كتاب عدن

كلا يرى الوطن بعين فكرته




جاكلين أحمد


هناك من يظن أن الوطن هو كمية القات التي يمضغها في فمه ورقة بعد ورقة حتى تصبح هرما، ويبدأ بعدها تحليلاته السياسية التي ليس لها شبيه، يوزع صكوك الوطنية والخيانة حسب نوع قاته، وعندما يتخلص من ذلك الهرم القاتي ينتهي الوطن ويصبح رجلا صامتا هاربا منفيا بلا وطن.

وآخر يظن أن الوطن هو رشفة في (قلص شاي حليب) يستحسن طعمه صباحا أو عصرا وهو يجلس على (المقهاية) مع اصحابه، يولولون على الهم الذي لايطيقونه، ثم يتلاشى ذلك الوطن مع آخر(شفطة) في ( قلصه)، ويأتي الوطن مرة اخرى ب(قلص شاي حليب آخر) في نهار جديد ونقاش جديد.

وهناك من يجزم أن الوطن ماهو إلا صحن فاصوليا طبخته له زوجته وبهرته بكل أنواع البهارات التي يحبها وأضافت إليه السمن البلدي، ومع (قرصين روتي) يتلذذ بطعم أنامل زوجته في ذلك الصحن ، ويأتي الوطن مرة أخرى مع كل صحن فاصوليا تغمس فيه زوجته أناملها المحببة لديه.

ويأتي الوطن لأحدهم وكأنه قيلولة بعد وجبة دسمة أشبع فيها مالديه من جوع، قادته الأحلام القصيرة خلال تلك القيلولة الى عالم وردي أفاق منه على واقع اغبر لكنه أعاد الوطن مرة أخرى في قيلولة جديده…

وأخرهم ذلك الذي يأخذ على محمل الجد أن الوطن كرسي سلطة شيق يراه بعين الطمع يتسلق لأجله الأكتاف ويدوس على الجماجم ويلعن الاجداد ليجد وبعد عمر مرير من السرقة والقتل والنهب أن غيره جاء ليدوس على جمجمته ويتسلق كتفه ويحلم بوطن آخر غير وطنه وعلى طريقته..

أما المسكين هو ذلك الذي يظن أن الوطن هو أن يكون هو بكل كيانه لاينافسه في نفسه سارق ولافاسد ولامتسلق .وكالعادة لا يأت وطنه أبدا مهما أكل فاصوليا أو شرب شاي حليب أو دخل في قيلولة أو حتى حاول أن يتسلق رقاب ليصل لكرسي، هو دائم الانتظار ومحطته لاتأتي ابدا، ووطنه يبقى مجرد أمنيات بعيدة لايدري كيف يصل اليها .

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى