كتاب عدن

محاربة الانتقالي والانتقاص منه ليست فكرة صائبة



احمد عقيل باراس
يمر الجنوب حالياً بأخطر المنعطفات واصعب اللحظات في تاريخه اذ يبدو ان هناك شي يراد للمجلس الانتقالي الجنوبي بعيدا عن ثوابته ونهجه الذي اختطه لنفسه وسارت عليه قياداته منذ تأسيسه وحتى اليوم وقدم من اجله شعب الجنوب قوافل من الشهداء على طريق تحقيق اهدافه في التحرير والاستقلال واستعادة الدولة وما الضغوطات التي يتعرض لها المجلس الانتقالي الجنوبي حالياً ومحاولات الضرب تحت الحزام التي تتوالى عليه مؤخراً إلا وسيلة من الوسائل لإجباره على القبول بما تريده مراكز النفوذ والقوى التقليدية في الشمال المسيطرة على قرار الشرعية وسعيها الدؤوب وبشتى الطرق لإضعافه بين اوساط شعبه وقواته المسلحة وحتى بين محبيه من المتوافقين معه من بقية القوى الوطنية الشمالية الاخرى التي يجمعها به هدف مواجهة مليشيات الحوثي والاخوان ووصول هذه الضغوطات إلى التلويح بالفوضى في عدن مقابل استمرار الانتقالي في رفضه لتلك الضغوطات.



حيث نجد ان منظومة الدولة العميقة في اليمن قد سعت جاهده منذ البداية الى النيل من تطلعات الجنوبيين ووأد احلامهم وبمساعدة للأسف من بعض الايادي الجنوبية التي اخذت على عاتقها تنفيذ هذه المهمة لتتسبب بقصد او بدون قصد في تأخير المشروع الجنوبي طوال الثمان السنوات الماضية من الحرب والتي تمثلت في التصرفات الخاطئة لبعض القوى الجنوبية المناوئة للمجلس الانتقالي ولبعض المحسوبين على المجلس الانتقالي نفسه على حد سوى لتأخذ اليوم هذه المنظومة بشكل مباشر وجلي زمام المبادرة بالوقوف سداً منيعاً دون تحقيق المجلس الانتقالي لاي مكاسب حقيقية على الارض من جهة ومن جهة اخرى العمل على افشال كل خطواته التي من شانها ان تؤدي إلى تعزيز نفوذ الجنوبيين في السلطة الشرعية وبما يمكنهم من استعادة مؤسسات الدولة وتوفير الخدمات للناس في عدن والجنوب انطلاقاً من استحقاقات مشاركته ضمن مكونات الشرعية بحسب مخرجات مشاورات واتفاق الرياض.



لقد بات واضحاً اليوم من تعقيدات المشهد اليمني ان الوصول إلى حل يرضي الجميع امر مستبعد وما سيتم تغليب مصلحة القوى النافذة التقليدية حتى وان لم تملك ارض ولم تطلق رصاصة واحدة في مواجهة الحوثيين على ما عداها من القوى الناشئة الاخرى لذا لا يمكن اخذ تلك الضغوطات التي يتعرض لها المجلس الانتقالي الجنوبي بعيداً عن هذا الإطار وعما يحدث اليوم من محاولات ومن حراك من قبل قوى اقليمية ودولية تسعى لإنهاء النزاع في اليمن ووضع اطار ووصفه للحل والتي يبدو في مجملها انها لن تكون في صالح المجلس الانتقالي الجنوبي ولا المشروع الذي يقوده ويحمل لوائه ولا في صالح كذلك القوى الوطنية الشمالية الأخرى.



لذا نتمنى من الجميع دون استثناء كشعب ونخب وقادة ومكونات الادراك بحجم الخطر الذي يحدق بنا واننا بالفعل نقف اليوم امام مفترق طرق تصبح فيه تضحيات الجنوبيين التي قدموها على المحك فإما الانتصار لهذه التضحيات وتحقيق الاهداف التي قدمت من اجلها تلك التضحيات واما التنكر والخذلان لها واستثمارها في الحصول على مغانم ومكاسب شخصية وهو الشي الذي لا يتمناه كل من في قلبه ذرة اخلاص للجنوب فيكفي هؤلاء ان يرو وصول حجم التآمر والتكالب التي تبديها اليوم معظم مراكز وقوى النفوذ في الشمال تجاه الجنوب الى مستويات قياسية بل وانتقالها من مرحلة الدفاع والاستكانة والاكتفاء بوكلائهم الجنوبيين إلى الجراءة في الهجوم بمستويات غير مسبوقة يشاركهم فيها جميع اعداء الجنوب بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم بما فيهم بعض الجنوبيين انفسهم من اسرا عقد الماضي وروح الانتقام التي لم يخرجوا منها ولم تستطع كل الاحداث التي مرت علينا ان تغير نظرتهم للجنوب .



وختاماً كم نتمنى ان يدرك الجميع ان المجلس الانتقالي الجنوبي وان اخطأت بعض قياداته في تقدير بعض الامور او اقترفت بعض الاخطاء والهفوات او اساء بعض المحسوبين عليه في تصرفاتهم فانه يظل بالنسبة للجنوب طوق النجاة الوحيد واخر وسيلة يستطيع الجنوب بها ان ينتصر فهل يعي البعض من ابناء جلدتنا ان الاستمرار في محاربة الانتقالي والانتقاص منه فكرة غير صائبة فلو قدر الله وخسر الانتقالي معركة استعادة الدولة في الجنوب فان الخاسر فيها لن يكون الانتقالي وحده ولا حتى الجنوب وحده بل ستخسر معه كل القوى التي تواجه الحوثيين وفي مقدمتهم المقاومة الوطنية في الشمال التي نوجه لها الف تحية وسيخسر معه كذلك التحالف العربي وسيتحول الجنوبيين جميعهم إلى عبيد والى مواطنين درجة ثالثة ورابعة بما فيهم اولئك الذين يوجهون سهامهم نحو المجلس الانتقالي ويتمنون هزيمته.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى