغلاق فروع كثير من البنوك في مناطق سيطرة ( تنظيم القاعده ) في محافظة ابين ومحافظة لحج ومحافظة حضرموت، و محافظة مارب، وفي محافظة البيضاء.
ثانيا : المخاطر و الاضرار الناتجه عن المظاهرات والمسيرات، والثورة الشعبية.
في عام 2011م، تحولت الازمة السياسية، الى ثورة شعبية، ظهرت على شكل مظاهرات ومسيرات شملت ( 17 ) محافظة يمنية، وهو الامر الذي خلق حالة من ( التوتر )، الذي استمر حوالي عامين كاملين.
ثالثا : المخاطر و الاضرار الناتجه عن انقلاب ( مليشيا الحوثي )، وإجتياحها لمعظم محافظات اليمن. ومن ثم انطلاق ( عاصفة الحزم ).ويمكن تلخيص اهم المخاطر و الاضرار التي تعرضت لها البنوك اليمنية بالتالي :–
1- توقف نشاط بعض الادارات العامه لبعض البنوك بشكل كامل نتيجة الانقلاب والحرب.
2– تمركز ( مليشيا الحوثي ) في مباني عدد من المقرات الرئيسيه للبنوك ومقرات فروعها، وتعطيل اعمالها.
3– كنتيجة للحرب تعرضت مباني فروع بعض البنوك للتدمير .
4– استولى ( الحوثي ) على اموال البنوك الحكومية التي تقع تحت سلطته.مثل كاك بنك، والبنك الاهلي.
5– رفض ( الحوثي ) قرار، نقل العمليات الادارية للبنك المركزي الى عدن، و اصدر قرار ( بتجريم ) تداول ( الطبعه الجديده ), من النقود، واعتمد ( طبعة ( الكاش ) القديمه ) فقط. وتبلغ اجمالي قيمتها ( 1.435 ترليون ) . بينما تخلى عن تحمل مسؤلية تسييل نقود ( الحسابات الجارية ) والبالغ قيمتها حوالي ( 330 مليار ريال ) وهي تمثل جزء اساسي من النقد ( M1 ). كما تخلى عن شبه النقد ( M2 ) البالغ قيمته ( 2.2 ترليون ريال ) الذي يمثل ا جزء اساسي من ( العرض النقدي ) للريال من ( الطبعه القديمه ).
لقد ادت سياسة ( الحوثي ) النقدية الى خلق (يبوسه ) نقديه شديده تسببت في ( انعدام حاد في السيولة ). وضع البنوك اليمنية في صنعاء في حالة ( افلاس ) غير معلن. ومستقبل شديد الغموض.
لقد قام ( الحوثي ) بتجميد :–
أ– ارصدة البنوك اليمنية، المستثمرة في ( اذون الخزانه ) بمبلغ اجمالي يصل الى ( مليار ريال يمني ).
ب– الاحتياطي القانوني للبنوك اليمنية، بمبلغ اجمالي يساوي ( مليار ريال يمني )
ج — ارصدة البنوك اليمنية في الحسابات الجاريه لديه ( بالريال )، بمبلغ اجمالي يساوي ( مليار ريال يمني ).
د– ارصدة البنوك اليمنية في الحسابات الجاريه ( بالدولار ), بمبلغ يساوي ( مليون دولار ).
6- اوقف ( الحوثي )، احتساب الفوائد و الارباح على ارصده البنوك المستثمرة في اذون الخزانه، وسندات الخزينه، وشهادات الايداع، والصكوك الاسلامية. التي وصلت عام 2015م، الى حوالي ( 625 مليار سنويا ).
7– صادرة ( الحوثي ) اموال المعارضين له في البنوك التجارية والاسلاميه, في صنعاء، باستخدام احكام سياسية ظالمه.
8– نشر ( الحوثي ) قوائم باسماء اكثر من ( 600 تاجر ) شملت معظم اصحاب راس المال الكبير في اليمن. و اعتبرهم ( مدينين متعثرين ) في سداد ( القروض للبنوك ). والحقيقة ان معظمهم ليسوا ( متعثرين ). وان ( انعدام السيوله ) — التي خلقتها سياسته — هي التي تسببت في عدم سدادهم للديون.
رابعا : المخاطر والاضرار الناتجة عن فشل الادارة السابقه للبنك المركزي عدن، و فسادها. حيث تسببت في :–
1– منح ( الحكومة الشرعية )، حرية ( السحب على المكشوف ) دون ضوابط وبما يخالف النظم واللوائح. مما خلق ( سيوله عالية )، تسببت في ( اسهال نقدي ) شديد. ادت الى تدهور شديد في سعر صرف العمله المحلية من ( الطبعه الجديده )، وصلت في نوفمبر 2021م الى( 1720 ريال /دولار ). مما اثر سلبا على البنوك اليمنية، وادى الى ( اضمحلال ) مواردها الماليه، وتناقص شديد في قيمة حقوق اصحاب الملكيه.
2– زيادة ( العرض النقدي ) من حوالي( 3.6 ترليون ريال ) في سبتمبر من عام 2016م، الى ( 7.2 ترليون ريال ) في نهاية عام 2022م. اي خلال ست سنوات فقط.
3– السماح ( للصرافين )، بممارسة مهام البنوك التجارية والاسلاميه، بالمخالفة للنظم واللوائح.
خامسا : المخاطر و الاضرار الناتجه عن الاقتتال الاهلي بين فصائل ( قوات الشرعية ), فيما بينها حيث تسبب ذلك في اضرار بالغه للبنوك حد من نشاطها، وتسبب باضرار في مبانيها و اجهزتها و معداتها.
سادسا: مخاطر واضرار, ناتجه عن تدهور الوضع ألامني, وتخلي الاجهزه الامنية للدوله عن مهامها مما اضطر ادارات البنوك الى التعاقد مع شركات امنية خاصه، ومع حراسات فردية. لتوفير الامن والحماية لموظفيها، وزبائنها، واموالها و بقية ممتلكاتها. وهو الامر الذي يكلف البنوك مبالغ اضافيه كبيرة.
سابعا: مخاطر واضرار , وقوع البنوك اليمنية تحت اربع سلطات سياسية متصارعه هي ( سلطة الحوثي، وسلطة الشرعية القديمة في مارب وتعز ، وسلطة الشرعية الجديده، وسلطة المجلس الانتقالي الجنوبي، ). وهو الامر الذي يضعها في مواقف لا تحسد عليها. و يكلفها الكثير من الاموال.
ثامنا :– تخلي الهيئة العامه للتامينات و الموسسة العامه للتامينات عن تحمل مسؤلياتها في دفع رواتب ( المتقاعدين ), مما اضطر ادارات البنوك الى عدم احالة من بلغ احد الاجلين الى التقاعد. وهو الامر الذي ادى الى تحمل البنوك اليمنية لتكاليف اضافيه تزداد عام بعد اخر.
تاسعا : مخاطر واضرار ناتجه عن وضع اقتصادي كارثي. حيث انخفض الناتج القومي الاجمالي لليمن من ( 42 مليار دولار ) في عام 2014م الى ( 18 مليار دولار ) في عام 2021م. اي بانخفاض بلغت نسبته 53% تقريبا. وهو الامر الذي ادى الى تعثر كثير من المقترضين و عجزهم عن تسديد اقساط القروض. الامر الذي فرض على ادارات البنوك اليمنية ضرورة وضع مخصصات كبيرة لتغطيه تلك القروض.
عاشرا : مخاطر واضرار ناتجه عن انهيار الوضع المالي للحكومه. حيث انخفضت نفقات الميزانية العامه للدوله من ( 12.6 مليار دولار ) في عام 2014م، الى (2.3 مليار دولار ) في عام 2021م–. اي بانخفاض بلغت نسبته حوالي ( 82% ) تقريبا. مما ادى الى :–
1– عدم قدرة الحكومة على دفع مديونيتها.
2– عجز الموظفين الحكوميين عن تسديد اقساط قروض المرافق الحكومية. الامر الذي فرض رفع المخصصات الخاصه بتغطية القروض.
احدى عشر : مخاطر واضرار ناتجه عن انقسام النظام النقدي, بين بنكين مركزيين. احدهما في صنعاء يتبع ( الحوثي ), والٱخر في عدن تابع للسلطة الشرعية، تشكل في اليمن سوق نقدي مشوة, يتعامل ( بثلاث عملات محليه ) متباينه القيمة، — تسمى كل منها ( ريال ) –. الامر الذي افقد الجهاز المصرفي ثقة المجتمع. وخلق حالة نقدية معقده للغايه. اجتمعت فيها ( الدولرة ), و ( السعوده )، مع حالة ركود اقتصادي شديد، في مناطق حكم ( الحوثي ). وحالة تضخم اقتصادي، في مناطق حكم الشرعية.
اثنا عشر : مخاطر واضرار ناتجه عن العزلة المصرفية الخارجية. الناتجه عن الضغط الامريكي على البنوك الخارجية بعدم التعامل مع البنوك اليمنية ( بالدولار ). وهو الامر الذي نفذته معظم بنوك العالم خوفا من عقوبات وزارة الخزانه الامريكيه. وهو الامر الذي خلق صعوبات شديدة للبنوك اليمنية عند انجاز المعاملات الخاصه بمدفوعات الاستيراد، و مقبوضات التصدير، ويرفع من تكاليفها.
في الاخير لا ننسى ان نعلن تضامننا الا محدود مع البنوك في صنعاء التي تواجه ممارسات ظالمه، واستيلاء غير مشروع على اموال مودعيها، وتعاني بشده من ( انعدام السيولة من الطبعه القديمة )، وتجميد استثماراتها، وتوقيف احتساب الفوائد و الارباح عليها، والتشديد في دفع الضرائب، ومدفوعات المجهود الحربي، وغيره من اشكال التعسف والارهاب.
د. محمد حسين حلبوب
رئيس مجلس ادارة
البنك الاهلي اليمني

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى