أم الفحم تُكرّمُ الكاتبة عايدة نصراللّه!
يوليو 01, 2021
عدد المشاهدات 991
عدد التعليقات 0
أم الفحم تُكرّمُ الكاتبة عايدة نصراللّه!
آمال عوّاد رضوان
أقام نادي الكنعانيّات للإبداع ندوةً أدبيّةً في المركز الجماهيري في أم الفحم بتاريخ 26.6.2021، احتفاءً بالكاتبة الفحماويّة عايدة نصراللّه، وإشهار كتابيْها “أربعون وجهًا لعبداللّه” و “هواجس”، وسط نخبةٍ من حضور المُثقّفين والأقرباء والأصدقاء، وقد تولّت إدارة النّدوة آمال عوّاد رضوان، ورحّب السّيد وجدي حسن جبارين نائب رئيس بلدية أم الفحم بالحضور، وبارك للكاتبة عايدة نصراللّه إنجازاتها الأدبيّة كعَلَمٍ فحماويّ، مشيرًا إلى دوْرها الثّقافيّ وأهمّيّة ما تكتبه وتُدرّسه، وقدّم لها درعًا تكريميًّا من بلديّة أمّ الفحم.
أمّا د. نادر مصاروة فتحدّثّ عن سنين الدّراسة الّتي جمعته مع د. عايدة نصرالله أكاديميًّا وأدبيًّا، وقد تناول كتاب “أربعون وجها لعبداللّه”، وأسمى قراءته استشفافًا أدبيًّا لما بين الكلمات والسّطور، والعنوان الّذي يجعل القارئ يسرحُ في خيالاتٍ عديدةٍ تقودُهُ إلى تناصاتٍ كثيرة.
أما مداخلة د. عايدة فحماوي وتد بعنوان قراءات في “هواجس” الكاتبة عايدة نصر اللّه، فتحدّثت عن قراءة د. عايدة نصراللّه للوجود من حولها، وما تمارسُهُ دلاليًّا أركولوجيا الذات (علم الآثار)، إذ تحفر عميقًا في انحناءات الذات، في واقعِها وطيشِها ونُضجِها، ومن خلال هواجس تترجم قلق الحضور في زمن كلّ ما فيه ينبئ بالغياب والتّشظّي والمحو، وتترجم قلق الغياب في زمن الحضور الفائض عن الحاجة.
أما د. عبد النّاصر جبارين فقد تحدّث عن أهمّيّة الكلمة برؤاها ودلالاتها ومعناها في حياتنا والوجود، فـ “هواجس” أوّلًا وأخيرًا كلماتٌ، وألفاظٌ، وعباراتٌ، وشطحاتٌ تَجيشُ بها النّفْسُ الإنسانيّةُ (طبعًا بالمعنى الصّوفيِّ وهو معنًى إيجابيٌّ). وكلُّنا فخرٌ وافتخارٌ بما تَنْتِجُهُ المرأةُ العربيّةُ، وبما تَصُوغُهُ تلك الأناملُ بصوتٍ أنثويٍّ له حيِّزُهُ ودَوْرُهُ القائمُ والرّاسخُ بذاتِهِ؛ فالمرأةُ لَيْسَتْ نصفَ المجتمعِ بهذا التّصوُّرِ؛ بل هي (كضمير شأنٍ للتّأكيدِ) المجتمعَ كلَّهُ؛ لأنّها تَرْسُمُ ذاتَها وذواتَها بريشةٍ تَثْوي وراءَها الرّجلَ والمرأةَ، الطّفلَ والطّفلةَ، الولدَ والبنتَ، الشّابَّ والشّابَةَ؛ فَهُنَّ شقائقُ الرّجالِ وقياسًا عليه- كما تذهبُ إلى هذا روحُ اللّغةِ ودلالاتُها وكُثْرٌ مِنَ المفسِّرين- فالرّجالُ شقائقُ النّساءِ.
في نهاية اللّقاء شكرت المحتفى بها عايدة نصراللّه الحضورَ والمُنظّمينَ والمُتحدّثين، وتمّ التّقاطُ الصّور التّذكاريّة.
كلمة د. روزلاند دعيم رئيسة نادي الكنعانيات للإبداع:
تحية كنعانية معطرة بالورد من نادي الكنعانيات للإبداع، وأسعد اللّه أوقاتكم بكل خير وإبداع.
نلتقيكم اليوم لنحتفي بالفحماوية الأديبة عايدة نصراللّه وبإشهار كتابيها “أربعون وجها لعبداللّه” وكتاب هواجس”، وهذا هو اللّقاء الثّاني لنادي الكنعانيات للإبداع في هذا العام، والّذي أسسته المحررة الثقافية لدار الوسط اليوم للنشر والإعلام آمال عواد رضوان، ود. روزلاند دعيم في نهاية عام 2019، ليكون منصة مستقلة حرة تجوب كنعان والجولان والوطن، تحمل رسالة وطنية وفكرية وثقافية وإنسانية، تشارك بها شابات واعدات وأستاذات متمرسات، كسبن ثقة المشهد الثّقافي بجهودهن وأخلاقياتهن وإبداعاتهن.
معًا سنجوب ربوع الوطن، وسنُشرك الجميع دون استثناء، ونكررها: التّزامنا التّام هو تجاه المشاركات في المجموعة. وتجاه كلُّ منْ تكسِبُ ثقةَ المشهدِ الثّقافيِّ بجهودِها وأخلاقيّاتِها وإبداعِها، في شتّى المجالاتِ الفنيّةِ والبحثيّة.
ومنذ تأسيس النّادي عملنا على مواكبة إصدار (16) كتاب في مجالات أدبيّة وفكرية مختلفة، لكاتبات شابات يُصدرن كتابهن الأول والثّاني، ولكاتبات باعهن طويلة في الإصدار، وإن كانت لقاءات توقيع الكتب قد تعذرت بسبب جائحة كورونا، إلا أن الكاتبات احتفين بكتبهن بطرائق مختلفة، مما يؤكد أهمية الرّسالة الّتي حملناها، والّتي بإمكانِها أن تشكِّلَ موديلًا يُحتذى به في الحركةِ الثّقافيّةِ في بلادِنا وعبرَ الحدود.
نشكر في هذا المقام كل من رعى الأمسية أو واكب عقدها من منظمين ومتحدثين وضيوف، ونتمنى للقديرة د. عايدة نصراللّه قلمًا مباركًا تخط به أجمل الإصدارات. وأمنياتنا للجميع بأمسية راقية خلاقة.
مداخلة د. نادر مصاروة:
الدّكتورة عايده نصراللّه، اعرفها منذ سنين حين تعلمنا معا في كليه منشه في الخضيرة، ثم تمضي السّنون فصرنا زملاء محاضرين في معهد إعداد المعلمين بيت برل لسنوات عدة. هذه المرأة الرّائعة الّتي سارت في تعرّجات الزّمن، وسارت مع الزّمن مُتعرّجًا فيها ومتوغّلةً فيه بكلِّ طموحِها، هي الّتي سارت عكسَ التّيّار، ولم تَسِرْ عكسَ التّيّار المضاد بكلّ عنفوانِهِ وحسب، بل انتصرتْ على هذا التّيّار بكلّ جدارة، أكاديميًّا وأدبيًّا.
وليس أدلّ على ما كتبته ربّما توصيفًا لنفسها أو بنات جنسها تظهيرا لمجموعتها القصصيّة “هواجس”، حيث تقول ص71:
في لجّةِ اليمِّ، تناقلَتْها الأمواجُ، مرّةً تطرَحُهَا على ظهرِ قرشٍ، فيأكلُ شيئًا منها، ومرّةً تطرَحُهَا على ثمرةٍ بحريّةٍ تَطعَمُها، وفي كلِّ مرّةٍ تنقُصُ أو تزيدُ، حتّى وَجَدتْ ضالتّهَا الّتي صَوّرَتْهَا كشمسٍ في وسطِ المحيطِ.
سلّطَ الضّوْءَ عليْهَا، حتّى كشفَ خلاياها الّتي عَطّبَها الزّمن، فتركها تُلاطِمُ الأمواجَ، وانسحبَ دونَ رَفّةِ جفنٍ.
تستحقُّ منّا كلَّ التّحيّة والتّقدير وبحرارة.
والحقيقة، تتبّعتُ شخصيّةَ عبد اللّه ” في هذا الإبداع الأدبيّ “أربعون وجها لعبد اللّه”، وحاولتُ الوقوفَ على بعض المعاني، ولا أُسمّيهِ تحليلًا أدبيًّا، فزميلتي الدّكتورة عايده فحماوي هي أقدرُ منّي وأطولُ باعًا في مجال التّحليل الأدبيّ للنصّ القصصيّ، ولكنّني أُسمّيهِ على أنّهُ استشفافٌ أدبيٌّ لما بين الكلمات والسّطور.
وأول ما أثار انتباهي، ذلك العنوان “أربعون وجها لعبد اللّه”، والحقيقة أدهشَني العنوان ، فأنت حالًا تسرحُ في خيالاتٍ إلى تناصات كثيرة لهذا العنوان منها الدّينية”:
“وتمّ ميقات ربك أربعين ليلة”. المائدة (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون). وبُعثَ كثيرٌ مِنَ الأنبياءِ والرُّسُلِ في سنّ الأربعين
ومنها الشّعبيّة ومنها الخرافيّة، وقصّة علي بابا والأربعين حرامي، والمثل المعروف «يخلق من الشّبه أربعين» و«حتّى أربعينك لا يشبهونك”، وحتّى أنّك تغوص في التّاريخ القديم، حيث قدّسوا العددَ أربعين، كالأشوريّين والبابليّين. وغير ذلك. كثير.
المجموعة القصصيّة مليئة بالتّراث العربيّ، والتّراث الشّعبيّ، والأمثال والحكم، والأحداث التّاريخيّة، كما لاحظت غرابة شديدة في شخصيّة عبد اللّه، إذ فيها الشّيء الجديد الغريب، السّاخر، ومع أن الشخصيّة، إما أن تكون ثابتة، أو نامية، جعلت الكاتبة شخصيّة عبد اللّه بين الثّبات والنّمو، وهو أمر قلما نجده في الرّوايات.
نجد عبد اللّه في كل خطوة من خطواته في الرّواية يكتشف شيئًا جديدًا حوله من واقعه الّذي يمثّل واقعنا نحن، وهو المروي عنه في بعض الأحيان والرّاوي نفسه في أحيان أخرى.
يبسط عبد اللّه سيرته الذاتية، وفي بعضها يركّز على ذلك الجزء من حياته الّتي عاشها كثير من أهلنا تحت حكم الانجليز، ومن ثمّ تحت حكم اليهود في الدّولة الجديدة، وبالتّالي هو يبسط صورة لحياة شعبه بأكمله.
من خلال هذه الشّخصيّة نستخلص رؤية الكاتبة للواقع الّذي تعيشه هي وشعبها، فالبطل عبد اللّه فلسطينيّ يمثل أقلّيّة، ولذلك فهو مضطَهَد يعيش على هامش المجتمع، فهو بريء ومذنب في آن واحد، فهو لم يرتكب شيئًا يستحقُّ عليه التّعذيب، فهو يدخل السّجن ويعذب دون أن يرتكب ذنبًا، و سماته تحمل الكثير من ذلك الفلسطيني المتشرّد من مكان إلى مكان، ليسرد حكاية التّشريد جيلًا بعد جيل فعبد اللّه ص19:
” يَمرُّ من بيتٍ إلى بيت، لا لشيء، إلّا ليحكيَ حكايتَه القديمةَ، والسّامع لا يفهمُ إلّا كلماتٍ متقاطعةً فقط”.
صحيح أنّها قديمة، ولكنها متجددة في كل يوم، تحكي حكاية التّعذيب الّتي عاناها الفلسطيني عبد اللّه من الإنجليز:
” – الإنجليز أخذوني، قلعوا أظافري، حمّموني بمياهٍ مُثلّجة”.
هو ذلك الفلسطينيّ الّذي يُزج في السّجن من غير سبب ص20:
” فرآه جنديٌّ في الشّارع، وسَحبَهُ إلى السّجن، وهناك، ضربوه وهو لا يعي لماذا يُضرَب “.
لكن رغم هذه المعاناة يبقى عبد اللّه الفلسطينيُّ عزيزَ النّفس، لا يقبل أن يتصدّق عليه أحد. لكن تتبدّل المأساةُ من الإنجليزيّ إلى اليهوديّ، ورغم بساطته ص21:
” وسمعَ النّاسَ يَقولونَ هذه المرّة:
– اليهود … اليهود…
وهو أكملَ الباقي، وحَملَ حجرًا كبيرًا، وقذفَهُ على رأس أكبر جنديّ.
حملَ الجنودُ عبد الله معَ جاعدِهِ، أوسعوهُ ضربًا، وسألوهُ أسئلةً لا تُعدُّ ولا تُحصى، وهوَ لمْ يعرفِ الإجابةَ عنها، وكُلَّما ضربوهُ، بَصقَ عليهم، وقالَ لهمْ كلماتٍ يَسمعُها منَ الشّارع”….”
هو ذلك الفلسطينيٌّ الّذي ينتظر أن ترتفعَ معنويّاتُهُ بنصرٍ مُؤزّرٍ، ولو بالكلمات ولو بالشّتيمة ضدّ الظّالمين ص36:
” في صلاة الجمعة وفي عزّ الهجمة على العراق، وقفَ الشّيخ يخطب:
– اللّهمّ رمِّلْ نساءَهم… اللّهمّ يتِّمْ أولادهم… اللّهمّ… اللّهمّ….
والنّاس وأنا نُردّد: آمين.
ارتفعت معنويّاتي… فإذا كان الشّيخُ الفاضلُ يشتم، فمعنى ذلك أنّ هذه هي الطّريق، وهذا هو العلاج الصّحيح فعلًا.
خرجتُ منَ المسجدِ أشتم. صلّحتُ حالي وشعرتُ بطاقةٍ غريبةٍ، إذ كلّما شتمتُ أكثر، شعرت بارتخاء وهدوءٍ وسلامٍ، ولم أعرف أنّ الشّتيمةَ قد أدّتْ مفعولَها بالتّمام والكمال، حتّى اتّصلَ بي مُتّصل كلّمني بالإنكليزيّة:
Are you Abdu Allah?
أجبت بلهفةٍ: yes sir
فقال المُتّصل:
Thank you Abdu Allah for coursing us, continue in your way. But don’t do much than this” . do you promise?
yes sir, I promise to continue to course you
شكرت الله على إلهامه:
– اللّهمّ يتّمْ أولادهم…
اللّهمّ رمّلْ نساءهم… اللّهمّ أجهضهنَّ…
اللّهمّ دحرجْ جنودَهم مِن أعلى الجبل…
اللّهمّ سلّط عليهم طيرَ أبابيل… إلخ…
وأنقذتُ شعبي بهذا الدّعاء”.
وكان مَن يدعمُ قضيةَ الفلسطينيّين منفذا لتنفيذ غضب عبد اللّه على الظّلم والحرمان ص38:
” وفي وقتٍ كانتْ البلدةُ قد عانتْ مِن حرمان الحكومة لها من
الميزانيّات، وخرجتِ البلدةُ عن بكرة أبيها، تُطالبُ شارون قبلَ أنْ يتحوّلَ إلى جثّةٍ محنّطة، بالإنصاف وحقّهم بالبول، كما خلق البشر أجمعين.
مشى عبد الله في المظاهرة وبدأ يصيح:
– يعيش الاتّحاد السّوفييتيّ
حملَهُ أحدُ الغاضبين من أحد الشّوارع، احترامًا لكبر سنّهِ قائلًا له:
– قول يا شارون برّا برّا… أُمّ الفحم صارت حرّة…
وصاح عبد الله:
– يا شارون برّا، برّا، روسيا صارت حرّة…”.
وما زلنا نفتقدُ ذلك القطبَ الّذي كان يقفُ دائمًا إلى جانب الحقّ الفلسطينيّ. وتضعُ الكاتبةُ يدَها على الجرح النّازفِ كلّ يوم، حين تعكسُ مِن خلال سلوكيّات شخصيّة عبد اللّه، ذلك الواقعَ المريرَ الّذي يُعانيهِ الفلسطينيُّ في داخل الدّاخل، تلك الآفة الّتي تقضُّ مضاجعَ النّاس، ألا وهي آفة العنف، التّناقض في المعايير؛ ننبذ العنف ونمارسُه، نعظ الآخرين بألّا يمارسوا العنف، ونُربّي أبناءنا عليه، يُربّي المعلّمُ طلّابَهُ ألّا يمارسوا العنفَ، ولكن يلطم هذا الطّالبَ ويشتمُ ويهينُ ذاك، حتّى بات الأطفالُ يَملّونَ مِنَ الوعظ عن العنف ولا حلّ ص73:
” صار عبد اللّه مُعلّمًا، وكان يعلِّم ضدّ العنف، وفي آخر شهرين ركّز عبد اللّه النّاعم على موضوع العنف في المدارس، وأسبابه، ونتائجه، وكلّ ما يخصّ ظاهرة العنف في النّظريّات.
ملّ الطّلاب الدّروس المتتالية عن العنف. قال له أحدُ الطّلاب:
– أستاذ، كلّ يومٍ نتكلم عن العنف، وكلّ يومٍ يُقتل شابٌ.
– ماذا تقصد يا ولد؟
– اسمي أحمد يا أستاذ.
– ماذا تقصد يا أحمد؟
– يا أستاذ، شبعنا نظريّات، ونريد حلًّا. قل لنا ماذا نفعل؟
ولنعومةِ عبد اللّه فهو لم يتعوّد أنْ يناقشه أحدٌ أو يجادله،
ونسي اسم الطّالب مرةً أخرى:
– يعني يا ولد، أنت تشكّك في النّظريّات؟
– أستاذ، قلت لك اسمي أحمد.
– أحمد ولّا زفت… المهمّ هذه النّظريّات هي الأساس، لكي يفهم التّنابلة أمثالك.
غضب أحمد وعلّق:
– أستاذ عبد اللّه، أنا لست ولدًا ولا زفتًا ولا تنبلًا.
انتفض عبد اللّه النّاعم، ونسي نعومته، وصرخ في وجه أحمد:
– بل تنبل وابن تنبل.
همّ أحمد بالخروج من الصّفّ احتجاجًا، فمسكه عبد اللّه من قَبَّة قميصه وقال له:
– هل تريد أنْ تعمل من نفسك بطلًا، وشرح شهرين لم ينفع معك؟
نظر أحمد إلى يد الأستاذ الّتي أمسكت قَبَّة قميصه بشدّة وقال:
– أرجوك يا أستاذ، اِرفع يدَك عن عنقي.
فما كان من عبد اللّه النّاعم إلّا أنّ لطم أحمد على وجهه.
قهقه الطّلاب، ليُريحوا أنفسهم من الشّرح.
فخرج أحمد، وطرق الباب وراءه بعنف، وعاد عبد اللّه ليكمل الدّرس عن ظاهرة العنف، وعن تأثيرها على المجتمع”.
وفي موقف آخر ص75 :
“وعندما اجتاح العنف البلد، اجتمع الجيران؛ مُثقّفون وغير مُثقّفين، وجّهَ أحد الجالسّين حديثه لعبد اللّه بقوله:
– واللّه الوضع مخيف، يعني الواحد منّا صار يخاف على أولاده من كلمة مرحبا؛ لئلّا يُقتَل بسبب “المرحبا”.
هذا التّناقضُ الصّارخُ في سلوكيّاتِنا يحتاجُ منّا إلى وقفةٍ معَ النّفس، ونقفُ أمامَ المرآة ونسأل: أين الخلل؟
نجحتِ الكاتبةُ أن تعكسَ واقعًا إيجابيًّا أحيانًا، وسلبيًّا في أحيانٍ كثيرة لواقع العربيّ هنا وهناك من خلال شخصيّة عبد اللّه، فهو السّجين المعذّب، وهو المحتجّ على سياسة التّمييز، وهو مدير المدرسة، وهو المعلّم، وهو المتنكّر لماضي أبيه النّضاليّ، ويتقرّبُ إلى الأحزاب الصّهيونيّة لمصلحة معيّنة، وهو الّذي ينافقُ فتراه حسب الموقف، وتراه أيضًا مع الدّراويش، وأحيانًا مع الأحزاب الصّهيونيّة، هو الّذي يربي ابنه على مبدأ “اِسمع وطنّش”، وهو الّذي يشتمُ في ملعب كرة القدم، وهو الّذي يعكسُ صورةَ أشخاصٍ يتبادلون المصالح ص97:
“وفي إحدى المرّات كنت عابرةً بالصّدفة من أمام مكتبه، وإذ به يقول لزميل آخر: بتزقّني بزقّك.”
أي نفّذ لي مصلحتي الشخصيّة أنفذ لك مصلحتك الشخصيّة. وهو المحاضر، وهو السّكرتير في المدرسة.
كثيرةٌ هي أوجه عبد اللّه. لكنني لمست في هذه الرّواية وجهًا مُشرقًا يسير بخطى حثيثة نحو القمّة، ألا وهي الكاتبة نفسها الّتي ما زالت تبدع من كتاب أدبيّ لآخر.
أحييك د. عايدة وأشدّ على يديك قدما وإلى الأمام.
د. عايدة فحماوي وتد/ قراءات في “هواجس” للكاتبة عايدة نصر اللّه
منذ التّصميم البصريّ للغلاف تنتاب القارئ هواجس ملوّنة بدرجات الأحمر الممتدّ، تنبلج من عتمة سحيقة كعتمة رحم أو فضاء غير مطروق، وفوقها خُطّ عنوان “هواجس” كأيقونة تعادل دلاليًّا أركولوجيا الذات (علم الآثار) الّتي تمارسها الكاتبة عايدة نصر اللّه في قراءة الوجود من حولها، وتحفر عميقًا في انحناءات الذات في واقعها وطيشها ونضجها، ومن خلال هواجس تترجم قلق الحضور في زمن كلّ ما فيه ينبئ بالغياب والتّشظّي والمحو، وتترجم قلق الغياب في زمن الحضور الفائض عن الحاجة.
جانريًا ينبئنا العنوان الفرعيّ بأنّنا أمام “مجموعة قصصيّة” لنكتشف بين طيّات النّصوص عبورًا نحو لوحات أو ومضات تسير بين قصيدة النّثر وسرديّتها اللّا-واعية وبين سرديّة الحبكة القصصيّة فنقرأ بوضوح نفَسَ الشّاعرة في قلم القاصّة كما في (ص66): “هو يسهر، ويركب درّاجته وسط اللّيل بينما أشيائي المكوّمة تنتظر من يرتّب فوضاها، يطرق الباب أفتح الباب فأرى ظلّه. أغلق الباب فأرى ظلّه”
تتّكئ هواجس عايدة نصر اللّه على اليوميّ والوجوديّ كما على السّياسيّ المجتمعيّ والإنسانيّ الجندريّ، وتخترقه في ذات الوقت نحو تشكيلة تجعل من الهواجس مجتمعة مقولةً تتمرّد على ذلك كلّه، وتتيح التّأمّل في القديم وفي الجديد، في المألوف والمكرور وفي المحدث والمبتكر، ففي قصّة “الشّيء” نعثر على كورونا دون أن تسميه، ونعثر على مخاوفنا الّتي فاضت عن حاجتنا للخوف: “أمسح العلبة مئات المرّات، وأطرد حفيدي من البيت، فيبقى حفيدي محدقًا في جدته الّتي كانت تضمه حتّى تسحقه حبا، والان تزجره من بعيد وتركّب بابا إضافيا” (ص 21)
هواجس سياسيّة نتأمّلها في قصّة “موقف في مطار كازا” الّتي تكاد تضلّل القارئ وتجعله يصدّق الرّاوي في وهم “العيش المشترك” و”حياة بلا عقد الدّيانات والقوميّات” فيصدم القارئ رأسه بغته مع الرّاوي (ص 27): “وما أن وصلنا مطار بن غوريون، حتّى أخرجوني من الصّورة وقطّبوا وجوههم في وجهي، فمُسح ذلك المشهد الجميل من ذاكرتي”، وفي الاتّجاه الآخر تصف نصر اللّه في “حبل غسيل” صورة استعاريّة للأم الثّكلى في مخيّمات اللّجوء كلّ لجوء، حين يُستشهد الأبناء واحدًا تلو الآخر فتنقص الملابس المعلّقة على الحبل إلى أن لا يبقى لها سوى ثيابها، وينهار المخيّم على أصحابه: “في حي محشور بين أزقة مخيم قد صدئت جدرانه احتارت مريم أين ستنشر غسيل أولادها السّبعة. مدّت حبلا إضافيًا في ساحة البيت […] تلك الملابس ما لبثت أن تناقصت فاستغنت مريم عن حبل الغسيل الّذي نصبته، لم تعد تحتاج له، ومشت وحدها في الضّياع” (ص 76)
جرأة عايدة نصر اللّه في هواجس تكشف الغطاء عن “النّفاق الاجتماعيّ” المتأصّل في مجتمعاتنا فتصوّر بحذق تلك المرأة الّتي “اختارت أن تقوم بدور الملاك كالّذي يكلّف في الآخرة بتسجيل السّيّئات”، تلك المرأة المسكينة الّتي “تتذمّر لضيق الوقت، لكثرة انشغالها بتسجيل عيوب وآثام غيرها” (ص 65).
ولا يغيب عن عايدة نصر اللّه تصويب سهامها السّاخرة اللّاكزة الواكزة في خاصرة أشباه المثقّفين وأشباه الشّعراء كما في قصة “شاعر” وجامعي “اللّايكات” في صفحات التّواصل كما في قصّة “تعليقات” أو في خاصرة سارقي النّصوص والأفكار كما في “كاتب بارع : “مهنته أن يتواصل مع الكاتبات، ويحثّهن على الكلام، حتّى إذا برزت جملة خاصة من إحداهن تلقّفها بسرعة البرق، وقبل أن تصحو من نومها نشرها في اليوم التّالي كقصّة قصيرة جدًّاجدًّا” (ص 79).
كما يحضر لدى عايدة نصر اللّه الهاجس الجندريّ داخل النّسيج الاجتماعيّ، كما في قصّة “مساواة” حيث الزّوجة نسخة كربون عن الزّوج، وكما في “حكاية” الّتي تبدو فيها حكاية البنت والولد عاشقي الرّمان محكومة بالانتهاء، واختلاف المصائر، فبعد أن تتعثّر البنت بالحجر الأسود، يسبقها الولد ويتخمّر رأسه من أكل الرّمّان ولا يعود يعرف البنت، أمّا هي فتعلّق خيطًا من قشر الرّمّان لتحفر في ذاكرتها قصّة تعثرّها الأول.
بلغة مقتصدة، مكثّفة، منتقاة بعناية، شفّافة واستعاريّة في آن واحد، متخفّفة من أحمال البلاغة التّقليديّة غير الضّروريّة، مستعيضة بحساسيّة الفنّ التّشكيليّ حينًا، وبشيء من الإيرونيا المطعّمة بأشكال السّخريّة المختلفة حينًا آخر، تجسّد عايدة نصر اللّه هواجسها للقارئ، ناضجة ومفتوحة على الدّلالات، عابقة بالواقع من حولها، لكنّها ملتحفة بجماليّة تجعلها مرتفعة عن الأرض، حيث المنجز النّصيّ يُبقي الباب مواربًا، سطحًا وعمقًا، لقارئ سينبش فيه كلّ مرّة من جديد؛ فيغترف منه المزيد.
مداخلة د. عبد النّاصر جبارين: “هواجس” / عايدة نصر اللّه
في البدءِ كانَ الكلمةُ. بتلكَ الكلمةِ خَلَقَ اللّهُ السّماواتِ والأرضَ وما بينَهما. بتلكِ الكلمةِ كانَ ويكونُ وسيكونُ أمرُ اللّهِ بَيْنَ الكافِ والنّون… وبتلكَ الكلمةِ أَضحَتْ ميثاقًا غليظًا بينَ الزّوجِ وزَوْجِهِ؛ وبتلكَ الكلمةِ أَشْرَقَ نورُ الوجودِ بعدَ أَنْ كان عَدَمَا في حيِّزِ التّوْهِ والْبَوْهِ- كما جاءَ في العهدِ القديمِ، وكما نَصَّ عليه الوحيُ الكريمُ في مُحْكِمِ التّنزيلِ.
الحفلُ الكريمُ، لعلَّكم تَسْأَلُونَ وَتَتَسَاءَلُونَ وَتُسَائِلُونَ: ما بالُ “الكلمةِ” في فضاءِ هذه المناسَبةِ؟ وما ارتباطُها وعلائقُها بتلابيتِ حكايتِنا في هذه المداخلةِ في كتاب “هواجس”؟
أُجْمِلُ المقالةَ فأقولُ: ما سُمِّيَتِ الكلمةُ كلمةً إلَّا لِأَنَّها تؤثِّرُ وتأخذُ حَيَّزًا ومكانًا في الوجودِ والأُفُقِ الزّمانيِّ والمكانيِّ. إِذَنْ، فالكلمةُ والكلامُ والكَلِمْ هو الأَثَرُ والتّأَثُّرُ.
وبهذا المعنى: “الهواجسُ” أوّلًا وأخيرًا كلماتٌ… ألفاظٌ… عباراتٌ… شطحاتٌ تَجيشُ بها النّفْسُ الإنسانيّةُ (طبعًا بالمعنى الصّوفيِّ وهو معنًى إيجابيٌّ). واستنادًا إلى هذه الرّؤى والدّلالاتِ؛ بوسْعِنا أن نَلْحَظَ أهمّيّةَ الكلمةِ في حياتِنا، ولولاها لَمَا كُنًّا أصَلًا في هذا الوجود.
أمَّا قَبْلُ، فكلُّنا فخرٌ وافتخارٌ بما تَنْتِجُهُ المرأةُ العربيّةُ، وبما تَصُوغُهُ تلك الأناملُ بصوتٍ أنثويٍّ له حيِّزُهُ ودَوْرُهُ القائمُ والرّاسخُ بذاتِهِ؛ فالمرأةُ لَيْسَتْ نصفَ المجتمعِ بهذا التّصوُّرِ؛ بل هي (كضمير شأنٍ للتّأكيدِ) المجتمعَ كلَّهُ؛ لأنّها تَرْسُمُ ذاتَها وذواتَها بريشةٍ تَثْوي وراءَها الرّجلَ والمرأةَ، الطّفلَ والطّفلةَ، الولدَ والبنتَ، الشّابَّ والشّابَةَ؛ فَهُنَّ شقائقُ الرّجالِ وقياسًا عليه- كما تذهبُ إلى هذا روحُ اللّغةِ ودلالاتُها وكُثْرٌ مِنَ المفسِّرين- فالرّجالُ شقائقُ النّساءِ.
كم نسعدُ ونَهَشُّ ونَبَشُّ حينَما نقرأُ هنا وهناك أنَّ كاتبةً أو شاعرةً أو أديبةً أَصْدَرَتْ كتابًا أو مجموعةً قصصيّةً أو شعريّةً، ولا تَقِلُّ سعادتُنا عن صاحبِها؛ ذلك لأنّنا في مسيسِ الْحَاجَةِ إلى أقلامِ المرأةِ في بلدنا الحبيب أمّ الفحم خاصّةً ومجتمعِنا العربيِّ عامّةً. وما مِنْ شَكِّ في أنَّ المجتمعاتِ المتقدّمةَ تمتازُ بهذه الأطاريحِ والْمِنَصَّتاتِ. ولا نقولُ متقدَّمةً؛ لأنّ تاريخَنا خالٍ من ذلك. إطلاقًا. إنّما هو بثُّ هذه الرّوحِ وهذا النّبْضِ؛ فعلى امتدادِ التّاريخِ الإسلاميّ والعربيّ- وهذا ما يؤكِّدُهُ المؤرِّخون- كانَتِ المرأةُ هي ذاتَ الأَثَرِ البَيِّنِ في نقلِ المعرفةِ والعلومِ بشتّى مجالاتِها، وبالتّالي تأثيرُ ذلك (أيْ تأثيرُ المرأةِ والمنتوجِ النّسائيِّ [أو النّسْويِّ] في الموروثِ الثّقافيِّ والحضاريِّ؛ فَحَسْبُنا مِنْ أنَّ الفقهَ الإسلاميَّ بغزارتِهِ وأصولِهِ وتفريعاتِهِ وَصَلَ إلينا بالكثيرِ الكثيرِ منه عن طريقِ امرأةِ: إنّها عائشةُ- أمُّ المؤمنين- رَضِيَ اللّهُ عنها. والأمثلةُ والنّماذجُ في تاريخِنا زاخِرةٌ ثَرَّةٌ.
إِذَنْ لم تكنِ المرأةُ بمنأى عَنِ الحضارةِ العربيّةِ؛ فها هي ذي تَماضُرُ بنتُ عمرٍو الخنساءُ؛ الشّاعرةُ والإنسانةُ تتصدَّرُ لونًا من ألوانِ الأدبِ، وتعتلي رُكْنًا مِنْ أركانِ الشّعْرِ العربيِّ؛ كيفَ لا! والشّعْرُ ديوانُ العربِ. كيفَ لا وقَدْ شَهِدَ ابنُ حجرٍ العسقلانيُّ (شارحُ صحيح البّخاريّ) بأنَّ الخنساءَ- على حَدِّ قَوْلِهِ: أَشْعَرُ امرأةٍ في التّاريخِ لَمْ يسبقْها أَحَدٌ، ولَمْ يَلْحَقْها أَحَدٌ”.
الحضورُ الكرامُ، ما مِنْ شكِّ في أنَّ الحديثَ والتّعقيبَ على ما أنَتْجَتْهُ الكاتبةُ د. عايدة نصر اللّه في كتابها “هواجس” يستدعي وَقَفَاتٍ مُطَوَّلَةً، ولَنْ تُسْعِفَني خَمْسَ عَشْرَةَ دقيقةً وبعضُ الدّقَيْقَاتِ أَنْ أُعَرِّجَ على مَا جاءَ فيه إنّما هي شَذَرَاتُ الْعِقْدِ وغَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ؛ سأَتَوَقَّفُ خلالَها عِنْدَ بعضِ الملاحظاتِ السّريعةِ والمذاكراتِ الْعَجِلَةِ في هذا الكتابِ.
أَوَلًّا، العنوان:
بادِئَ ذي بَدْءٍ، سأَقْرأُ عليكم ما جاءَتْ بَهْ المعجماتُ العربيّةُ المختلفةُ وذَكَرَتْهُ في تفسيرِ معنى “هواجس”. وأَظنُّ أنَّهُ لَيْسَ مِنْ مندوحةِ الكلامِ أَنْ أَعْرِضَ عن هذا الأمرِ لا لشيءٍ سوى أَنْ أَبْحَثَ تلكَ الجوانبَ الدّلاليّةَ (Semantics) والاشتقاقيّةَ – التّأثيليّةَ (Etymology) وهو ما تَقْتَضيهِ أَدَوَاتُ البحثُ العلميُّ في مجالِ علم اللّسّانيّات (Linguistics). وأيْضًا بهدفِ أنْ أَسْتَرْعِيَ انْتِبَاهَكُمْ، وأَفْتَحَ لَكُمْ مِسَاحَةً في التّفكيرِ والتّأمُّلِ في العنوانِ “هواجس” وأَتْرُكَ لَكم حريَّةَ القرارِ. فأنتمُ القرّاءَ (على الاختصاصِ [أَخُصُّ القرّاءَ]) صَانِعُو النّصِّ مِنْ جديدٍ، وشُرَكاءُ في خَلْقِ هذا النّصِّ، وهذا ما يُسَمَّى في النّظريّاتِ الأدبيّةِ وفي مصطلحاتِ الحقلِ المعرفيّ للأدبِ “إعادةِ الكتابةِ” (Re-writeable Text) بَعْدَ مرحلةٍ سابقةٍ له وهي “إعادةِ القراءةِ” (Re-readable Text). بكلماتٍ أُخَرَ: نتحدَّثُ عَنْ إعادَةِ تشكيلِ المعنى وفكرةِ النّصِّ كما أشارَ إلى ذلك رولان بارت (Roland Barthes) الفيلسوف واللّغويّ والنّاقد والأديب الفرنسيّ.
(جَاءَ في معجمِ “لسان العرب”، و”تهذيب اللّغة”، و”تاج العروس”، و”المعجم الوسيط” وغيرِها من المعاجم) أنَّ المادّةَ اللّغويّةَ “الهاء، والجيم، والسّين) [هَجَسَ] تحملُ دلالاتٍ مختلفةً. نقولُ: هَجَسَ ويَهْجُسُ ويَهْجِسُ، هَجْسًا، فهو هَاجِسٌ، واسمُ المفعولِ مَهْجُوسٌ. وهُواجِس هي جمعُ “هاجِس”. هَجَسَ فلانٌ فلانًا عَنِ الأَمْرِ: رَدَّهُ عَنْهُ. هَجَسَ الأَمْرُ في نَفْسِي: أَيْ خَطَرَ، وظَهَرَ لي باطنيًّا، وخَطَرَ بَبَالِهِ. وَالْهَجْسُ: هو الصّوْتُ الخفيُّ يُسْمَعُ وَلَا يُفْهَمُ. وتأتي كلمةُ “الهَجْسُ” كذلك بمعنى: “كُلُّ ما يَدُورُ في النّفُسِ مِنَ الأَحاديثِ والأَفْكَارِ. تقولُ العربُ: اِشْتَدَّتْ بِهِ الْهَوَاجِسُ: أيْ مَا يَخْطُرُ مِنْ أَفْكَارٍ أَوْ صُوَرٍ بِبَالِ الْإِنْسَانِ نَتِيجَةَ قَلَقٍ أَوْ حَيْرَةٍ أَوْ هَمٍّ أَوْ تَخَوُّفٍ مِنْ شَيْءٍ ما. ونقولُ في كلامِنا الفصيحِ: اِسْتَبَدَّ بهِ هَاجِسُ اللّيْلِ: أيْ ذلك الْخَاطِرُ الّذي يَجُولُ بِبالِ الْمَرْءِ قَبْلَ النّوْمِ وَبِالأَخَصِّ عِنْدَمَا يَكُونُ بِهِ قَلَقٌ أَوْ حَيْرَةٌ..
إِذَنْ… هَيَّا لِنَتَخَيَّل مَعًا ما مقصودُ العنوانِ ودلالاتُهُ.
وحينَما نقرأُ الكتابَ نُلاحِظُ أنَّ الكاتبةَ كانَتْ مُحاطَةً بهالةٍ مِنَ الهواجسِ، تَعُجُّ مفرداتُها وحكاياتُه وذكرياتُها بتلكَ الهواجسِ؛ فنراها- على امتدادِ الكتابِ كُلِّهِ، تُعَبِّرُ عنها على نَحْوِ السّذاجةِ، والتّكاسُلِ، والْمَلَلِ، والْهُوِيَّةِ، والرّائحةِ، والصّوْتِ الممنوعِ، والغيابِ، والأشباحِ، والاختيارِ، والنّجاحِ، والّتيهِ، والسّياقةِ، والإشارةِ، والمساواةِ، والاقتحامِ، واللّغةِ، والتّفَرُّدِ، والِانْهِيَارِ، والتّذمُّرِ، والسّياسيِّ، والدّرْوَشَةِ، والصّورةِ، والْهُدِنَةِ، والْقَتْلِ، والأَثَرِ، والْخَوْفِ، والصّدْمَةِ، والْهَمَسَاتِ، والتّأْبينِ، والْمَوْتِ، والْمَنَامِ.
كانَتِ الكاتبةُ مُوَفَّقَةً توفيقًا بالِغًا في اختيارِ العنوان. “هواجس”… بما فيه من دلالاتٍ ومعانٍ وإيحاءاتٍ وتكثيفٍ. يرى الباحثُ فوزي الهنداوي أنّ العنوانَ يُعَدُّ مِنْ أَهَمِّ العَتَبَاتِ النّصّيّةِ الموازيةِ المحيطةِ بالنّصِ الرّئيسِ والمركزيِّ، حَيْثُ يُسْهِمُ في توضيحِ دلالاتِ النّصِّ، واسْتِكْشَافِ معانيهِ الظّاهرةِ والْخَفِيَّةِ فهمًا وتفسيرًا وتفكيكًا وتركيبًا. فالعنوانُ هُوَ المفتاحُ الضّروريُّ لِسَبْرِ أغوارِ النّصِّ، والتّعَمُّقِ في شِعَابِهِ التّائِهَةِ، والسّفَرِ في دَهَاليزِهِ الْمُمْتَدَّةِ.
كما أنَّ العنوانَ- كتوصيفٍ دي سيسوريِّ وسيميائيٍّ (Semiology Semiotics) هو الأداةُ الّتي يتحقّقُ بها اتِّسَاقُ النّصَّ وانْسِجَامِهِ، وبها تَبْرُزُ مَقْرُوئِيَّةِ النّصِّ، وتَنْكَشِفُ مَقَاصِدُهُ المباشَرَةُ وَغْيِرُ المباشَرَةِ. في ضوءِ ذلكَ يَرَى بعضُ الباحثينَ أَنَّ النّصَّ (Text) هو العنوانُ (Title)، والعنوانُ هُوَ النّصُّ، وبَيْنَهُمَا علاقاتٌ جَدَلِيَّةٌ وانْعِكاسِيَّةٌ، أوْ علاقاتٌ تَعْيينِيَّةٌ أو إيحائيّةٌ، أَوْ علاقاتٌ كُلِيَّةٌ أو جُزْئِيَّةٌ.
ثانيًا: اللّغة:
وعلى صعيدٍ آخَرَ؛ أَجِدُني أَلْمَحُ في هذا العملِ الإبداعيِّ لغةً (بَيْنَ مُزْدَوَجَيْنِ) لغةً “إدريسيّةً” تُزاوِجُ بَيْنَ الفصيحِ والمحكيِّ، وبَيْنَ الحالِ والمقالِ، ويتماهى فيه هذه المشاهدِ الرّائي والْمَرْئِيُّ، ولا أدري إنْ كانَتِ الكاتبةُ متأثِّرةً بهذا النّمَطِ مباشَرَةً مِنَ القاصِ الفذِّ يوسف إدريس، ولَيْسَ هذا محلُّ للسّؤالِ بِقَدْرِ ما أَوَدُّ أنْ أَلْفِتَ الأنظارَ إليهِ، على الأقلِّ- كمعيدٍ للقراءةٍ.
عِنْدَما كانَ يُسْأَلُ يوسف إدريس: لِمَاذا تَكْتُبُ بهذه اللّغةِ (الفصيحة والمحكيّة الْمِصريّةِ) فكانَ يُجيبُ ويؤكِّدُ أنَّه يكتبُ بـ”اللّغةِ الثّالثّةِ” (هكذا أسماها [اللّغة الثّالثّة]) وهي في عُرْفِهِ “لغةُ الحقيقةِ” أيْ تلكَ اللّغةُ الّتي تَعْكِسُ الواقعَ الْمَعِيشَ؛ وبالتّالي تتطابقُ اللّغةُ الفصيحةُ مَعَ لغةِ المثقَّفِ والمتعلِّمِ، وتتطابقُ اللّغةُ المحكيّةُ (ولا أقولُ اللّغةُ العاميّةً) مَعَ لغةِ المواطنِ البسيطِ، مَعَ الفلّاحِ والمزارعِ والعامِلِ والبائعِ. كما أنّها- كما يؤكِّدُ كثيرٌ مِنَ الباحثينَ- لغةٌ تَرْسُمُ تفاصيلَ المجتمعِ بكلِّ ملامحِهِ وتجلّياتِهِ وبكلِّ أطيافِهِ وشرائِحِه.
وكذلك- أَجِدُني أَتَحَسَّسَ فيما وَظَّفَتْهُ الكاتبةُ في هذا العملِ الأدبيّ. ليس ها هنا المجالُ للحديثِ تلكَ السّجالاتِ والخلافاتِ بَيْنَ أنصارِ الفصيحِ والمحكيّ، ولكنّي- كقارئٍ وكباحثٍ- أَنْظُرُ إلى النّصِّ كما هو محاوِلًا وَصْفَهُ بشكلٍ موضوعيٍّ وذا صلةٍ وارتباطٍ.
فأقولُ: إِنَّ اللّغةَ تَشي عَنْ ذاتِها بذاتِها، وتَبوحُ بأسرارِها بِسِرِّها؛ فمواطنُها وتخومُها لَيْسَتْ على مرافئِ الحقيقةِ المطلقةِ؛ بَلْ تَنْحُو لغةُ الكاتبةِ إلى التّوريةِ، والتّعريضِ، والتّشخيصِ، والاستعاراتِ التّمثيليّةِ، والكناياتِ الْمُنْسَرِحَةِ على ضفافِ المجازِ، وكأنّها- أَعْني الكاتبةَ- تُخْبِرُنا عَنْ سِرِّ بِسِرٍّ، وعَنْ حقيقةٍ بحقيقةٍ؛ ويْكَأنَّهُ لا مَفَرَّ مِنَ التّساؤلِ عَنْ مَقَاصِدِها الدّلاليّةِ والسّياقيّةِ والسّيميائيّةِ والْقَرَائِنِيَّةِ.
ثالثًا: الألوان والأطياف:
استمرارًا لِمَا ذُكِرَ آنِفًا، فإنَّ لغةَ الكاتبةِ في هذا الإنتاجِ الأدبيّ تتزاحَمُ فيه المظاهرُ والظّواهرُ؛ فتَتَهَادَى الكلماتُ في التّوْصيفِ والْوَصْفِ وتَتَمايَلُ. ولكنّي أستطيعُ أنَّ أَلْمِسَ بكلِّ وُضُوحٍ وَجَلاءٍ تلكَ اللّغةَ الدّافِقَةَ بكلِّ لونٍ تريدُهُ: الأبيضُ للفرحِ، البهجة، الانتشاء.. والأسودُ للحزنِ، خيبةِ الأملِ، الغضب، والْبُنِيَّةُ للحَيْرِةِ والتّخَبُّطِ والدّهشةِ، والأصفرُ للتّأرجُحِ، التّلوُّنِ، التّكتُّمِ وعدمِ الاستقرارِ… وغَيْرِها مِنْ ألوانِ الكلماتِ والمفرداتِ، والذِّكْرى والذِّكْرَيَاتِ.
إنّها كلَّها قُبَّعاتٌ يَعْتَمِرُها المرءُ مِنَّا في المجتمعِ، كلٌّ مِنَّ، وتُصِرُّ الكاتبةُ (بالصّاد) وتُسِرُّ (بالسّين) على هذا الموقفِ؛ إذْ لَمْ تَعُدِ اللّغةِ بألوانِ ذواتِها وشخوصِها حياديّةً. إنّها قُبَّعاتٌ مِنَّا مَنْ تكونُ سَجِيَّةً لَهُ، مِنَّا مَنْ تكونُ بإرادتِهِ، مِنَّا مَنْ تكونُ رَغْمًا عَنْهُ، ومِنَّا مَنْ تكونَ تَكَلُّفًا منه؛ لِيَتَماشَى مَعَ هذا التّيّار أو ذاكِ؛ فيَرْقُصَ على كُلِّ دُفٍّ، ويَعْزِفُ على كُلِّ قيثارةٍ. أتساءَلُ- كباحثٍ- أهيَ مُسْتَقاةٌ مِنْ نظريّةِ “قُبَعَّاتِ التّفكيرِ السّتّ” (Six Thinking Hats) لإدوارد دي بونو (Edward de Bono) أمْ هي (في منظورِ الفكرِ الصّوفيِّ) حالةٌ مِنْ حالاتِ التّجلّي؛ الّتي تطمحُ إلى التّخَلِّي على أَمَلِ التّحَلِّي؟! أمْ هي (مِنَ منظورِ الفكرِ الاجتماعيّ والإنثروبولوجيِّ الخلدونيّ [ابن خلدون]) حالاتٌ لا استقرارَ فيها، كَشَأْنِ الذِّكرياتِ الْمُتَأَرْجِحَةِ والْمُتَأَجِّجَةِ؛ شَأْنِ كلِّ قلبٍ خافقٍ، وكلِّ إنسانٍ حالِمٍ. إنّها حالةُ ارتقاءٍ يُقابُلُها تَرَدٍّ، حالةُ صُعُودٍ يُقابلُها انْكِسارٌ وانْحِدارٌ، حالةٌ تمَدُّنٍ وتَحَضُّرِ وَرِقَّةٍ وتُقابلُها قَبَلِيَّةُ وَوُعُورةٌ وَخُشُونَةُ؟ أسئلةٌ وأخرى- لا يتّسعُ المجالُ لذكرِها إِذْ لا نَبْتَغي مِنْها الإجابةَ بِقَدْرِ ما تتدافَعُ فينا المشاهدُ تِلْوَ المشاهدِ في هذا العملِ الأدبيّ.
وأخيرًا ولَيْسَ آخِرًا، عايدة نصر اللّه بهواجِسِها هي بِنْتُ الْبَلَدِ… الطّفلةُ والمرأةُ، الزّوجةُ والأمًّ. بِنْتُ الْبَلَدِ: شَاهِدةٌ على عصريْنِ أو أكثر. بِنْتُ الْبَلَدِ الّتي تُحَرِّكُها الذّكرياتُ الْخَوَالي، ويَهَزُّها الحنينُ- بِحُلوِّهِ ومُرِّهِ، بِقَضَّهِ وقَضِيضِهِ، بَعُجْرُمِهِ وبُجْرُمِهِ- يَهُزُّها إلى أنْ تَخْتَفيَ وتَظْهَرَ، تَصْمُتُ وتَصْرُخُ، تَرْسُمُ و”تُشَخْبِطَ” [بلغةٍ إدريسيّةٍ محكيّةٍ] بِرُتُوشٍ تَشْكيليّةٍ قابِلَةٍ لتأويلاتٍ كثيرةٍ ومتعدّدةٍ.
وخِتامًا، زميلتي الدّكتورة عايدة، كما تعرفين مِنْ نظريّاتِ الأدبِ وعِلْمِ النّصِّ؛ لَمْ يَعُدِ النّصُّ مِلْكَكِ ومُلْكَكِ بَلْ أَصْبَحَ الآنَ للقارئِ؛ يَتَصَرَّفُ به وَفْقًا لِفَهْمِهِ ومُدْرَكاتِهِ يُنِيطُ اللّثامَ عَنْهُ فيَغْدُو بذلك نَصًّا مُتَجَدِّدًا ديناميًّا. نُبارِكُ لَكِ هذا الإنتاجَ الأدبيّ؛ راجينَ أنْ تسوقَ إلينا مُسْتَقْبَلًا سحائبَ أدبيّةً فتُمْطِرَ عَمَلًا راقيًا سَامِقًا يَسْتَحِقُّ القراءةَ والإنعامَ، ودَاعِينَ لها بالتّوفيقِ والنّجاحِ والسّدادِ في الْمُضُيِّ قُدُمًا بإذنِهِ تعالى.
أَشْكُرُ لَكُمْ حُسْنَ الاستماعِ… ومرّةً ثانيةً شكرًا لكم على دعوتي لهذه المناسبةِ، وإلى لقاءٍ آخَرَ إنْ شاءَ اللّهُ.
د. عايدة فحماوي وتد:
خريجة قسم اللّغة العربيّة وآدابها بدرجة امتياز من جامعة حيفا، هي باحثة في الأدب الحديث، لها عدّة أبحاث ودراسات محكّمة في مجال الأدب الحديث والأدب الفلسطينيّ، باللّغة العربيّة والعبريّة والإنجليزيّة وشاركت في عدّة مؤتمرات محليّة ودوليّة.
من أهمّ مؤلفاتها كتاب “في حضرة غيابه: تحوّلات قصيدة الهُويّة في شعر محمود درويش”، ويعدّ أوّل بحث من نوعه يدرس تحوّلات الهويّة الفلسطينيّة من منظور سنخروني ودياخروني عبر الأدب. نُشرت مقالتّها الأخيرة بالإنجليزيّة حول أدب محمود شقير (2021) تحت عنوان “كتابة الفلسطينيّ داخل القفص الغلق المفتوح”:
“Palestinian Writing, Inside A Closed-Open Cage: Mahmoud Shqair”.
تعمل كمحاضرة كبيرة في أكاديميّة القاسمي، وأشغلت عدّة مناصب منها رئيسة قسم اللّغة العربيّة، مستشارة رئيس الأكاديميّة لتمكين المرأة، وعميدة الطّلبة. أسّست عام 2017 المشروع الأكاديميّ الجماهيريّ نادي قرّاء “أكثر من حياة”، هذا النّادي ترك أثرًا جماهيريًّا ودوليًا ثقافيًا واسعًا من خلال نشاطاته ومؤتمراته الدّوليّة ومنصّته الفكريّة للحوار، فاستضافت من خلاله مجموعة كبيرة من الباحثين والأدباء العرب والفلسطينيين (عن قرب وعبر سكايب).
حصلت على جائزة ميلر للأدب من جامعة حيفا، وكونها واحدة من المحاضرين في حياة الطّالب الجامعيّ في الجوانب الفكريّة والأخلاقيّة والمهنيّة، فقد حصلت عام 2020 على وسام “المحاضرة الملهمة” في مؤسّسات التّعليم العالي في البلاد من قبل رابطة اتّحاد الطّلبة الجامعيين القطريّ ضمن أفضل عشرة محاضرين ملهمين في مؤسّسات التّعليم العالي على مستوى الدّولة.
باحثة في الشّعر الحديث، والفكر والأدب الفلسطينيّ، ودراسات الهويّة، وكتابات النّساء. أصدرت عدّة أبحاث مائزة في
هذا الإطار.
د. عبد النّاصر جبارين:
يعمل محاضرا في مجال النّحو العربيّ، واللّسانيّات، ونحو النّصّ، والدّراسات القرآنيّة بجامعة حيفا وعدّة كلّيّات في البلاد. له مؤلَّفات ومقالات عالميّة مُحكَّمة في مجال العلوم النّحويّة واللّسانيّة.
انخرط في دراسة ما بعد الدّكتوراه في جامعة كولومبيا – نيويورك في الولايات المتّحدة الأمريكيّة في بحث ما يُسَمَّى بـ”تجديد النّحو العربيّ بين الموجود والمنشود وأثر ذلك في تدريس قواعد اللّغة العربيّة”، وسيصدر له كتاب باللّغة الإنجليزيّة قريبًا في هذا الصّدد إن شاء اللّه.
حائز على جائزة المحاضر المتميِّز بجامعة حيفا، وله مبادرات ومشاركات بحثيّة وتدريسيّة في كلّيّات ومعاهد مختلفة في البلاد كالقاسميّ وبيت بيرل ومعهد موفيت وفان لير.
د. نادر مصاروة:
رئيس قسم التّعليم والتّعلم في الدّراسات العليا، ورئيس المسار فوق ابتدائي في أكاديميّة القاسمي، ومحاضر في الجامعة العبرية في القدس، وفي معهد إعداد المعلمين بيت بيرل مؤخرًا.
من اصداراته “شعر العميان” صدر عن دار الكتب العلميّة في بيروت، وكتاب “مقامات العباس” عن دار الهدى- كفر قرع، وله العديد من المقالات والدّراسات الأدبيّة في مجلات مختلفة في بيروت وبغداد وعمان، ومقالات باللّغة الانجليزية نشر منها في ألمانيا وجامعة كامبردج في لندن والولايات المتحدة. حاصل على درجة محاضر كبير من مجلس التّعليم العالي، وينتظر قريبا الحضول على درجة بروفيسور.. ألف مبارك سلفا.
عايدة نصراللّه:
من مواليد أم الفحم (1956). كاتبة مسرح، قصّة قصيرة، شعر، فنّانة تشكيليّة وناقدة فنّيّة. تُرجمتْ “مسرحيّة نشيج السّبحات”، وعدّة قصص وبعض الأشعار للعبريّة، ونشرت في مجلّة غاغ، وجريدة هآرتس ومجلّة غرناطة العالميّة.
معظم كتاباتها نشرت في صحيفة الاتّحاد، مجلّة الجديد، مجلّة اتّحاد الكتّاب العرب “48”. ومجلّة الغد. مثّلت مسرحيّاتها كمسرح قرائيّ في شيكاغو، أيوا، نيويورك ومسرح تسافتا في تل أبيب. شاركت في مؤتمرات عالميّة حول الأدب والفنّ داخل البلاد وخارجها، وأقامت معارض فنّيّة مَحَلّيًّا وعالميًّا. نشرت عشرات المقالات النّقديّة في مجال الفنّ الفلسطينيّ، المسرح، والأدب في العربيّة والعبريّة والإنكليزيّة، وقدّمت لعشرات الكتالوجات الفنّيّة لفنّانين وفنّانات فلسطينيين.
الكتب (2020). عزيزي من وراء البحار، بالعبرية، تل أبيب: دار جاما للنّشر. (2019). أيامي مع مليكة، طنجة: دار نشر الأخوين سليكي. (2019). ألوان من الحبّ، تل أبيب: دار جاما للنّشر. (2017). مهد من ورق الشّجر، عمان: دار ناشرون الآن. (2012). حفنات، كفر قرع: دار الهدى.
(2012). أنين المقاهي، كفر قرع: دار الهدى للطباعة والنّشر.
(2014). التّفاعل الفنّيّ الأدبيّ في الشّعر الرّقميّ: “شجر البوغاز” نموذجا الفنّيّ، كلية بيت بيرل، مركز الدّراسات للّغة،
والمجتمع والتّربية. (بالاشتراك مع الدّكتورة إيمان يونس).
(2014). عندما تتكلّم الأمكنة: قاسم مطرود ظاهرة مختلفة في المسرح العربيّ المعاصر. كلية بيت بيرل: مركز دراسات اللّغة والمجتمع والتّربية.
2008. عزيزي من وراء البحار. (رواية) نشرت بالألمانيّة عن دار نشر رومان كوفار. ميونخ.
(2020). أربعون وجه لعبد اللّه. (قصص) عن دار الوسط اليوم للنشر والإعلام. رام اللّه.