كتاب عدن

اللكمة القاضية


خالد سلمان


مفهومان لخوض الحرب ،هناك من يرى فيها جبهات متعددة وهناك من يرى أنها بندقية ودُشمة ورصاص، الأول يحاربك على كل الجبهات والأصعدة ،فيما الثاني يعجز عن كسبك بالسياسة والإقتصاد وميادين القتال ، الأول الحوثي والثاني الشرعية الملفوفة بكفن.

يجترح الحوثي الإنجازات المتتالية ، يوسع سيطرته على الأرض ويفاوض مستثمراً هذا الحضور ، يلعب بورقة المتغير الإقليمي الدولي يبحث عن شواغر بينهما ليتحرك ويسجل النقاط، من السعودية التي تلفلف ما بقي لها من أهداف لم ولن تتحقق ، تبيع الحلفاء مقابل ترتيبات أمنية تخصها وتستعد للرحيل ، إلى العالم بتهديد منابع إنتاج وتصدير النفط والغاز ، والدخول على خط ازمة الطاقة والحرب الروسية الأوكرانية، وفي السياسة يترجم الحوثي كل هذه الحنكة في إدارة الملفات إلى مكاسب تتالا وتصب في خزانة أهداف صنعاء ، التي يجري عملية تكريسها كسلطة أمر واقع ،ومفاوض رئيس ناطق بإسم مصالحه ومصالح شريكه الإقليمي طهران.



في كل مفاوضات الأزمات والحروب هناك طرفان يتبادلان أوراق التنازلات إلا في حرب اليمن ، هناك طرف يقدم صكوك تنازلاته وآخر يحصل هذه الصكوك ، لا مجال لإحصاء مكاسب الحوثي فهي آخذة بالتعاظم.

بعد جولات مفاوضات سهلة لصنعاء ، تم تحقيق آخر مكسب إدخال السفن بلا تأخير أو تفتيش أو مراقبة مسبقة ، ولهذا التطور ما بعده حيث أولاً يوسع قاعدة الحوثي بين مناصريه ووسطه الإجتماعي يقدمه كقوة قادرة على فرض شروطه ، ومن ناحية سياسية أنه مفاوض بارع ،ومن ناحية ثالثة يطلق على رأس الحكومة الشرعية الطلقة الأخيرة ،ويوجه لإقتصادها المتهالك اللكمة القاضية.



الحوثي حيّد مناطق إنتاج وتصدير الغاز والنفط ، والآن يجفف آخر ماتبقى للحكومة من موارد إقتصادية ، بإصدار قراره بخفض الرسوم على السفن القادمة إلى موانئه بنسبة ٥٠٪؜ ، في وقت ضاعفت الشرعية الخناق على التجارة برفع الدولار الجمركي، ما يفرض رحيلاً إجبارياً من ميناء عدن إلى موانئ الحوثي، كما أصدر توجيهاته الملزمة للشاحنات بعدم إعتماد أي رسوم تُدفع في نقاط جبايات المناطق المحررة ،الأمر الذي يضخ مئات المليارات الدورية في خزانة حربه ، دون أن يفي بأدنى إلتزاماته تجاه الرواتب والخدمات.

نحن لا نشيد بقدرات الحوثي على مختلف الصُعد، التي ماكان لها أن تجذر حكمه لولا عجز الحكومة وفسادها ، وإنعدام فاعلية ووجود الرئاسي ،وخيانة الحواضن الإقليمية لحلفاء لم يحافظوا على مسافة آمنة مع الجوار ، سلموا كل شيء للرياض وباعوها بلا ثمن القرار الوطني المستقل.

هل انتصر الحوثي؟
على المدى المنظور نعم

بحسابات المستقبل كمشروع دولة مواطنة مدنية عادلة ، قطعاً لا.

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى