كتاب عدن

البنوك واسطورة الودائع المجمدة



أشرف الشريف
قبل عام 2015 كانت الحكومة اليمنية تقوم بسداد العجز في الموازنة العامة للدولة عن طريق ” بيع السندات الحكومية وشبة الحكومية واذونات الخزانة ” ، وفي عام 2015 م تم الاستحواذ والانقضاض على البنك المركزي وارصدته في صنعاء ، وعلى الأرصدة الأخرى للبنوك الموجودة بحوزته والتي هي مقابل ما ذكرناه سابقاً من بيع السندات المالية لتغطية العجز وتوفير السيولة النقدية وبالتالي عجز البنك المركزي اليمني عن الوفاء في سداد التزاماته أمام البنوك الأخرى ، وانعكس ذلك على البنوك الذين بدورهم عجزوا عن الوفاء في سداد ودائع وحسابات عملائهم المالية ، حيث أن تلك الأوراق المالية والسندات المشتراة هي عبارة عن ودائع و أموال العملاء المواطنين ، وانهارت المنظومة المصرفية موضوعاً ؛ أما شكلاً فقد تم الاستنجاد بخطة جهنمية وهي ما يعرف بـ ” تجميد الودائع ” والغير موجودة بالأصل والغرض منها طمأنة العملاء بأن أموالهم موجودة ولكن مجمدة نتيجة الشح في السيولة ، و امتداداً لتلك الخطة فقد تم فتح حسابات جديدة ( حسابات جارية فقط ) للعملاء فعند مطالبة الأخير لأمواله لديهم يقومون بتغطيتها عن طريق تلك الحسابات الجارية الجديدة وبشكل لصوصي ، فيخصمون نصفها ويسلمونها بالريال اليمني المنهار إذا كانت بالعملة الصعبة ، وهذه جريمة بحق المواطن اليمني .

ونتيجة لما ذكرناه فقدت البنوك ثقة المودعين واتجه المواطنون ورجال المال والأعمال بتعاملاتهم المالية نحو شبكات الصرافة ، الأمر الذي شجع هذه الشركات للتوسع بأعمالها لتشمل بعض وظائف البنوك ، كما انتشرت بصورة أدت إلى انفلات السوق النقدية وعدم قدرة البنك المركزي اليمني التأثير والسيطرة عليها ، ونتيجة لذلك فقد استمر الجهاز المصرفي بالتدهور فاقداً القدرة على ممارسة وظائفه باعتباره بنك البنوك و الأداة النافذة للدولة لتحريك الدورة الاقتصادية والحفاظ على التوازن الاقتصادي ؛ مما انعكس سلباً على الأنشطة الاقتصادية والتدهور الذي يعيشه الاقتصاد اليمني وسوء الحالة المعيشية والظروف الإنسانية التي تعيشها اليمن حالياً ، وفي النهاية من يتحمل المسؤولية المباشرة – هم مجالس الإدارة العليا – للبنوك ، الذين قاموا بإخراج و إضاعة جميع ودائع ومدخرات المواطنين للمتاجرة بتلك السندات الحكومية ، نتيجة لمخالفتهم للمبدأ الإداري المعروف بإدارة السيولة والمخاطر والذي يقول بأنه كان عليهم ان يتاجروا بجزء من تلك الأموال تحسباً لأي ظروف وتقلبات وبالذات في وضعنا المتأرجح في تلك الفترة .

وعلى جميع المواطنين المودعين أن يصطفوا جميعاً للمطالبة بأموالهم كاملةً امام تلك البنوك ، وتصحيح الوضع المصرفي وإعادة الدورة المصرفية الطبيعية .

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى