كتاب عدن

سكان الجنوب والشمال يفضلون العيش في الماضي




د. مروان هائل عبدالمولى
يتذكر الجنوبيون والشماليون عن طيب خاطر اليمن الديمقراطي والجمهورية العربية اليمنية ، لكنهم لا يريدون العودة اليهما ولا بقاء الوضع الحالي ، فالعالم تغير والرؤى كذلك ، لكن الحنين يفرض نفسه في احياناً كثيرة ، فهو شعور إنساني للغاية من الصعب رفضه او مقاومته ، يمكن أن يكون متناقضًا عند الغوص فيه ، لكنه يساعدنا على التواصل مع أنفسنا واحتياجاتنا العاطفية .

توقع الناس الكثير من توحيد الجنوب والشمال في بداية التسعينيات ، لكن أحلامهم لم تتحقق ، فبعد حرب 1994 كان من المحزن ان تجد نفسك مواطن جنوبي من ” الدرجة الثانية ” وتبدأ بالحنين الغير مفهوم لـــ لبراميل، التي لاتزال حاضرة بقوة في أذهان الذين عاشوا على طرفي نقيض منها والى يومنا هذا يحاول الكثير منهم الحصول على الإجابة عن سؤال هل تم توحيد الشطرين بالفعل؟ لأننا على مدى 32 عامًا من الوحدة لم نتمكن من خلق ” شعور” بوحدة الأمة والارض ، واليوم اهم سؤال بالنسبة للناس ، من اين انت جنوبي أم شمالي ؟

قبل الوحدة كانت تعبئة استمارة السفر الى الشمال او الجنوب مرهقة لكن الطريق كان آمن ، بالمقابل كان هناك احترام وابتسامة للمسافرين حتى اخر نقطة عند اخر برميل حدودي من الجهتين ، لذلك بالنسبة لمعظمنا الماضي أفضل من الحاضر اقلها كنا نعيش في دولتين ذات سيادة خالية من مفهوم الوديعة وانتشار اللصوص والفساد والمخدرات وضعف التعليم ، والان يكفي مقتطف من أغنية أو صورة قديمة لنجم سينمائي مثل اميتا بتشان لإطلاق العنان لهذه المغرية المتعبة المسماة بــ” الحنين ” إلى الماضي ، وبالمناسبة هذه واحدة من أذكى الحيل التي توصلت إليها أدمغتنا ، لأنها تحمينا من الذكريات المؤلمة وتنشطنا باعتقاد متفائل بأن كل شيء سيكون على ما يرام مرة أخرى.

التنقل بين الألبومات التي تحتوي على صور الطفولة والمراهقة و زملاء الدراسة تنعش المشاعر الجميلة ، من مننا لا يتذكر فرقة ” five friends ” في نادي الوحدة الرياضي و روعة الاغاني التي كانت تقدمها في الحفلات والاعراس ، من منا لا يتذكر مسرحية التركة والرحلات المدرسية الى البحر والحسيني مع المدرسين الافاضل، من لا يتذكر مجلات ميكي وسمير في مكتبة الشيباني والمذاق الرائع لفاصوليا سعيد ومكرونة مطعم ديلوكس ، اعتقد انه ليس هناك اروع من الغوص في الذكريات الجميلة ، لنشرح لواقعنا الحالي ان الماضي لم يكن جميل فقط و ذكرياته تجعلنا نبتسم ، بل لان الماضي كان هادئ واجمل ما فيه كثرة الناس الطيبة والبسيطة والمبتسمة و بدونهم كانت حياتنا ستعاش عبثًا.

يقول الملحن والممثل الامريكي أوسكار ليفانت ان” السعادة ليست شيئاً تختبره او تشعر به ، بل شيئا تتذكره ” ، واعتقد انه بالفعل في بعض الأحيان نحتاج إلى منح انفسنا العنان ونسيان كل شيء في العالم وتذكر كل شيء آخر ، فحتى الأوقات السيئة في الماضي تصبح ذكريات جيدة.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى