التدوير الوظيفي حافزًا للأفراد أم عقوبة؟
د. مروان هائل عبدالمولى:
يعد التدوير الوظيفي طريقة ذكية للاستثمار والاستفادة من المورد البشري وأحد الاستراتيجيات الهامة لتحسين مستوى الالتزام التنظيمي والوظيفي ومكافحة الفساد داخل مؤسسات الدولة والشركات الخاصة .
وقد اصدرت اليمن قانون بشأن التدوير الوظيفي عام 2009م ، إلا ان سياسة التدوير الوظيفي اليمنية سلاح ذو حدين و ليست صالحة لكل زمان و ليس لكل مؤسسة حكومية، وبالتالي يمكن أن تكون عائق مدمر إذا لم يتم مسبقاً التفكير والتخطيط فيها بشكل صحيح ، كأن تستخدم عملية التدوير الوظيفي في بعض الاحيان كوسيلة للانتقام او نفي لبعض الموظفين الكفاءات ونقلهم الى ادارات جديدة تحت مسمى التدوير ، بينما قد تجد بعض الموظفين والمدراء الفاسدين والجهلة قد تعفنوا في الوظيفة والمنصب ورائحة فسادهم تزكم الأنوف ، ولكنهم محصنين من التدوير الوظيفي بسبب علاقات الفساد المبطنة .
على الرغم من المزايا والإيجابيات العديدة للتدوير الوظيفي إلا أن لهذا الأسلوب عيوب تظهر في حالة ما تم تحويل الموظفين بشكل مفاجئ الى أحد الادارات او الأقسام دون تهيئة سابقة ، فأحيانا يكون هذا النوع من التدوير الوظيفي هو من اجل خلق نزاعات بين الموظفين أو اقصاء وتهميش البعض الآخر منهم ، أو ممارسة ضغوط معينة على موظفين محددين غير مرغوب فيهم لإجبارهم على الاستقالة او النقل أو التقاعد.
قد تستغرق عملية التدوير الوظيفي وقتاً طويلاً و تكون مكلفة للمؤسسة وفي نفس الوقت غير مجدية ، اما اذا تم تطبيق التدوير بطريقة عشوائية فأنه قد يتسبب في حدوث فوضى و ارتباك وقد يؤدي ذلك إلى حدوث أخطاء وبالتالي يكون ضاراً على المؤسسة ذاتها بحيث يتحمل قسم الموارد البشرية العبء الاكبر والذي يجب ان يكون على اهبة الاستعداد لنقل الموظفين من ادارة إلى اخرى رغم انخفاض إنتاجية العمل خلال فترات تكيف الموظفين مع المناصب الجديدة.
تجدر الإشارة إلى أن تدوير موظفي الخدمة المدنية كوسيلة لمكافحة الفساد معترف به على المستوى الدولي و على وجه الخصوص ، حيث تنص اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المؤرخة 31 أكتوبر 2003 على أنه يجب على كل دولة طرف أن تسعى جاهدة لإنشاء مثل هذه الأنظمة لتوظيف وترقية وتقاعد موظفي الخدمة المدنية وغيرهم من الموظفين العموميين والتي تستند إلى مبادئ الكفاءة والشفافية و معايير موضوعية مثل التميز والإنصاف والقدرة ، بما في ذلك الإجراءات المناسبة لاختيار وتدريب الموظفين للوظائف العامة التي تعتبر معرضة بشكل خاص للفساد ، وتدوير هؤلاء الموظفين عند الاقتضاء في هذه المناصب.