مقالات

محو الأمية الرقمية


فاطمة المزروعي
لا تزال بعض الدول العربية تعاني من الأمية، فهناك الكثير من الأطفال محرومون من حقوقهم في تعلم القراءة والكتابة، ولقد تراجعت عملية التعليم في تلك المجتمعات التي تعاني من أزمات كثيرة في مجال الاقتصاد والصحة والتعليم وغيرها، ورغم أن التعليم ضرورة ملحة من ضرورات الحياة، إلا أنه أصبح مظهراً من مظاهر الرفاهية والرخاء. لا شك أن انتشار الأمية سببه خلل كبير أهمه الفقر وعدم توفير التعليم المجاني والإلزامي والكثير ممن يتسرب من المدرسة الابتدائية مبكراً فلا يأخذ نصيبه من العلم، فيظل ضمن الفئة الأمية وتقول الدراسات إن ثمة فئة من الأميين تضم الذين أنهوا المرحلة الابتدائية من الدراسة، لكنهم لم يمارسوا قدرتهم على الكتابة والقراءة.

ويشير التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2022 الصادر عن صندوق النقد العربي إلى أن نسبة الأمية الأبجدية بين البالغين (15 سنة وما فوق) قدرت في الدول العربية بنحو 24,6 في المئة، وهي بذلك تفوق مثيلاتها في جميع الأقاليم في العالم، كما أشارت منظمة الألسكو (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) بأن هناك 100 مليون أمي في مجال تكنالبيانولوجيا المعلومات في العالم العربي.

إنها الأمية الرقمية أو الأمية الإلكترونية، وهي لا تعني الأمية الأبجدية فقط، بل تتعداها إلى مفهوم عدم القدرة على استخدام التكنولوجيا الرقمية مثل الحاسوب والإنترنت وغيرها من المنتجات الرقمية أو التعامل معها وكيفية تطبيقها عملياً والحصول على المعلومات والمعرفة، والتواصل مع الآخرين.

ولا يتوقف مفهوم الوعي المعلوماتي حقيقة على المهارات الأساسية لاستخدام تقنيات الحاسب الآلي والشبكات الإلكترونية بل يتعداها إلى بناء الإمكانيات والقدرات لاكتشاف المعلومات عند الحاجة إليها، وتحديد مكانها وكيفية الوصول إليها، وتقييمها واستعمالها بشكل فعال، والوعي بالجوانب الأمنية في العالم الرقمي، ومعرفة الحقوق والحدود لتجنب الوقوع فيها.

لقد أصبح قياس نسبة الأمية اليوم ليس بمن لا يعرف الكتابة أو القراءة بل أصبحت الأمية في دول العالم تقاس بعدد مستخدمي الإنترنت أو أجهزة الحاسوب أو الكمبيوتر، لقد أصبح العالم قرية صغيرة يمكن من خلال الشبكة العنكبوتية أن يدير الشخص أعماله أو اتصالاته في منزله أو مكتبه عبر جهاز الهاتف المحمول.

ورغم وجود معوقات يجب تذليلها بتشجيع الفرد على استخدام الشبكة العنكبوتية أهمها الثقافة الرقمية وثقافة الاتصالات وتسنين تشريعات وقوانين جديدة لمواكبة التطور التقني والتكامل التكنولوجي، إلا أنه في عصر العولمة والتكنولوجيا الرقمية أصبح لدينا في العالم العربي أمية مركبة ممن يعانون من جهل القراءة والكتابة والجهل في استخدام الكمبيوتر والإنترنت، لا شك أن هناك تراجعاً كبيراً وتخلفاً جسيماً نعانيه في أوطاننا العربية ليظل التساؤل قائماً؛ كيف يمكننا خفض تلك الأمية الأبجدية التي لا تزال نتائجها واضحة في عالمنا العربي؟

مواضيع مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى