ثلاث طعنات قاتلة في خاصرة الجنوب !
أبريل 18, 2022
عبده النقيب
أولا: لا أظن أن هناك عاقلا يختلف معي حول أسباب انهيار الدولة الجنوبية (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) فرغم وجود كل مقومات النجاح من مؤسسات مدنية وعسكرية حديثة وكادر متخصص وثقافة مدنية وثروات هائلة مقارنة بعدد السكان القليل إلا أننا أخفقنا في الحفاظ على كيان الدولة، ولماذا نجحت دول الجوار التي كانت تفتقر لكل هذه المقومات، لا شك انه ذلك يعود لطبيعة النظام السياسي. كان لإقرار نظام الحزب الواحد في الجنوب واغتصاب الإرادة الشعبية وإنكار حق الشعب في خياراته واختيار ممثليه ومشاركة القوى الوطنية الأخرى كلها أدت الى وجود الاحتقانات والانفجارات الداخلية العنيفة التي قضت على أي امل في التنمية وبالتالي انهارت الدولة بشكل كلي دون أي تدخل خارجي. هذا الخطأ يتكرر اليوم من قبل المجلس الانتقالي الذي يدعي بهتانا تمثيل الجنوب فبرغم ما حضي به من تأييد شعبي جنوبي كاسح إلا انه أخفق في تجسيد تثميل الجنوب من خلال السعي لإجراء حوار جنوبي واسع يحقق التوافق الوطني العريض بعيدا عن الشعارات الديماغوجية والدجل. هذه التفرد في ادعاء تمثيل الجنوب بالضرورة أدي الى تمزيق النسيج الاجتماعي الجنوبي ونشوب الخلافات البينية وبالتالي الى ارتماء المجلس في أحضان الخارج للاستقواء به والذي جرده من إرادته السياسية ليصبح أداة لتنفيذ أجندة التحالف معرضا السيادة الوطنية للمخاطر الجسيمة.
ثانيا: القبول بعودة عصابات دولة الاحتلال ذات السطوة المالية والإرهابية والقبلية دون قيد أو شرط والتخلي عن أدنى حق لشعب الجنوب يحميه من هذه العصابات التي تحكم الخناق عليه في حصار إجرامي جماعي لسنوات طويلة في شتى الجوانب الخدمية والمالية والاقتصادية والسياسية. فلا فيدرالية ولا حكم محلي واسع الصلاحيات ولا أسس معقولة أو مقبولة تضمن تحقيق حل عادل ومرضي للقضية الجنوبية يحقق لشعب الجنوب ابسط الحقوق الضرورية اقلها العيش بكرامة وشرف.
ثالثا: بيع الوهم للشعب الجنوبي خاصة وان لدينا حشود كبيرة من المشبعين بثقافة الشعارات الثورجية والحماس التي استوطنت الجنوب لربع قرن وخلقت وعي مشوه حتى ظننا أن الجنوب هو أفضل نظام سياسي واقتصادي متحرر من التبعية على مستوى المنطقة باسرها. الحقيقة أن خطر التبعية والعبودية أساسهما غياب النظام الساسي الحكيم والتنمية السليمة والذي يؤدي الى تفكك المجتمع والدولة والدخول في دوامة الصراعات التي بالضرورة تقود الى التبعية والعبودية وخطر اختفاء الدولة.
أن الواقع المؤلم والمرير الذي نعيشه اليوم هو تجلي حقيقي للارتهان للمخططات والأجندات الخارجية الإقليمية والدولية وتعبير فاقع عن تلاشي مقومات الدولة وشيوع الفوضى وهي العوامل التي تقود الى تحقيق الأطماع الخارجية في الجنوب ممثلة بالثروة والأرض والموانئ فلا هيئات الشرعية تمتلك ابسط شروط ومقومات السلطة الشرعية ولا الانتقالي يمثل الجنوب أو انه في وضع يسمح له باتخاذ القرار حتى على مستوى هيئاته.
خلاصة القول إن الوضع الراهن والتطورات السلبية تمثل خطرا محدقا على السيادة الوطنية للجنوب ومستقبله السياسي برمته ونقول لمن يظنوا انهم حققوا نصرا على الجنوب فإن تكريس الحلول الخاطئة لن يؤدي سوى الى تجذير الأزمة وتعميقها وارتفاع كلفة الثمن الذي سيدفعه الكل شمالا وجنوبا. ولان المجلس الانتقالي غير قادر على مصارحة شعب الجنوب بالحقيقة وإبراء الذمة فأن المهمة اليوم تقع على كل مثقف ووطني جنوبي في التوعية بحقيقة الوضع وتعبئة الشارع الجنوبي للتصدي للمؤامرة فهو الوحيد القادر على إحباطها وتجنيب الوطن الكوارث المحدقة فوق تلك التي قد حلت فعلا.